مانديلا: من سجين سياسي "مشاكس" إلى أيقونة عصره
٦ ديسمبر ٢٠١٣ولد نيلسون مانديلا في 18 تموز/ يوليو 1918 في منطقة ترانسكاي (جنوب شرق) في قبيلة ملكية وأطلق عليه والده اسم "روليهلاهلا" أي المشاكس الذي يجلب المشاكل. وفي سن مبكرة بدا مانديلا فتى متمردا وأقصي من جامعة فورت هار للسود بسبب خلاف حول انتخاب ممثلي الطلاب.
وفي جوهانسبرغ التحق المحامي الصاعد الذي يعشق النساء والملاكمة، بحزب المؤتمر الوطني الإفريقي وأسس مع أشخاص آخرين رابطة الشباب في الحزب. في عام 1948 تولى مانديلا رئاسة الحزب وأصبح الخصم الأول للسلطة التي تطبق نظام الفصل العنصري. واعتقل الزعيم الإفريقي المعروف باسم "ماديبا" (العظيم المبجل) نسبة إلى اسم قبيلته مرارا، وصدر أول حكم ضده بتهمة الخيانة قبل تبرئته في 1956.
وبعد عام قاد مانديلا النضال المسلح واعتقل وحوكم بتهمة التخريب والتآمر ضد الدولة في إطار محاكمة ريفونيا (1963ـ 1964). وصدر عليه حكم بالسجن المؤبد. يومها أعلن مانديلا مبدأه بالقول "إن مثلي الأعلى كان مجتمعا حرا وديمقراطيا يعيش فيه الجميع مع فرص متساوية (...) إني مستعد لان أضحي بحياتي في سبيل ذلك".
وأمضى مانديلا، الذي قاد نضال السود ضد النظام العنصري الأبيض في جنوب إفريقيا، 27 عاما في السجن من 1964 إلى 1990. وألهم رفاقه في سجن روبن ايلاند قبالة سواحل الكاب (جنوب غرب) وفي السجون الأخرى. واعتبارا من 1985 أطلق نظام الفصل العنصري الخاضع لعقوبات دولية والنضال الداخلي المتواصل، مناورات سرية ستفضي لاحقا إلى إنهاء هذا النظام.
ففي 11 شباط/ فبراير 1990 كان "المعتقل الذي يحمل رقم 46664"، أي نيلسون مانديلا، رجلا حرا إلى جانب زوجته الثانية ويني. وعلى الفور تواصلت المفاوضات. وبفضل نجاح المفاوضات مع آخر رئيس لنظام الفصل العنصري فريديريك دو كليرك، حاز الرجلان على جائزة نوبل للسلام في 1993. وفي 27 نيسان/ أبريل 1994 انتخب مانديلا في الدورة الأولى من الانتخابات المتعددة الأعراق وأعلن عزمه على بناء "امة تعيش بسلام في الداخل ومع العالم".
وأضحى نيلسون مانديلا رمزا عالميا للحرية ثم للمصالحة منذ أن خرج من سجون نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. ولخص الأسقف الانجليكاني ديسموند توتو إرث مانديلا بالقول إنه "نجح في أن يحول جنوب إفريقيا دون حقد، ديمقراطية مستقرة متعددة الأعراق". ووصفه قائلا: "إنه أضحى رمزا عالميا للمصالحة". وشكل مانديلا لجنة الحقيقة والمصالحة التي تولى رئاستها توتو وأصبحت نموذجا يطبق في الدول التي تشهد انتقالا سياسيا وأعمال عنف رغم الانتقادات بأنها غير مثالية لدى نشر تقريرها في 1998 بعد المئات من جلسات الاستماع.
ونجح مانديلا في أن يكسب مودة البيض لأنه لم يظهر مرارة لكل السنوات التي أمضاها خلف القضبان. وفي 1998، في اليوم الذي احتفل فيه بعيد ميلاده الثمانين تزوج مانديلا غراسا ماشيل أرملة رئيس موزمبيق السابق التي تصغره بـ 27 سنة. وبعد سنة استقال من الرئاسة واعتزل السياسة. ولأنه بقي مخلصا للمؤتمر الوطني الإفريقي, رفض اتخاذ مواقف سياسية باستثناء ما يتعلق بمكافحة الايدز. وفي حين كان الحديث عن الايدز محرما، نظم مانديلا في 2003 أول حفلة في سلسلة حفلات موسيقية وأعلن بعد عامين أن ابنه توفي من جراء هذا المرض.
ا.ح/ ع.غ (آ ف ب، رويترز)