ماذا حقق سالفيني من إغلاق موانئ إيطاليا بوجه سفن الإنقاذ؟
١٣ يوليو ٢٠١٩أثار قرار وزير الداخلية الإيطالي سالفيني بإغلاق موانئ بلاده بوجه سفن إنقاذ المهاجرين موجة من الانتقادات، لكن هناك من يؤيد قراره داخل وخارج إيطاليا أيضا. فالمستشار النمساوي السابق سيباستيان كورتس، رأى أنه من الخطأ أن تقوم منظمات إغاثة، مثل "سي ووتش" الألمانية غير الحكومية المعنية بإغاثة لاجئين ومهاجرين بالبحر المتوسط، بنقل مهاجرين تم إنقاذهم إلى أوروبا. وقال كورتس لصحفية "فيلت أم زونتاغ" الألمانية: "إنها لا تثير بذلك سوى آمالا خاطئة، وربما يجذبون بذلك، عن غير قصد، مزيدا من الأشخاص للخطر". وأضاف: "طالما أن الإنقاذ في البحر المتوسط مرتبط بتذكرة إلى وسط أوروبا، سينطلق عدد أكبر من الأشخاص في هذا الطريق". وأشار كورتس إلى أنه فقط إذا أكدت أوروبا أن أي شخص يأتي بشكل غير شرعي، سيتم إعادته إلى موطنه أو إلى دولة العبور، سينتهي غرق المهاجرين في البحر المتوسط.
غير أن لغة الخطاب بين برلين وروما اشتدت بسبب قضية إنقاذ المهاجرين غير الشرعيين عبر المتوسط، خصوصا بسبب تصريحات وزير الداخلية سالفيني، الذي يصر على عدم فتح الموانئ الإيطالية لسفن إنقاذ المهاجرين. بينما يطلب وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر من زميله الإيطالي إعادة التفكير بهذا الشأن. سالفيني نشر على موقع تويتر تغريدة كتب فيها: "الحكومة الألمانية تطلب مني فتح الموانئ؟ إطلاقا لا".
صحيح أن سالفيني، ربما استفاد من خطوته في إغلاق الموانئ، لكن الكثير من المراقبين يرون أن خطواته جاءت بالنفع على جهات أخرى أيضا، بعكس ما كان يتوقع.
ذكر موقع "بيلد" الألماني أن سالفيني يستفيد من مواقفه المعادية لاستقبال المهاجرين لكسب دعم الإيطاليين، حتى أن خطابه الشعبوي ضد المهاجرين هو الذي جعل من حزبه شريكا في الائتلاف الحاكم بإيطاليا. إذ أن 59 بالمائة من موانئ بلاده تؤيد موقفه في عدم فتح الموانئ. بالإضافة إلى أن سياسة وزير الداخلية الإيطالي من حزب "ليغا" الشمال اليميني تلقى قبولا خارج إيطاليا، وبالذات من قبل أنصار حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، الذي يجلس شريكا لحزب "ليغا" في كتلة برلمانية واحدة في البرلمان الأوروبي.
سياسيا، ينتقد وزير الدولة للشؤون الأوروبية في ألمانيا، ميشائيل روت مواقف الوزير الإيطالي، ونقل عنه موقع "بيلد" قوله : إن الإنسانية غير قابلة للتفاوض"، وأنه "يجب مناقشة مواقف سالفيني في المجلس الأوروبي لشؤون السياسات الداخلية". كما أن السياسي الألماني وعضو البرلمان الأوروبي دافيد مكاليستر صرح "أن لغة الوزير الإيطالي مهينة، ستكون موقفه بكل تأكيد موضوعا للنقاش في البرلمان الأوروبي".
صحيح أن سالفيني أغلق الموانئ أمام سفن الإنقاذ لمنع وصول المهاجرين، لكن منظمات الإنقاذ غير الرسمية تتلقى دعما ماليا من خلال التبرعات وسياسيا من الرأي العام، بسبب غلق الموانئ الإيطالية بوجه المهاجرين. فهذه المرة الأولى التي يتظاهر فيها عشرات الآلاف في مدن أوروبية دعما لعمل سفن هذه المنظمات التي تعمل في المتوسط على إنقاذ المهاجرين في البحر. فعمل الألمانية كارولا راكيته أثار ردود فعل واسعة في العالم، بعد أن أطلق سراحها من الإقامة الجبرية في إيطاليا، بعد الاحتجاز إثر إبحارها إلى ميناء لامبيدوزا بالسفينة "سي ووتش3" وعلى متنها 40 مهاجراً، رغم حظر الحكومة الإيطالية لدخولها.
ويرى مراقبون أن مواقف الدول الأوروبية السلبية تجاه قضايا المهاجرين عبر المتوسط وعدم اتخاذ الاتحاد الأوروبي موقفا موحدا، يسمح للشعوبيين ولوزير الداخلية الإيطالي بالذات للاستفادة من خلال إظهار نفسه في موقف حازم تجاه المهاجرين واللاجئين، رغم أنه لم يقدم أي نتائج أو حلولا ملموسة بشأن قضايا الهجرة، حسبما كتبت صحيفة "فرانكفورت الغيمانيه تسايتونغ".
عباس الخشالي/ مهاجر نيوز