ماذا تفعل الشرطة في فرنسا ضد حوادث قتل النساء؟
٣٠ نوفمبر ٢٠١٩تشعر أنيك غوتييه وكأنها حصلت على حكم بالسجن مدى الحياة. تعيش مع فراغ داخلها منذ آذار/ مارس 2017 حين قُتلت ابنتها هيليني بعمر 28 عاما (في الصورة) على يد صديقها السابق بالقرب من مدينة ريمس في شمال شرق فرنسا.
تقول غوتييه: "لقد انفصلوا قبل ستة أسابيع وظل يضايقها منذ ذلك الحين"، مضيفة: "في صباح يوم الجريمة كان ينتظرها في إسطبل الخيل الذي تعمل فيه وحاول أن يقنعها كي تعود علاقاتهما لكن عندما رفضت سحب سكين وطعنها في قلبها ورئتها".
تتذكر غوتييه ابنتها في كل لحظة لكن حقيقة ما حدث بدأ يتلاشى من عقلها. "اعتقد أنه يحاول حمايتي من أن أصل إلى الجنون. لا استطيع تخيل أن لا أرى ابنتي مرة أخرى".
النظام خذل ابنتي
لكن صاحبة الـ57 عاما لا تلوم صديق ابنتها السابق حصريا على كل ما حدث. هي أيضا غاضبة من نظام خذل ابنتها. "قبل أسبوعين من مقتلها اقتحم الجاني منزلها عبر النافذة. كان مقتنعا أنها وجدت شخصا آخر وأراد تخويفها" تقول السيدة المكلومة.
غوتييه أضافت أن هيليني ذهبت حينها إلى مكتب الشرطة للإبلاغ عن تعرضها للتهديد ووجهت الاتهامات لصديقها السابق لكن خرجت باكية. "الشرطة قللت من الاتهامات ولم تأخذها على محمل جد، لم يدركوا الخطر الذي شكله هذا الرجل ولاحقا قررت إسقاط الاتهامات. أنا غاضبة جدا من هذا النظام الأبوي حينما يكون الرجال درع للرجال الآخرين" تحكي السيدة.
أكثر من 130 حادثة قتل للنساء هذا العام
قضية هيليني واحدة من بين أكثر من 130 امرأة قُتلت على يد صديقها، هذا العام وحده في فرنسا. في السنوات الماضية دشنت منظمة "حقوق النساء" التي تدعى "جميعنا" حساباتها على مواقع التواصل، ونظمت عدة فعاليات لرفع التوعية بحوادث قتل النساء آخرها السبت الماضي عندما استلقت عشر سيدات الأرض في قصر الباستيل شرق باريس وبجوارهم مكبرات صوت.
وخرج صوت امرأة من السماعة: "انفصلت عن صديقي وهو يهددني - لقد ترك لي رسالة تقول إنه يريد قتلي"، ليرد صوت رجل يجيب عليها "لكنها مجرد كلمات هل أقدم على إيذائك؟". فترد المرأة "لقد أهانني وضربني بالأمس بعد أن اكتشف أنني قمت بخيانته". "هذا بالكاد مدهش"، هذا ما قاله صوت الرجل مضيفًا أنه يجب على المرأة الاتصال مرة أخرى عندما تشعر بتهديد حقيقي".
تقول كاميل كاراتي عضو منظمة "جميعنا" وواحدة من منظمي الفعالية إن العقلية المرتبطة بالعنف ضد المرأة بحاجة حقاً إلى التغيير، مضيفة: "نحاول تنظيم أكبر عدد ممكن من هذه الفعاليات لإبلاغ الناس حول كيفية انتشار حوادث قتل النساء. أعداد الضحايا ترتفع وكل امراة قُتلت كان يمكن إنقاذها لو اتخذت الحكومة فقط إجراءات أكثر حسماً".
قانون جديد لحماية أفضل للنساء
لكن الحكومة الفرنسية تقول إنها تبنت القضية حيث عُقدت مشاورات استمرت أسابيع مع الجمعيات وعائلات الضحايا في جميع أنحاء البلاد لإعداد قانون جديد لحماية النساء بشكل أفضل.
"الحكومة تتعاون مع المشرعين من جميع الأطياف، ونحن على استعداد للتحرك"، حسبما قالت فابيان كولبوك عضو حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال جولة في دار رعاية جديد للنساء في مدينة تور.
"ستقدم القواعد الجديدة أساور إلكترونية لإبقاء الرجال العنيفين تحت السيطرة. سيتمكن القضاة من إصدار أوامر اعتقال خلال ستة أيام وسيتم فتح المزيد من دور الرعاية للنساء"، تضيف كولبوك.
"التشريع الجديد يناقشه البرلمان ولم يقر رسميا بعد. المزيد من القوانين يمكن أن تقر اعتمادا على نتائج المشاورات"، وفقا للحكومة.
استراتيجية "حاسمة"
شاركت غوتييه في المشاورات حول القانون الجديد على مستوى البلاد، إذ أكدت أنه بداية جيدة "أنا سعيدة حقًا لأننا نتحدث الآن عن سوار إلكتروني للرجال - لقد نجح هذا بشكل جيد في إسبانيا وعلينا تنفيذه هنا"، تقول غوتييه. لكنها استدركت أن هناك نقطة حاسمة - ربما كانت ستنقذ حياة ابنتها- غير موجودة بالقانون الجديد: تدريب نفسي خاص لضباط الشرطة.
"يجب عليهم النزول من قاعدة التمثال والانصات حقًا إلى النساء اللواتي يطلبن المساعدة. إذا قالت امرأة إنها تشعر بأنها مهددة، فيجب عليهم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتها. نحن نعرف أنه يوجد العديد من النساء الذين ذهبوا إلى الشرطة لطلب المساعدة لكن تم تجاهلهم والآن أصبحوا موتى".
لا تزال غوتييه تأمل أن تغير الحكومة القانون لتضم وحدات تدريب، حتى يتم إنقاذ بعض النساء على الأقل وتجنيب عائلاتهن المعاناة التي يجب أن تتحملها الآن.
ليزا لويس/ م.م