ماذا تعني صفة "الحماية المحدودة" للاجئين في ألمانيا؟
٢٣ نوفمبر ٢٠١٦بعد أن أصدرت عدة محاكم إدارية قرارات لصالح لاجئين فيما يخص حقهم في الحصول على اللجوء بمضمونه الشامل، بما في ذلك حق لم الشمل، فاجأت المحكمة الإدارية العليا في مقاطعة شليزفيغ بولاية شليزفيغ ـ هولشتاين في أقصى شمال غرب ألمانيا بموافقتها على طعن كان المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين قد قدمه ضد حكم لمحكمة ابتدائية بشأن لاجئة سورية طلبت حق اللجوء الكامل، بما في ذلك حقها في لم شمل عائلتها. فماذا يعني قرار المحكمة بالنسبة للاجئين عموما؟ وهل يجوز لهم تقديم طلب لم شمل العائلة، رغم حصولهم فقط على صفة "الحماية المحدودة" والمعروفة تحت مصطلح „Subsidiärer Schutz"؟
خلفيات القضية
حصلت لاجئة سورية على صفة "الحماية المحدودة" بقرار من المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، وهو قرار يمنحها حق البقاء في ألمانيا لمدة عام قابل للتمديد لعامين آخرين ولكن يحرمها من حق لم شمل العائلة لمدة عامين على الأقل. قدمت اللاجئة السورية طلب الطعن في هذا القرار أمام محكمة إدارية بمنطقة سكنها، ثم صدر حكم لصالحها، كما أقرت المحكمة بحق السيدة في لم شمل عائلتها. بيد أن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين رفض قرار المحكمة وطعن في هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بمقاطعة شليزفيغ وهي المحكمة التي أكدت اليوم الأربعاء(23 تشرين الثاني/نوفمبر 2016) بقانونية القرار الذي أصدره المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين.
وبررت المحكمة الادارية العليا قرارها ملاحظة أنه" لا توجد مؤشرات مؤكدة تشير إلى أن الدولة السورية تلاحق كل لاجئ سوري بتهمة الانتماء إلى المعارضة بعد عودته لبلاده". وعلى ضوء ذلك استنتج القضاة بأنه ليس كل اللاجئين السوريين عموما معرضين للملاحقة تلقائيا عند تقديم طلب اللجوء في ألمانيا.
ماذا يعني القرار بالنسبة للاجئين؟
يقول الناشط وعضو منظمة "برو أزيل" كريم الواسطي بشأن تداعيات قرار المحكمة الإدارية اليوم الأربعاء إن ذلك لا يشكل سوى مرحلة من مراحل الصراع القانوني في هذا الشأن. مضيفا أن هناك سبل أخرى مثل تقديم شكوى إلى المحكمة الإدارية الاتحادية أو حتى تقديم شكوى إلى المحكمة الدستورية الاتحادية أو المحاكم الدستورية في الولايات المختلفة. ويتابع الواسطي "إن هذا القرار ليس هو نهاية المطاف في هذه القضية".
ويقول الواسطي " سيبقى الحال كما هو عليه إلى أن تصدر محاكم أخرى قرارات مشابهة لقرار اليوم أو غيرها من القرارات حتى نرى أية وجهة نظر ستكون سائدة في هذه القضية". ولذلك فإن قرار اليوم لا يغير شيئا في الوضع الحالي القائم بالنسبة للاجئين السوريين خصوصا واللاجئين عموما.
ماذا يعني مصطلح الحماية المحدودة؟
يقول الخبير كريم الواسطي إن مصطلح "الحماية المحددة" هو شكل من أشكال حق اللجوء يتم منحه للاجئين بشكل مؤقت ويمنح، وفق التعديلات الأخيرة للقانون الألماني للأسباب التالية: السبب الأول يتمثل في وجود حرب أهلية طاحنة في بلد معين. والسبب الثاني يتمثل في تطبيق عقوبة الإعدام في بلد ما. أما السبب الثالث فهو احتمال تعرض شخص ما إلى مخاطر جدية تهدد حياته في حال عودته إلى بلده الأصلي، كما يشرح الناشط كريم الواسطي.
حقوق "الحماية المحدودة"!
يضيف الخبير في شؤون اللجوء كريم الواسطي " إن من يحصل على هذا النوع من اللجوء يمنح حق الإقامة لمدة سنة واحدة قابلة للتمديد لسنتين آخرتين. ويستدرك الواسطي قائلا: "حسب القانون الألماني، كان لأصحاب هذا النوع من اللجوء الحق في لم شمل عوائلهم حتى آذار مارس الماضي"، حالهم في ذلك كحال اللاجئين الذين يحصلون على حق اللجوء الكامل وإقامة لمدة ثلاث سنوات، وفق اتفاقية جنيف للاجئين". وكانوا متساوين مع الآخرين في جميع الحقوق الاجتماعية الأخرى، حسب توضيح الواسطي.
لكن الحكومة الألمانية أقرت في آذار/ مارس الماضي حزمة إجراءات تخص تشديد قانون اللجوء فقامت بإلغاء حق لم الشمل بالنسبة للاجئين الذين يتمتعون فقط بنظام "الحماية المحدودة" لمدة عامين، حسب الواسطي.
ويشير الواسطي في حديثه مع DW عربية إلى أن تقليص حقوق اللاجئين من قبل الحكومة الألمانية قد شمل جميع اللاجئين دون استثناء. ويذكر الخبير مثلا بحق حرية التنقل وحق اختيار مكان الإقامة داخل ألمانيا، حيث تم إلغائهما بشكل كامل في الحزمة الجديدة للتعديلات التي طرأت مؤخرا على قانون اللجوء.
ويؤكد المتحدث أن كل اللاجئين، بغض النظر عن جنسياتهم الأصلية، ملزمين بالإقامة في مناطق تحددها السلطات المعنية ولا يجوز لهم اختيار مكان آخر. ويضيف المتحدث أن حق لم الشمل كان من أكبر مميزات الحصول على أي نوع من اللجوء في ألمانيا، إلا أن هذا الحق تعرض الآن للتقليص في حزمة تعديلات قانون اللجوء التي أقرها البرلمان الألماني في آب/أغسطس الماضي.
حق البقاء في ألمانيا لفترة طويلة
يرتبط حق البقاء في ألمانيا أساسا بالوضع الأمني في البلد الأصلي، حسب توضيح الواسطي. فإذا لم تتغير الأوضاع التي بموجبها منح حق اللجوء، كيفما كانت أشكاله، فإنه يمكن للاجئ البقاء في ألمانيا والحصول تدريجيا على حقوق إضافية بحكم العمل والاندماج في المجتمع. ويشمل ذلك كل اللاجئين الذين يسمح لهم بالبقاء في ألمانيا، سواء لفترة وجيزة أو لفترة أطول من البداية. ولكن إذا تغيرت الأوضاع في البلد الأصلي فيحق لمكتب الهجرة واللاجئين أن يقدم طلب ترحيل اللاجئ وفق المعايير المحددة قانونيا وقد يستغرق ذلك فترة زمنية طويلة.
حق الحصول على الإقامة الدائمة في ألمانيا
يوضح الواسطي أن اللاجئين من أصحاب صفة "الحماية المحدودة" قد يحصلون على حق الإقامة الدائمة في ألمانيا بعد مرور سبع سنوات على وجودهم فيها، في حال إن لم تسحب السلطات صفة الحماية عنهم. ولكن على أساس أن يكون الراغب في ذلك ممن تتوفر فيه شروط العمل الرسمية ويجيد لغة البلاد نوعا ما.
تعديل قانوني في حق اللجوء وبدون استثناء
يؤكد الخبير كريم الواسطي أن التطبيقات العملية لقانون اللجوء لا تستثني أحدا، أي أن التغيير لا يشمل السوريين وحدهم، بل كل اللاجئين من مختلف الدول التي تتوافد منها أعداد كبيرة من اللاجئين، وهي حاليا سوريا وإريتريا والعراق وأفغانستان. ويشير المتحدث إلى أن نسبة الاعتراف بحق اللجوء بالنسبة للاجئين من سوريا وإريتريا كانت تصل إلى 100%. أما ألان وبعد توسيع نطاق منح الحماية المحدودة، فقد انخفض العدد بالنسبة للدولتين المذكورتين لمستوى 80%.
ماذا عن حق لم الشمل؟
يعتبر لم الشمل حقا أساسيا في القانون الأساسي أو الدستور الألماني ولا يجوز المساس به، حسب تأكيد الواسطي، إلا أن قانون اللجوء الجديد جمد حق أصحاب اللجوء من نوع "الحماية المحددة" لمدة سنتين.ولكن بعد مرور فترة التجميد يحق للاجئ أن يتقدم بطلب للم شمل عائلته إلى السلطات المعنية. ويبدو أن الأوضاع ستبقى على ماهو عليها حاليا إلى حين اتضاح مواقف المحاكم الإدارية بهذا الشأن.
وقد يشمل تجميد هذا الحق شرائح أخرى من اللاجئين في المستقبل، ويشير الواسطي إلى أن قرار الحكومة الألمانية بشأن تجميد حق لم الشمل يحمل صبغة سياسية بامتياز ويأتي بعد تصاعد موجة غضب الأوساط اليمنية الشعبوية ضد سياسة اللجوء المنتهجة وقبيل الانتخابات التشريعية العامة في ألمانيا عام 2017.
من يساعد اللاجئين في تجاوز العقبات القانونية؟
لا شك أن منظمة "بروا زيل" التي تدعم اللاجئين هي من أبرز المؤسسات التي تقدم خدمات مختلفة للاجئين فيما يخص الحصول على حقوقهم القانونية، حسب تأكيد الواسطي. ولكن هناك أيضا شبكات الخدمة الكنائسية لمساعدة اللاجئين والتي تقدم خدمات جليلة وضخمة لمن يطلب المساعدة، خصوصا في ما يخص القضايا الخاصة بلم الشمل. فهناك مؤسسة "كاريتاس" التابعة للكنيسة الكاثوليكية بفروعها الكثيرة في مختلف المدن الألمانية إلى جانب مؤسسة "دياكوني" التابعة للكنيسة الإنجيلية. يضاف إلى ذلك آلاف المتطوعين من المواطنين في ألمانيا والذين يرافقون اللاجئين في الدوائر الحكومية لمساعدتهم لدى الدوائر على طلبات تقديم حق الإقامة أو لم الشمل، حسب قول الناشط كريم الواسطي.
ويترك المتحدث كريم الواسطي باب الأمل مفتوحا عندما يشير إلى أن وجود نشاطات برلمانية تسعى إلى تغيير قانون اللجوء لصالح اللاجئين في المستقبل، رغم أن طاحونة البرلمان تعمل ببطء شديد.
حسن ع. حسين