ماذا تبقى للإبراهيمي بعد انهيار الهدنة في سوريا؟
٣٠ أكتوبر ٢٠١٢
المجتمع الدولي منقسم في مواقفه تجاه الملف السوري، وهو بالتالي مختلف حول سبل حل الأزمة، وهذا الاختلاف يضع، حسب رأي معظم المراقبين، العصي في مسيرة المبعوث الدولي المخضرم الأخضر الإبراهيمي. ويرى البعض أنه يُدفع بالإبراهيمي إلى منطقة ميتة يصعب التحرك فيها، حتى أن ضيف DW عربية عادل درويش المحرر السياسي في مجلة ميدل ايست والكاتب في صحيفة ديلي ميل البريطانية يقول: "إن مهمة الإبراهيمي ليست حل الأزمة، بل إدارتها".
تفاصيل الملف السوري كلها اليوم موضع خلاف دولي وإقليمي ومحلي، حتى أن مبادرة الإبراهيمي لفرض هدنة خلال أيام عيد الأضحى قد واجهت الانهيار لسبب إصرار طرفي النزاع على التحايل على وقف إطلاق النار وهذا يدفعنا للسؤال: ماذا بوسع الأخضر الإبراهيمي أو أي وسيط غيره أن يفعل؟
"إذا لم تكن هذه حربا أهلية، فلا أدري ما هي الحرب الأهلية؟"
المعارض السوري حسام القطلبي عضو المجلس الوطني السوري في حديثه مع DW عربية اعترض على استعمال كلمة طرفي النزاع لتوصيف وضع الملف مشيرا إلى أن"هناك ثورة سلمية في سوريا تحولت بفعل العنف المنظم من قبل النظام إلى ثورة مسلحة، وهذا لا يطابق إطلاق صفة طرفي النزاع على ما يجري". بدوره أشار الكاتب عادل درويش إلى أن هناك أكثر من طرف في النزاع السوري مبينا "أن هناك عددا مختلفا من الأطراف حتى في صفوف النظام نفسه".
ومن موسكو وفي مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وصف الإبراهيمي ما يجري في سوريا "بالحرب الأهلية... وإذا لم تكن هذه حربا أهلية، فلا ادري ما هي الحرب الأهلية؟"، والكلام للمبعوث المشترك.
في ضوء هذا الإعلان شكك المعارض السوري القطلبي في محاولة إيجاد مبادرة للمبعوث الدولي على طريقة مبادرة الجامعة العربية، مرورا بمبادرة كوفي عنان. وخلص القطلبي إلى أن شكل تعاطي كل من روسيا والصين مع معطيات الملف السوري لم يتغير مشيرا إلى أن "المطلوب هو مزيد من الضغط الحقيقي والجذري على هاتين الدولتين لاستصدار قرار ذي جدوى من مجلس الأمن".
تراجعت الحلول فبعثوا "الوسيط الدولي "
ومع غياب أي رؤية دولية للوصول إلى حل- رغم ترجيح الإدارة الأمريكية المتكرر لاحتمال الحل السياسي – ومع تراجع احتمال الحل على الطريقة الليبية، "تنامت فكرة اعتماد وسيط دولي يتولى تداول الأزمة"، وهذا ما ذهب إليه الكاتب والمحلل السياسي حيدر سعيد في حوار مع DW عربية، مشيرا في نفس الوقت إلى أن "مهمة الإبراهيمي من خلال زيارته لبكين وموسكو ستكون محاولة لفرض حل في سوريا لا يكون الأسد طرفا فيه". ويبين سعيد أن الحوار مع الأطراف الدولية الداعمة للنظام في سوريا قد يكون محاولة "لإحياء سيناريو إجراء انتخابات في سوريا سنة 2014 دون أن يشارك فيها بشار الأسد".
من جانبه، أعاد الكاتب عادل درويش إلى الأذهان تصريحات الأخضر الإبراهيمي حين توليه الملف السوري خلفا لكوفي عنان المتشائمة التي أغضبت المعارضة والنظام على حد سواء "فهو قد بدأ مهمته وهو غير متفائل".
"صدور قرار أممي مرتبط بصدور قرار عربي"
وفيما يتحدث الإبراهيمي عن حرب أهلية، أكد رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني "أن ما يحصل في سوريا ليس حربا أهلية بل أنها حرب إبادة" وهذا يدفع للسؤال : كيف يمكن للإبراهيمي العمل في ظل هذه القراءة المخالفة لتصوره؟
عادل درويش وصف هذا القول بأنه "مما يطلقه الساسة أكثر من كونه وصفا يستعمله المحللون العلميون، لأن هذه الحرب هي، بكل مقاييس الحروب السابقة، حرب أهلية".
على صعيد آخر، نصح شيخ الصحوة السلفية في السعودية سلمان العودة من وصفهم بالشباب المسلم "بالتوقف عن المشاركة في القتال بسوريا" وهذا إقرار علني بوجود مقاتلين عرب وأجانب في سوريا، سيصعب بلا شك دور الإبراهيمي. وإلى ذلك أشار الكاتب عادل درويش مبينا أن هناك مقاتلين من إيران ومن باكستان وأفغانستان ومن بريطانيا ومن دول عدة ينشطون في سوريا اليوم مؤكدا أنه "لن يتم الرجوع للبلدان التي ينتمي لها هؤلاء إلا بقرار من مجلس الأمن يفرض على هذه الدول مساعدة الإبراهيمي، وهذا القرار لن يصدر إلا إذا اتخذت الجامعة العربية قرار إقليميا يفوت على روسيا والصين استخدام الفيتو في مجلس الأمن".