مادة بلاستيكية تُخَفِّض أسعار تذاكر الطائرات وتحمي البيئة
٨ نوفمبر ٢٠١٢تضطر شركات صناعة الطيران إلى توفير الطاقة بسبب تكاليفها الباهظة، من جهة؛ ونظراً لارتفاع الوعي البيئي في العالم من جهة أخرى. وتسعى الشركات لتحقيق توفير الطاقة بطرق مختلفة، ومن أهمها: توفير الطاقة من خلال تخفيض وزن الطائرات. لذلك، يتزايد استخدام الشركات للبلاستيك المُقوَّى بألياف الكربون، في صناعة أجزاء من طائراتها.
وفي مدينة شتادِه شمال ألمانيا، يُجري خبراء من المركز الألماني للطيران الجوي والفضاء أبحاثاً بهدف ابتكار مواد خفيفة وقوية، تكون ملائمة لتصنيع أجزاء الطائرات العملاقة. وتتكون هذه المواد من ألياف الكربون، المُغَطَّسَة في مادة الراتنج الصمغية. واعتماداً على كيفية التوضُّع الفراغي للألياف في هذه المادة أثناء الإنتاج، يمكن تحقيق مستويات مختلفة من القوة والمتانة.
فُرن التسخين
وبفضل مَرافِق التركيب الحديثة، كقاعة الإنتاج الموجودة في مصنع طائرات إيرباص بمدينة شتادِه، يتم زيادة نسبة البلاستيك المُقوَّى بألياف الكربون باستمرار في أجزاء الطائرات. والنتيجة هي: تخفيض وزن الطائرات وكذلك انخفاض أسعار تذاكر الطيران، بالإضافة إلى إمكانية التقليل من تلوث الغازات الملوثة للبيئة بتقليل الطاقة المصروفة نتيجة خفة الوزن.
ويتم في فرن أنبوبيّ ضخم، يسمى "الأوتوكلاف "، مخصص للأبحاث العلمية في المركز الألماني للطيران الجوي والفضاء، تسخين مادة البلاستيك المُقوَّى بألياف الكربون CFRP، التي تدخل في صناعة أجزاء الطائرات الأخف وزناً. ويقول الخبير فيليكس كروز، مدير قسم تكنولوجيا الإنتاج الخفيف في المركز: "كما هو موضّح من خلال نموذج الطائرات الذي قمنا بإنتاجه: ليس من الممكن استخدام نسبة عالية جداً من البلاستيك المُقوَّى بألياف الكربون في التركيبة الأساسية للطائرة".
تفريغ الفقاعات الهوائية
ويذكُر فيليكس كروز بعض الأجزاء التي تم فيها استخدام هذا المادة قائلاً: "لقد استخدمنا هذه المادة بالفعل في إنتاج ذيل الطائرة، وبالتحديد في الجناحين الأفقيين الصغيرين في مؤخرة الطائرة وأيضاً في الجزء العمودي للذيل: وهي أجزاء تساعد على الاستقرار الأفقي والعمودي أثناء تحليق الطائرة في الجو. وكذلك استخدمنا هذه المادة الخفيفة في إنتاج الهيكل الرئيسي للطائرة، الذي يتم تركيب كل الأجزاء الأخرى عليه، وأيضاً في تصنيع جناحي الطائرة الكبيرين، وفي العلبة التي تحتوي على محركات الطائرة. وجميع هذه الأجزاء تشكل نسبة كبيرة من مساحة أسطح الطائرة وحجمها".
ويضيف "ولكن ما نفعله الآن هو أننا نبذل قصارى جهدنا في تسريع تقنية الإنتاج، وجعلها أرخص سِعراً؛ وكذلك نقوم بتحسين جودة الإنتاج". وباستخدام مضخات تفريغ الهواء يتم امتصاص الفقاعات الهوائية من طبقات البلاستيك المُقوَّى بألياف الكربون التي يتم معالجتها في الفرن، ثم يتم ضغط هذه الطبقات بالتساوي.
وتُوضَع هذه الطبقات لعدد من الساعات بدرجة 180 مئوية في الفرن؛ ثُمَّ تُشفَط الفقاعات الهوائية مرة أخرى من طبقات البلاستيك، المُقوَّى بألياف الكربون، لأنه لا يمكن استخدام هذا البلاستيك في صناعة أجزاء الطائرات في حالة كانت فيه شوائب هوائية.
الأوتوكلاف الافتراضي
وفي الأوتوكلاف، الموجود في مدينة شتادِه، المخصص للبحث العلمي، توجد في كل مكان فيه، في الجوانب وعلى السطح العلوي وفي الداخل، أجهزة استشعار مهمتها اقتباس المعلومات والبيانات. ويوضح المهندس حقان أوجان، الذي يعمل أيضاً في المركز الألماني للطيران الجوي والفضاء، ذلك قائلاً: "تقوم أجهزة الاستشعار باقتباس معلومات درجة حرارة الفرن ومقدار الضغط فيه ودرجة سخونة المواد فيه".
وتذهب كل البيانات المقتبسة من أجهزة الاستشعار إلكترونياً وبشكل مباشر إلى جهاز الحاسوب، وهو مزوّد ببرنامج افتراضي يحاكي عمل الأوتوكلاف الحقيقي. ويضيف المهندس حقان أوجان بهذا الشأن: "مهمة فرن الأوتوكلاف الافتراضي هي التنبّؤ بالعمليات المستقبلية التي ستحدث للمواد داخل الفرن الحقيقي خلال دقائق أو ساعات. وهذا يجعلنا نعرف ماذا سيحدث للمواد بعد نصف ساعة أو أكثر، اعتماداً على المعلومات الحالية. وبالتالي يُمَكِّننا برنامَج الفرن الافتراضي الموجود في الحاسب من رؤية العمليات التي ستحدث للمواد المُنْتَجة في فترة زمنية مستقبلية".
وبالتالي وبفضل البلاستيك المُقوَّى بألياف الكربون سيتم تصنيع طائرات أخفّ وزناً، كي نتمكن من توفير الطاقة والوقت والمال، ولحماية البيئة كذلك.