ما هو وجه الشبه بين الثورة المصرية 2011 والألمانية 1989؟
١١ مايو ٢٠١١استمرت المناقشة المثيرة والساخنة قرابة أربع ساعات. وفي القاعة الشرقية بمقر الجامعة الأمريكية بالقاهرة التي اكتظت بالحضور تبادل خبراء من مصر وألمانيا الأفكار حول أوجه التشابه والاختلاف بين تغيير النظام في مصر هذا العام وتغيير النظام في ألمانيا عام 1989، وذلك في ندوة تحت عنوان "من الثورة إلى التحول..مصر 2011- ألمانيا 1989".
"أوجه الاختلاف أكثر من أوجه التشابه"
وفي كلمته تحدث الدكتور يوخن شتات من جامعة برلين الحرة عن التجارب الثلاث التي عاشتها ألمانيا وتم فيها تغيير النظام السياسي وهي في عام 1918 و1945 و1989 بعد سقوط جدار برلين، مشيرا إلى تعقيدات التحول نحو الديمقراطية بعد الانهيار الذي شهدته ألمانيا في مختلف النواحي، سواء على الجانب الاقتصادي أم تدمير الأحزاب السياسية والبنية التحتية للبلاد. وأكد أن الاختلافات بين ثورة مصر وألمانيا هي أكثر من عوامل التشابه التي تتمثل في عنصر المفاجأة وعدم التنبؤ بهذه الثورة في مصر وأيضا في ألمانيا. ومن النقاط المشتركة أيضا "المناقشات التي تحتدم بعد كل ثورة تسقط نظاما حول الدستور الجديد وقضايا حقوق الإنسان" وهو الأمر الذي شهدته ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية وبعد سقوط جدار برلين، وتشهده مصر الآن.
الدستور أهم نقطة لمستقبل مصر
وعبر شتات عن رأيه في أن أهم شيء لمستقبل مصر الآن هو وضع دستور يساهم في إرساء مجتمع مدني ديمقراطي ويستوعب داخل مواده كافة التيارت المختلفة والطوائف الدينية ويوضح بشكل خاص حقوق المسلمين والأقباط في ظل الأحداث الطائفية الحالية. وأشار إلى أن طريق الديمقراطية هو طريق طويل، وعبر عن رأيه القائل بأن الثورة المصرية ستشهد انتكاسات، كما حدث في ألمانيا عام 1938 عندما عادت الديكتاتورية بأسوأ أشكالها.
وفيما يتعلق بسبل مساعدة ألمانيا لمصر فقد أكد الخبير الألماني على أهمية نقل الخبرة، مشيرا إلى أن ألمانيا يمكن أن تساعد مصر في المجالات الاقتصادية والتجارية دون تدخل في شكل العملية السياسية المقبلة. واتفق معه الدكتور عبد المنعم المشاط أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة في مسألة أن الدستورهو النقطة الهامة لمستقبل مصر بعد الثورة، لكنه أشار إلى نقطة هامة وهي أن الثورة في مصر لم تزل النظام بأكمله بعد، بل أطاحت فقط بمبارك وحزبه.
"المظاهرات المليونية ستعود"
وشارك المشاط البروفسور شتات الرأي القائل في أن الثورات تواجه انتكاسات عديدة وأنه لابد من مواجهتها بحزم، وتوقع عودة المظاهرات المليونية قريبا لمواجهة هذه الانتكاسات، ومنها ظهور تيارات لم تكن موجودة قبلا مثل السلفيين. ويجد المشاط أن الأجواء السائدة في مصر حاليا هي "متصارعة وليست متعاونة لهذا تضع عراقيل في وجه الفترة الانتقالية". وأبرز نقاط الخلاف يدور حول شكل النظام المنشود، وإذا كان يجب أن يكون رئاسيا أم برلمانيا. مؤكدا أن "طبيعة المصريين تميل للنظام الرئاسي، لاعتيادهم على وجود شخصية موحدة تديرالأمور ورغبتهم في وجود فرعون ربما يبدأ صغيرا ثم يكبر مع مرور الأيام."
شفافية ملفات الماضي ضرورة لبناء مسقبل ديمقراطي
بينما تحدث الخبير الألماني "شتيفان فوله" عن كيفية التعامل مع الماضي بعد تغيير الأنظمة ومنها ما حدث حول تعامل الألمان مع مستندات وأرشيف جهاز أمن الدولة الألماني الشرقي ( شتازي) بعد ثورة 1989 ، وقال إن هذه مشكلة عالمية تواجه أي دولة بعد انهيار نظامها، مثلما حدث في مصر باقتحام مقار أمن الدولة والحصول على الوثائق، وذلك لما تتضمنه عملية الأرشفة من جهود بحثية ومالية. وأكد فوله أن "شفافية الماضي هامة لبناء مستقبل ديمقراطي ومجتمع منفتح."
من جهته تحدث الخبير الألماني هولجر ألبرشت عن ثلاثة سيناريوهات محتمله لمستقبل مصر ودور الجيش فيها، مشيرا إلى أن المجلس العسكري في مصر عليه علامات استفهام كثيرة خاصة أنه باعتقاده لا يعلم ماذا يريد بل يعلم ما لا يريده. ومن الأمور التي لا يريدها الجيش كما يعتقد البرشت القيام بمظاهرات، "لأن الجيش يرغب في خلق الاستقرار ولا يريد الانخراط بقوة في العملية السياسية المقبلة برغم وجوده كعمود فقري لأي نظام مقبل."
ثلاثة سيناريوهات لمستقبل مصر
وحول السيناريوهات الثلاثة أوضح ألبرشت السيناريو التركي الذي يحلم به لمصر، والسيناريو الجزائري المتعلق بوجود قوة للجيش في السلطة وراء رئيس ضعيف والسيناريو السوداني الذي يظهر فيه تحالف الجيش مع القوة الأكثر تأثيرا بالشعب والشارع، ألا وهى الإخوان المسلمين في مصر.
كما دار الجدل بين الجمهور حول السيناريوهات الثلاثة التي طرحت لمستقبل مصر ، حيث أبدى الكثيرون تخوفهم من النموذج السوداني وحلمهم بالنموذج التركي برغم اعتقادهم أنه بعيد المنال.
نيللي عزت ـ القاهرة
مراجعة: منى صالح