ما سر الاهتمام باللغة الألمانية في بلد فرانكفوني كلبنان؟
١٦ فبراير ٢٠١٣لم يعد أمر تعلّم اللغة الألمانية في لبنان صعباً مع وجود العديد من الأماكن التي باتت تتيح هذه الفرصة لطالب اللغة؛ فإلى جانب معهد غوته في بيروت هناك معاهد أخرى تقوم بالتدريس وفق معايير"غوته"، مثل مركز الصفدي في طرابلس (شمال) والرابطة الألمانية اللبنانية لتعزيز الثقافة في جونية (غرب) ومركز اللغة الأميركي اللبناني في صيدا (جنوب). ولم تتوقف عجلة نشر الثقافة الألمانية عند هذا الحد، فقد انضمت مدرستان لبنانيتان رسميتان إلى برنامج "PASCH- SCHULEN" أي "مدارس شركاء للمستقبل"، حيث باتت مدرسة البنات في صيدا وثانوية جميل رواس للصبيان في بيروت تعتمدان اللغة الألمانية لبعض الصفوف كلغة أجنبية ثانية. هذا إلى جانب المدرسة الألمانية الموجودة في أكثر من منطقة لبنانية.
معهد غوته يؤهّل المًدرّسين
مديرة قسم تعليم اللغة في معهد غوته في بيروت، زابينه هاوبت، توضح لـ DW عربية، طرق تدريس الألمانية والصعوبات التي يواجهها المدرّسون والطلاب، مشيرة إلى أن هذه اللغة أصبحت الآن أيضاً مُدرجة منذ الفصل الشتوي الحالي في كلية اللغات والترجمة التابعة للجامعة اللبنانية.
وتقول هاوبت، إن هذه الخطوة تمت بمبادرة من معهد غوته والوكالة الألمانية للتبادل العلمي "DAAD" التي تقدّم منحاً مدرسية للطلاب الأجانب الذين يرغبون بمتابعة دراستهم في ألمانيا، موضحةً أن كل المدرّسين المعتمدين لدى المدارس الشريكة قد تم تأهيلهم في معهد غوته ووفق منهجه وإرشاداته. وتضيف أن الطريقة الأفضل التي يعتمدها المعهد هي عبر أربعة مهارات: المحادثة والسماع والقراءة والكتابة، لافتةً إلى أن اللغة تتحصل من الكلام ومن المعلم الواعي والتواصل المهم، وليس من الحصص الدراسية وحدها.
وعن عدد الطلاب في المعهد تفيد هاوبت بأنهم "حتى هذا الوقت ألف طالب والعدد مرشح للتصاعد". أما عن الأسباب التي تدفع كل طالب لدراسة الألمانية، فتجيب أن "معظمهم يريدون متابعة الدراسة في ألمانيا أو التخصص في مجالات معينة مثل الطب والهندسة"، مشيرة إلى أن طلاباً عديدين أتوا في الفترة الأخيرة من سوريا لعدم إمكان التعلم هناك الآن بسبب الاضطرابات.
وتلفت هاوبت إلى أن هناك بعض الطلاب يهتمون بالثقافة والفن، ومنهم من يتعلم اللغة، "لأنه يريد قراءة الفلاسفة الألمان بلغتهم الأصلية". إضافة إلى ذلك هناك بعض الطلاب الذين يأتون إلينا لأنهم يعملون مع شركات أو معاهد ألمانية. كما أن هناك دبلوماسيين يودون العمل في ألمانيا أو طلاب في الكلية البحرية العسكرية، والذين يتدرّبون مع البحرية الألمانية. ومنهم موظفون في شركة الطيران الألمانية "لوفتهانزا.
اهتمام بالثقافة
وتؤكد هاوبت أن هناك اهتماما لدى معظم الطلاب بالثقافة الألمانية وبمعرفة أساليب العيش هناك ومعالم ألمانيا الثقافية، مشيرة إلى برنامج ثقافي يقدمه المعهد بشكل منتظم. ويقول أحد طلاب المعهد لـ DW عربية، إن الألمانية صعبة جداً، لكن الأمر يعتمد على المعلم. "حين يقوم الطالب بتمارين كثيرة وبمحادثات وافرة يمكن له التعلم بسرعة مفاجئة وهذا بحد ذاته يصنع المتعة". بينما يوضح آخرون لـ DW عربية، أنهم يدرسون الألمانية بهدف الزواج من ألمانية، فيما يشير آخرون إلى نيّتهم متابعة الدراسة في ألمانيا.
بدورها تروي المعلّمة يوليا غلاسهوف لـ DW عربية، تجربتها مع التدريس قائلة: "درست في ألمانيا الأدب المقارن وقمت كطالبة بالتدرب في معهد غوته في بيروت وتابعت الكثير من الحصص الدراسية، عندها عرفت أني سأصبح معلمة. وتابعت أيضاً دراسة إضافية هي "الألمانية كلغة أجنبية". من الصعب دائماً أن يبقى المرء متابعاً كل ما هو حديث وللاتجاهات الجديدة لتدريس اللغة، لكني أذهب بشكل منتظم إلى ألمانيا، من أجل تطوير نفسي على الغالب برعاية معهد غوته".
صعوبات اللغة
وعن الصعوبات التي يواجهها الطلاب توضح المعلّمة أن "الطلاب اللبنانيين موهوبون باللغة ويعرفون بغالبيتهم لغتين أو ثلاث لغات. معظم الطلاب يستخدمون في البداية اللغة الإنكليزية؛ فاللغتان تتشابهان كثيراً. يحدث ذلك في الصفوف الابتدائية، حيث أقوم بالسؤال باللغة الألمانية ويجيب التلميذ تلقائياً بالإنكليزية". وتضيف المعلمة أن التلاميذ يبذلون جهودا كبيرة في تعلم أدوات التعريف في اللغة الألمانية كما أنهم يعانون من صعوبة فهم الجمل الطويلة، التي تتضمن الكثير من الكلمات الألمانية وينبغي لفظها بدقة.
وتنتقل DW عربية، إلى مدينة صيدا في الجنوب، حيث التقت مديرة ثانوية البنات الرسمية فاديا جبيلي، التي تحدثت عن تجربة برنامج "مدارس شركاء للمستقبل". جبيلي قالت إن "معهد غوته قام بتوقيع اتفاقية مع وزارة التربية اللبنانية بغية إدخال اللغة الألمانية إلى المدارس اللبنانية، فتم اختيار مدرستنا من خلال لجنة. وبحث المعهد عن مدرّس بمواصفات معينة وبعمر محدد، وتم اختيار أحد مدرّسي اللغة الإنكليزية لدينا وتم تأهيله لتعليم الألمانية من خلال دورات أجراها في معهد غوته"، مشيرة إلى أن وزارة الخارجية الألمانية تدعم هذا المشروع.
التعرّف على الحضارة
وتوضح جبيلي لـ DW عربية، أن تعليم الألمانية الآن يتم في فصلين فقط على أن يتم توسيعه ليشمل فصول أخرى. وترى أن تعلّم اللغة يفتح المجال للتعرف على حضارة أخرى "لأن كل لسان في الحقيقة إنسان". بدوره يوضح المدّرس جوزف سميا، كيف تعلم الألمانية خلال 11 شهراً لينال بعدها شهادة "بي -2"، معتبراً أن تعلمه لهذه اللغة ساعده على اكتشاف حضارة ألمانيا، مؤكداً أن اللغة ليست سهلة وأنها منطقية لدرجة مطابقة معظم كلماتها لمعناها. ويضيف سميا أنه وللتغلب على الصعوبات يحاول تقريب اللغة إلى أذهان الطالبات باختيار المشتركات بين الإنكليزية والألمانية.
وأخيراً تشدد التلميذة عنايات عطا الله، خلال حديثها لـ DW عربية ، على أهمية إدراج اللغة الألمانية في المنهج الدراسي، والذي ساعدها على معرفة هذه الحضارة، خصوصاً أن إدراج هذا المشروع أفسح المجال أمامها للمشاركة في مخيم في ألمانيا، حيث تعرفت أكثر على اللغة والثقافة هناك، معبّرة عن رغبتها في الحصول على منحة دراسية للدراسة في جامعات ألمانيا.