ما دور إيران في هجمات حماس الأخيرة على إسرائيل؟
١٠ أكتوبر ٢٠٢٣في أعقاب الهجمات الإرهابية التي نفذتها حماس على إسرائيل، قال مسؤولون إسرائيليون إنهم يعتقدون أن إيران متورطة في الهجمات.
ففي مقابلة مع شبكة "سي بي إس" الإخبارية الأمريكية قال السفير الإسرائيلي في واشنطن، مايكل هرتسوغ، إن القيادة الإسرائيلية تشتبه في وجود "أيادٍ إيرانية من وراء الكواليس".
وأضاف أن "هناك ارتباطا وثيقا بين حماس وإيران التي تقدم الدعم المادي والتمويل والأسلحة للحركة". وإيران وحماس "مرتبطان بما يسمونه 'محور المقاومة' أي مقاومة وجود دولة إسرائيل. هما جزء من هذا التحالف". ومضى هرتسوغ قائلا إنه يشتبه في تورط إيران "فبالنسبة إلينا هي التي تقود هذا التحالف".
وقبيل اجتماع مجلس الأمن الدولي في نيويورك، خرج سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان ليقول إن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كان قد التقى بقادة حماس قبل عدة أسابيع، مضيفا "لدينا معلومات بأنه كانت هناك اجتماعات في سوريا وفي لبنان".
وأضاف "من السهل أن ندرك أنهم حاولوا التنسيق بين الكيانات العسكرية والإرهابية والإرهابيين ووكلاء إيران في منطقتنا. إنهم يحاولون التنسيق قدر الإمكان مع إيران لأن الهدف على المدى الطويل يتمثل في محاولة تدمير إسرائيل بالمظلة النووية التي ستزودهم بها إيران".
ماذا كان الرد الإيراني؟
بيد أنّ إيران نفت تورطها في الهجمات التي أشارت إليها على أنها "شكل من أشكال الدفاع عن النفس". وفي هذا السياق، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في بيان بثه التلفزيون الرسمي إن طهران "تدعم الدفاع المشروع للأمة الفلسطينية"، مشيدا بما وصفها "المقاومة" التي تبذلها حماس.
الجدير بالذكر أن إيران تدعم شبكة واسعة النطاق منالميليشيات والجماعات المسلحة في الشرق الأوسط، بما في ذلك كيانات فلسطينية، حيث تسعى طهران باستمرار لتعزيز نفوذها في لبنان وسوريا والعراق واليمن، بالإضافة إلى قطاع غزة.
وتشدد السلطات الإيرانية باستمرار على مصطلح "محور المقاومة" في خطبها ومواقفها تجاه إسرائيل. هذا المصطلح يشير بشكل صريح إلى الجماعات المسلحة التي كرست نفسها لمعارضة حق إسرائيل في الوجود، ويتضمن في الأساس حركة حماس وحزب الله اللبناني الشيعي.
ويشار إلى أن حركة حماس جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
وتعتبر دول عديدة حزب الله، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية من بينها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأغلبية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كمنظمة إرهابية.
ويعقد المسؤولون الإيرانيون اجتماعات منتظمة مع هذه الجماعات. ففي شهر أغسطس/ آب، التقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في بيروت بزعماء حركة حماس و"الجهاد الإسلامي" الفلسطيني وجماعات أخرىمعادية لإسرائيل نشطة في لبنان. وخلال هذا الاجتماع، أكد الوزير الإيراني دعم بلاده الثابت لـ "محور المقاومة".
وأقر مسؤولو حماس وحزب الله باستمرارية الدعم الإيراني حيث قال القيادي في حماس، محمود الزهار، في ديسمبر / كانون الأول عام 2020 إن قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني سابقا، سلمه في لقاء عام 2006 ما يقرب من 22 مليون دولار نقدا.
وأكد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في عدة مناسبات على استمرارية حصول الحزب على أموال وأسلحة وصواريخ من إيران إذ قال في 2016 إن "ميزانية حزب الله ومداخيله ونفقاته وكل ما يأكله ويشربه وأسلحته وصواريخه تأتي من إيران. طالما تملك إيران المال، فنحن لدينا المال. لا يمكن لأي قانون أن يمنع تلقي هذا الدعم".
وقد أشار تقرير صدر عن مركز ويلسون الأمريكي للأبحاث عام 2021 إنه منذ عام 2006 على الأقل، انصب تركيز إيران "على تزويد حلفائها ووكلائها الإقليميين، بما في ذلك الفصائل الفلسطينية، بالمعرفة والمعدات اللازمة لإنتاج الصواريخ بشكل محلي".
واستشهد التقرير بتصريح لقائد القوة الجوية للحرس الثوري الإيراني، أمير علي حاجي زاده، حيث قال إنه "بدلا من إعطائهم سمكة أو تعليمهم كيفية صيد السمك، علمنا حلفاءنا وأصدقاءنا كيفية صناعة الصنارة (لصيد السمك).. إنهم يمتلكون الآن قدرات وتقنيات لصنع صواريخ".
معارضة التطبيع مع إسرائيل
ويأتي الهجوم الذي نفذته حماس في سياق مفاوضات حول التطبيع بين السعودية وإسرائيل وهو ما تعارضه إيران.
فبعد أشهر من مفاوضات بوساطة أمريكية خلف الأبواب المغلقة، صدرت تصريحات متفائلة من قادة السعودية وإسرائيل عن إمكانية تقارب غير مسبوق بين البلدين. وأكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن "بلاده تتقدم تدريجيا نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل".
وتعارض إيران اتفاقات أبراهام، التي تم توقيعها في أغسطس 2020 بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، وأدت إلى تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية وإسرائيل.
وقبل أربعة أيام من تنفيذ حماس لهجومها على إسرائيل، وصف المرشد الإيراني علي خامنئي إقامة العلاقات مع إسرائيل بأنها "محاولة عبثية تماما"، محذرا "الدول التي تخاطر بالتطبيع مع إسرائيل بأنها ستخسر".
وفي مقابلة مع DW، قال دامون غولريز، المحاضر والباحث في جامعة لاهاي بهولندا، إن مساعي توسيع اتفاقيات إبراهام مع إسرائيل من شأنها "أن تخنق أهداف إيران الاستراتيجية في المنطقة".
إيران تتجنب التدخل المباشر
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد نقلت عن مسؤولين من حماس - لم تسمهم - قولهم إن "الحرس الثوري الإيراني قد ساعد في التخطيط" على الهجمات المفاجئة التي شهدتها إسرائيل.
وفي رده، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، إنه على الرغم من أن "إيران لاعب رئيسي، إلا أننا لا يمكننا حتى الآن القول بأن طهران قد شاركت في التخطيط أو التدريب".
وفي السياق ذاته، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية "لم نر بعد أدلة على أنّ إيران قادت أو كانت وراء هذا الهجوم بشكل محدد، ولكن هناك بالتأكيد علاقة طويلة."
وفي تعليقه على تقرير وول ستريت، كتب راز زيمت، الخبير في شؤون إيران في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في جامعة تل أبيب، على موقع إكس قائلا: "رغم أنه لا يوجد أدنى شك في تزايد التعاون العسكري بين إيران وحماس وتنامي التدخل الإيراني في الساحة الفلسطينية، بما في ذلك الضفة الغربية، خلال السنوات الأخيرة، إلا أنني أشك بشدة في أن تكون إيران متورطة بشكل كبير في هجمات حماس الأخيرة".
زيمت نوه إلى أنه في حالة ما إذا شكل الرد الإسرائيلي خطرا كبيرا على حماس، فإن "هذا السيناريو سيجبر إيران على الانتقال من مرحلة الدعم والتنسيق إلى مرحلة الانخراط المباشر".
من جانبه، قال دامون غولريز، المحاضر والباحث في جامعة لاهاي بهولندا، إنه في ثبوت تورط إيران في الهجمات الأخيرة، فإن هذا القرار السياسي من قبل طهران ستكون له عواقب وخيمة. وأضاف "سيكون الأمر بمثابة إعلان حرب بين إسرائيل وإيران".
يوحنا نجدي / م. ع