ما حقيقة الفجوة الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء في ألمانيا؟
٨ أغسطس ٢٠٢٢ما مدى ثراء الألمان؟ ومن منهم يملك الكثير من المال ومن يملك القليل؟ وقبل كل شيء كيف تغير الوضع المالي لدى الألمان؟ هناك دائما دراسات بهذا الخصوص بعضها يخلف ردود أفعال كبيرة وفي الغالب تكون خلاصة تلك الدراسات أن ثروة الأثرياء تزداد في النمو في حين أن الفقراء يزدادون فقرا، فهل فعلا الفجوة الاجتماعية آخذة في الاتساع؟
الألمان أغنى مما تعتقد
ألقى ثلاثة علماء وهم ثيلو ألبيرس وشارلوته بارتليس وموريتس شولاريك نظرة فاحصة على ازدهار حياة الألمان وتطور الثروة لديهم منذ القرن التاسع عشر. ومن النتائج التي توصلوا إليها: الألمان أكثر ثراءً بحوالي 4000 مليار يورو مما كان يُعتقد سابقًا.
وفقًا للدراسة، فإن تغير الوضع المالي في المجتمع الألماني يعتمد على الفترة قيد الدراسة. إذ لم تزد ثروة أغنى 1 في المائة من السكان بشكل غير متناسب خلال المائة عام الماضية. ففي عام 1895 كان أغنى 1٪ من السكان يمتلكون نصف الثروة لكن هذه النسبة اليوم تمتلك 25٪ فقط؛ أي الربع.
الحربان العالميتان ساهمتا في مزيد من المساواة
أحد أسباب ذلك هو أن العديد من الأثرياء فقدوا جزءًا من ثروتهم خلال الحربين العالميتين. إذ تم قُصف العديد من الشركات والمباني. بالإضافة إلى ذلك فقدت الأصول على شكل عقارات وأسهم وسندات الكثير من قيمتها في الفترة بين الحربين العالميتين. كما تسبب التضخم المفرط في عام 1923 في تقلص ثروة الأثرياء في ألمانيا بشكل حاد. وخلال الأزمة الاقتصادية العالمية في الثلاثينيات من القرن الماضي تراجعت الأصول التجارية أيضًا لأن العديد من الشركات فقدت قيمتها أو اضطرت إلى تقديم طلب الإفلاس.
كما شكل ما يسمى بقانون معادلة الأعباء في فترة ما بعد الحرب في بداية الخمسينيات دفعة رئيسية أخرى لمعادلة الأصول. إذ كان يتعين على أي شخص نجح في توفير أصول كبيرة من الحروب العالمية أن يدفع نصف الأصول (موزعة على 30 عامًا) في صندوق تعويضات على شكل ما يسمى بضريبة معادلة الأعباء. هذه الأموال تم استخدامها لتعويض أولئك الذين فقدوا ثرواتهم في الحرب. وقد جعلت هذه الضريبة ألمانيا واحدة من أكثر الدول مساواة في بداية فترة ما بعد الحرب.
توقف إعادة التوزيع في العقود الأخيرة
ولكن بعد ذلك، في السبعين عامًا الماضية، أصبح الأثرياء فعلا أكثر ثراءً، لكن الطبقة الوسطى أيضا كانت قادرة على تجميع المزيد من الثروة بنفس السرعة. ويرجع ذلك جزئيًا إلى حقيقة أن عددًا متزايدًا من الناس امتلكوا منازلهم بين عامي 1950 و1980. وبهذه الطريقة، تمكنت الطبقة الوسطى من الاستفادة لاحقا من الارتفاع المتزايد في أسعار العقارات.
واعتبارا لذلك لم يتم توزيع الثروة بشكل غير متساوٍ كما كان عليه الوضع قبل الحرب العالمية الأولى. إذ تمتلك الأسر الألمانية حاليًا أصولًا تبلغ قيمتها في المتوسط 420 ألف يورو. ولكن إذا نظرت إلى مقدار ما تمتلكه الأسر من دخل، حيث تمتلك نصف الأسر دخلا أكثر، في حين يمتلك النصف الآخر دخلا أقل، فإن النتيجة هي ثروة تبلغ 120 ألف يورو فقط. هذا يدل على أن الثروة موزعة بشكل غير متساو - لصالح النصف الثري من السكان.
الفقراء يظلون فقراء
وبينما يستطيع نصف الألمان العيش برفاهية أكثر، فإن الأشخاص ذوي الدخل المنخفض لم يراكموا أي ثروة إضافية في الأربعين عامًا الماضية. وبالمعنى الدقيق للكلمة، كان متوسط ثروة النصف الأقل ثراء من الألمان في نهاية السبعينيات بنفس القدر أو أقل مقارنة باليوم، أي حوالي 20000 يورو (مع احتساب لتضخم). دون احتساب التعويضات الناتجة عن الضمان الاجتماعي.
يرجع هذا التطور من ناحية إلى حقيقة أن الدخل بالكاد قد زاد، وبالتالي لم تكن هذه الفئة السكانية قادرة على الادخار أكثر مقارنة بفئة الأثرياء. ومن ناحية أخرى، تم استثمار المدخرات المتراكمة بشكل أقل في العقارات أو الأسهم مقارنة بحسابات التوفير والتأمين على الحياة ذات العوائد المنخفضة. وبالتالي كان للأسر الأقل ثراء نصيب ضئيل في التطور السريع لأسعار العقارات.
وبينما تضاعفت ثروة النصف الأغنى من الأسر خلال الـ 25 عامًا الماضية، لم تسجل ثروة النصف الأقل ثراء في المجتمع أي زيادة، بل انخفضت نسبة الأصول الإجمالية لديهم إلى النصف من خمسة في المائة إلى ثلاثة في المائة. وبذلك ازداد التفاوت في الثروة داخل المجتمع.
فعند تحديد الضريبة على العقارات يتم في ألمانيا الاعتماد فقط على القيم القياسية والتي لا تعكس القيمة الحقيقية للعقار في السوق.
أساس البيانات غير دقيق!
ولكن كيف يتم التقليل من شأن ثروة الألمان حتى الآن؟المشكلة الرئيسية التي كان على المؤلفين الثلاثة التعامل معها هي حالة البيانات غير الدقيقة. على سبيل المثال، من الصعب تحديد قيمة الأصول العقارية بشكل صحيح. فعند تحديد الضريبة على العقارات يتم في ألمانيا الاعتماد فقط على القيم القياسية والتي لا تعكس القيمة الحقيقية للعقار في السوق.
فهذه القيم المعيارية تستند إلى قيم عام 1964 في غرب ألمانيا أو عام 1935 في شرق ألمانيا. وبذلك يتم تقييم العقارات ذات الأسعار السوقية المرتفعة بشكل منخفض للغاية.
كما يقلل المكتب الفدرالي للإحصاء والبنك الاتحادي من قيمة الأصول التجارية، لا سيما تلك الخاصة بالشركات العائلية غير المدرجة في البورصة، وبالتالي لا تعطي صورة واقعية لحقيقة ثروة الأغنياء في ألمانيا.
إينسه فريده (هـ.د)