ما بين القصف والحصار- أوضاع إنسانية كارثية في غزة
٢٠ يوليو ٢٠١٤"صواريخ وقنابل وقذائف دبابات كانت تُدوّي في كل مكان من حولنا. انقطع الماء والكهرباء. فجأة في اليوم الأول من إعلان عملية عسكرية برية دخلت قوات محدودة من جنود إسرائيليين. وتحت إطلاق النار مباشرة نحو المنزل، تركنا مصابا ينزف، فاُستشهد. لم تتمكن سيارات الإسعاف من دخول المكان وإنقاذه". هذا ما تقوله لـDWعربية عائلة سليمان السميري في منطقة القرارة الحدودية، الواقعة في جنوب قطاع غزة.
الجد سليمان السميري وأولاده وأحفاده تمكنوا بصعوبة بالغة من الخروج من بيتهم الذي أصبح مستهدفا من قبل القذائف. في غضون ذلك تمكنت القوات الإسرائيلية من الدخول في قطاع غزة لمسافة لا تزيد عن أربعمائة متر من خلال أراضي زراعية غير مأهولة بالسكان وذلك انطلاقا من ثلاثة محاور على تخوم القطاع الشمالية والشرقية والجنوبية الشرقية.
ويقع منزل عائلة السميري في مقدمه الحزام السكاني القريب من الحدود الذي دُكت واجهته الأولى. ويضيف الجد سليمان قائلا: "قام الجنود الإسرائيليون بقصف وتجريف المكان وأجبرونا عبر مكبرات الصوت على الخروج".
عائلات ترحل عن بيوتها تحت وطأة القصف
المدنيون القاطنون في شمال قطاع غزة على غرار "بيت لاهيا" و"بيت حانون" و"شرق الشجاعية" و"الزيتون"، جنوب شرق غزة، بالإضافة إلى مناطق جنوب القطاع في "عبسان الكبيرة" و"خزاعة" و"القرارة" و"الزَنة" و"شرق رفح"، يواجهون غارات إسرائيلية وتهجير قسري من مساكنهم.
ساري عودة هو شاب متزوج حديثا ويبعد منزله نحو خمسمائة متر عن الحدود الإسرائيلية. يتحدث لDW عربية بنبرة في غاية التأثر والحزن قائلا: "تركت والدتي المصابة وزوجتي في البيت اللتان قالتا لي: إذا دخل الجنود الإسرائيليون البيت ووجدوك سيقتلونك، اُخرج بسرعة!". خرج ساري في الساعات الأولى من العملية الإسرائيلية البرية في منطقة "الزَنة" حافي القدمين، مُسرعا في اتجاه سيارات الإسعاف والصليب الأحمر الدولي التي كانت تبعد عنه مئات الأمتار، "والتي لم تتمكن من دخول المكان، نظرا للقذائف الإسرائيلية التي تحول دون تقدمها لإجلاء المصابين في المنطقة"، على حد قوله.
ساري وآلاف العائلات الفلسطينية التي أُجبرت على النزوح من المناطق الحدودية، اتجهوا الى مدارس غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وخلال معاينة المكان تبين أن هذه العائلات تعيش بشكل مكتظ في حجرات المدارس تحت ظروف معيشة مأساوية. ويقول الشقيقان محمد وعبدالله سليمان السميري لDW عربية "لقد قصف بيتنا ودُمر وعناية الله أنجتنا وأعطانا الجيش الإسرائيلي عبر منشورات مهلة لإخلاء بيوتنا فورا وخرجنا بملابسنا التي نلبسها فقط ". ويضيف عبدالله قائلا: "عائلات بأكملها لم تستطع الخروج من بيوتها ولا نعرف عنهم شيء".
نداء استغاثة حول نقص الأدوية والمستلزمات الطبية
من جهته، أطلق المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور أشرف القدرة رسالة استغاثة يشكو فيها النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، بحيث يقول:"بسبب الأعداد الكبيرة من الإصابات و الكثير منها يحتاج إلى عمليات مركبة ومعقدة جدا". ويضيف الدكتور أشرف لـ DW عربية قائلا: "الجيش الإسرائيلي استخدم أسلحة غير تقليدية تُحدث احتراقات وتفحم في الأنسجة الداخلية للمصابين وبترا في الأطراف للمصابين". كما يوجه اتهامات للجيش الإسرائيلي مفادها أنه "قتل مسعفين ورجال دفاع مدني وعاملين في صيانة شبكات المياه والهواتف"، مضيفا بأنه "رفض (أيضا) دخول سيارات الإسعاف والصليب الأحمر الدولي لانتشال القتلى وإجلاء الجرحى"، على حد تعبيره.
في غضون ذلك، تتواصل معاناة المدنين في قطاع غزة بين تهجير ونقص في الماء الصالح للشراب وانقطاع الكهرباء، فيما وجد آخرون أنفسهم عالقين ما بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي مختلف الفصائل الفلسطينية المسلحة.
"لا ماء ولا كهرباء وسط درجات حرارة مرتفعة"
السيدة أمل عابد أبو جامع تحتضن صغارها وتقول "منذ ثلاثة أيام ونحن نعيش بدون ماء ولا كهرباء والقصف فوق رؤوسنا وعلى بيوتنا"، واصفة الوضع "بالكارثي بكل معنى الكلمة". وتشاركها الوصف السيدة سماح أنور قويدر التي تقول: "المياه مقطوعة والجنود قصفونا بقنابل دخانية كثيفة، اختنقنا في منازلنا وعمّت المكان حالة من الذعر والخوف والظلام وسط أصوات انفجارات في كل مكان تجاه المدنيين". وتشير هنا السيدة سعاد النجار من منطقة خزاعة إلى أنها تركت زوجها في البيت ولجأت مع جميع أفراد أسرتها إلى إحدى مدارس الأونروا. وتصف الوضع قائلة: "ليس هناك طعام ولا شراب ولا شيء نفترشه على الأرض وسط درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة الشديدة. نحن نحمد لله على كل شيء، صامدون في شهر رمضان الكريم".
ويعاني سكان قطاع غزة برا وجوا وبحرا من حصار إسرائيلي خانق منذ سبع سنوات، زادت من مرارته أزمات متلاحقة حذرت منها مؤسسات اغاثية وانسانية محلية ودولية.