ما انعكاسات تزويد أوكرانيا المحتمل بالقنابل العنقودية؟
١٣ يوليو ٢٠٢٣في السابع من الشهر الحالي وقبل أيام من انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي(الناتو) في فيلنيوس، أعلنت الولايات المتحدة أنها سوف تزود أوكرانيا بذخائر عنقودية- إلى أن تتمكن من انتاج أنواع أخرى من الذخائر. وهو قرار مثير للجدل يتعارض مع وجهات نظر حلفاء الناتو الذين حظروا امتلاك واستخدام هذه الأسلحة وفق اتفاقية الذخائر العنقودية لعام 2008 .
وتقول الدكتورة "باتريشيا لويس" مديرة برنامج الأمن الدولي بالمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني "تشاتام هاوس"، وراشمسين ساجو مديرة برنامج القانون الدولي بالمعهد إنه رغم إعلان إدارة بايدن أنها تلقت تأكيدات من أوكرانيا بأنه لن يتم استخدام الذخائر في المناطق المأهولة بالمدنيين، وأن أوكرانيا سوف تحتفظ بتسجيلات وخرائط تتعلق بأماكن استخدامها وأنها سوف تقوم بعملية تطهير بعد الحرب، هناك مخاوف إنسانية كبيرة بالنسبة لاستخدام القنابل العنقودية، وأن القرار الأمريكي الأوكراني يبعث برسالة خاطئة للعالم على نطاق واسع- لا سيما بالنسبة للدول التي لم تنضم بعد لاتفاقية عام .2008
وتضيف الباحثتان لويس وساجو في تقرير نشره معهد تشاتام هاوس إن كل قنبلة عنقودية يمكن أن تنشر عشرات أو مئات الذخائر الصغيرة على مساحة واسعة النطاق. وأحيانا لا تنفجر هذه الذخائر الصغيرة على الفور- وهو ما يطلق عليه معدل الفشل- ، وتترك في البيئة، وغالبا ما تغوص في الأرض أو المياه. وفي الحروب الأخيرة، ظلت معدلات الفشل مرتفعة وتراوحت ما بين 10% إلى 40%- رغم أنها كانت أقل كثيرا في مرحلة الاختبار.
وكانت تداعيات هذه الذخائر الصغيرة التي لم تنفجر مماثلة للاستخدام طويل المدى للألغام المضادة للأفراد- وأسوأ منها في بعض الحالات.
وتبقى هذه الذخائر سنوات وحتى عقودا بعد الاستخدام، وغالبا ما يلتقطها الأطفال الذين يعتقدون أنها لعبا وعند انفجارها يشوهون أو يقتلون. والنتيجة واحدة سواء كان من أطلق هذه الذخائر عدو أو من جانبهم.
انتهاك القانون الدولي
كما أن استخدام هذه الأسلحة ينتهك القانون الانساني الدولي، أي مبدأ التمييز (الحاجة في أي صراع مسلح للتمييز بين المقاتلين والمدنيين، وبين الأغراض العسكرية والمدنية). كما أن المخاوف تتعلق بانتهاك مبدأ التناسب والقاعدة المضادة للهجمات العشوائية.
وتعتبر اتفاقية الذخائر العنقودية جزءا مهما من القانون الدولي لحظر استخدام الذخائر العنقودية تمشيا مع مبادىء القانون الدولي الانساني، الذي يركز على احتياجات المدنيين.
وحتى الآن يبلغ عدد الدول أطراف الاتفاقية 111، وهناك 12 دولة موقعة عليها. وهي تحظر استخدام، ونقل، وتخزين الذخائر العنقودية. وتتطلب من الدول التي انضمت إليها تدمير مخزوناتها من هذه الأسلحة، وتطهير المناطق الملوثة بذخائر صغيرة لم تنفجر وتقديم المساعدات للضحايا.
وتقول لويس وساجو إن الولايات المتحدة وأوكرانيا لم توقعا على الاتفاقية حتى الآن. وكذلك الصين والهند. ولكن بعض الدول الأوروبية انضمت للاتفاقيةـ بما في ذلك أعضاء في الناتو مثل المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا.
وأشارت إلى أن روسيا تستخدم الذخائر العنقودية طوال حربها ضد أوكرانيا، إلى جانب الألغام الأرضية والأسلحة الحرارية/ الفراغية. كما هددت باستخدام الأسلحة النووية. كما استخدمت أوكرانيا مخزونها من العهد السوفيتي من القنابل العنقودية.
ولكن حتى الآن لم تقم أي دولة من دول الناتو بتزويد أوكرانيا بقنابل عنقودية- وقد نفت تركيا وأوكرانيا تقارير تفيد بأن تركيا فعلت ذلك.
وأكد حلف الناتو أنه لن يزود أوكرانيا بذخائر عنقودية ، كما أعلنت ألمانيا معارضتها إرسال ذخائر عنقودية إلى أوكرانيا بالرغم من تصريحات أمريكية تفيد بعزم واشنطن السماح بذلك.
ويرى مؤيدو قرار الولايات المتحدة بأن عدد الذخائر العنقودية الأمريكية التي لن تنفجر أقل كثيرا عن عدد الذخائر والألغام الأرضية التي لم تنفجر بالفعل في أوكرانيا.
كما يقولون إن عدد المدنيين الأوكرانيين الذين سيقتلون سيكون أكثر كثيرا إذا لم تواصل أوكرانيا هجومها المضاد، وأن أوكرانيا سوف تخسر الحرب إذا لم يتم تزويدها بالذخائر الملائمة.
يذكر أن الكرملين حذر الأربعاء (12 يوليو/تموز 2023) من إنّ "الاستخدام المحتمل (من قبل كييف) لهذا النوع من الأسلحة يغيّر الوضع، وهو حتماً يُلزم روسيا اتّخاذ إجراءات مضادّة معيّنة" يقرّرها الجيش الروسي في حينه، وفق تصريح الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين.
ع.أ.ج/ ع ج م (د ب ا)