ما أسباب النتائج الصادمة لبعض مباريات مونديال قطر؟
٥ ديسمبر ٢٠٢٢منذ انطلاق مباريات كأس العالم (قطر 2022) وحتى الآن، فوجئ عشاق اللعبة بنتائج غير متوقعة لمواجهات كان يعتقد أنها محسومة سلفاً.
فاجأت السعودية الجميع وهزمت الأرجنتين فيما وصف بأنه أكبر صدمة في تاريخ البطولة الطويل، لتبدأ منذ هذه اللحظة سلسلة من النتائج غير المتوقعة. في الأيام التالية، تغلب المغرب على بلجيكا المصنفة الثانية عالمياً، فيما تفوقت أستراليا على الدنمارك لتضمن تأهلها إلى الأدوار الإقصائية في قطر.
وفي المجموعة الخامسة - التي وصفها البعض بالمجموعة المجنونة - جاءت النتائج غير متوقعة أيضاً، حيث تغلبت اليابان على كل من ألمانيا وإسبانيا لتتصدر المجموعة فيما تم إقصاء ألمانيا رغم فوزها على كوستاريكا التي هزمت منتخب الساموراي بعد أن كانت قد هُزمت من قبل إسبانيا 7-0 في مباراتها الأولى.
شهدنا الكثير من صدمات كأس العالم على مر السنين، لكن نسخة هذا العام شهدت أكثر مما اعتدنا. وتعد هذه النسخة من كأس العالم، وهي الرابعة فقط في تاريخ البطولة الممتد 92 عاماً حيث لم يفز أي فريق بجميع مبارياته في دور المجموعات، والأولى منذ 1994. فلماذا كان هناك الكثير من الاضطرابات في النتائج ببطولة هذا العام؟
مونديال لا مثيل له
هذه هي البطولة الأولى التي تقام في دولة عربية في الشرق الأوسط. كما أنها الأولى التي تقام في منتصف التقويم الأوروبي التقليدي لكرة القدم.
وبسبب قرار الفيفا بنقل كأس العالم من موطنها التقليدي في يوليو وأغسطس بسبب درجات الحرارة في قطر خلال تلك الأشهر، لم يكن لدى معظم الفرق سوى ما يزيد قليلاً عن أسبوع من التحضير للبطولة الدولية الأهم والأشهر، بحسب ما نشر موقع "سي إن إن" في تحليل مطول.
نتيجة لذلك، ازدهر أداء الدول التي تضم لاعبين لا يلعبون خارج بلادهم في الغالب مثل السعودية وأيضاً منتخب إنجلترا. ومع ذلك، فإن قطر المضيفة - التي يلعب أفراد منتخبها داخل البلاد - لم تبد منظمة جدًا، لتصبح أسوأ دولة مضيفة لكأس العالم على الإطلاق من حيث النتائج.
من ناحية أخرى، كافحت الفرق التي تضم لاعبين يشاركون في بطولات الدوري في جميع أنحاء العالم من أجل التماسك والحفاظ على اللياقة في المباريات المبكرة. بدت الأرجنتين مفككة، وافتقرت الدنمارك إلى الحيوية، وبدت بلجيكا متكاسلة حيث فوتت فرص الإعداد الجيد للمنافسات.
وفي الوقت نفسه، كان عدم وجود وقت للتحضير يعني وصول اللاعبين إلى قطر بعد أربعة أشهر من المنافسات الرياضية أمراً مرهقاً، حيث لعب بعض اللاعبين مباراتين في الأسبوع، فيما لم يحصل آخرون على الراحة الكافية قبل الانضمام للمنتخبات.
تسبب كل ذلك في انخفاض مستوى الكثير من النجوم بالإضافة إلى الإصابات التي لحقت بالعديد منهم. وأدى الافتقار العام للياقة البدنية إلى دفع المدربين لاستخدام البدلاء بنجاح، وهو غالباً ما يكون لاعب لديه حماسة شديدة للمشاركة وإحداث الفارق.
مشكلة التوقيت
بالنسبة للكثير من الفرق الكبيرة، يمكن ربط هزائمها المفاجئة بالظروف الوقتية. تبدو خسارة الأرجنتين أمام السعودية وكأنها نتيجة غريبة. سدد لاعبو المنتخب السعودي كثيراً على المرمى الأرجنتيني وألغيت للأرجنتين العديد من الأهداف بسبب التسلل، لكن السعودية خسرت في مباراتيهما التاليتين.
وفي حالة بلجيكا، فإن الصورة العمرية للفريق - الذي أطلق عليه اسم "الجيل الذهبي" - أدت بالبعض إلى الاعتقاد بأنه قد تجاوزه الزمن. قال نجم خط وسط الشياطين الحمر كيفن دي بروين إن فريقه "ليس لديه فرصة" للفوز باللقب لأن اللاعبين "كبار جدًا"، بحسب ما قال في مقابلة مع صحيفة "غارديان".
وبحسب ما نشر أيضاً، أدت تعليقات دي بروين إلى حدوث خلافات في غرفة تبديل الملابس في بلجيكا، ولكن أياً كان السبب فقد ثبت في النهاية أنه على حق حيث تم إقصاء الدولة الأوروبية في مرحلة المجموعات.
أما بالنسبة لألمانيا، فربما تكون مشاركتها المخيبة للآمال أقل مفاجأة. فالفريق كان يتكون من نجوم كبار في السن - توماس مولر ومانويل نوير وإلكاي غوندوغان جميعهم في الثلاثينيات من العمر - جنبًا إلى جنب مع مجموعة من الشباب قليلي الخبرة - جمال موسيالا وكريم أدييمي ويوسوفا موكوكو - ما أعطى صورة للفريق بأنه غير متكافئ، إلى جانب أن ألمانيا وقعت في مجموعة صعبة بالفعل.
في هذا السياق، أعرب النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي عن دهشته من الخروج المبكر للمنتخب الألماني. وأوضح ميسي في تصريحات لصحيفة "أوليه" الأرجنتينية الرياضية أنه لم يكن يتوقع إخفاقا مبكراً آخر لمنتخب الماكينات في المونديال.
وقال ميسي إن المنتخب الألماني يضم بين صفوفه عددا من اللاعبين المهمين. وأوضح: "المنتخب الألماني دائما بين أفضل الفرق"، بحسب ما نشرت وكالة الأنباء الألمانية.
كثيراً ما يدور الحديث عن أن مونديال 2022 قد جاء في وقت مبكر أو متأخر جداً بالنسبة للفرق. وفي حالة بلجيكا وألمانيا، ربما تقول النتائج إنهما لم يكونا على أتم استعداد لخوض المنافسات في نهاية العام.
طبيعة خاصة لكأس العالم
نظراً لطبيعة كأس العالم - فإن الفرق من جميع أنحاء العالم تتجمع في مكان واحد، وغالباً ما يرى المشجعون مواجهات لم يعتادوا عليها لمنتخبات رياضية، حيث تلتقي الجنسيات والمناطق والثقافات معاً في بوتقة ضخمة من الألوان والضوضاء وكرة القدم، وهو خليط أدى على مدى 90 عاماً إلى نتائج صادمة بشكل مستمر حتى اليوم.
فمن فوز الولايات المتحدة على إنجلترا في عام 1950 وكوريا الشمالية التي أزعجت إيطاليا في عام 1966 إلى فوز السنغال على حاملة اللقب فرنسا في عام 2002 والجزائر - في أول ظهور لها في كأس العالم - على ألمانيا الغربية في عام 1982، يحفل تاريخ البطولة بالمفاجآت.
عماد حسن