مؤلفات ألمانية لكشف أسرار تنظيم "الدولة الإسلامية"
٣٠ أبريل ٢٠١٥اكتظ مدرج Audimax في المبنى الرئيسي لجامعة هومبولت التاريخية في برلين مساء الاثنين 27.04.2015 بالحضور، الذين فاق عددهم 700 شخص. لا مقعد فارغ لأي قادم جديد، فقد نفذت التذاكر عن آخرها. وبعد تأخر حوالي نصف الساعة صعد الضيف المنتظر المنصة. لم يكن هذا الضيف إلا يورغن تودنهوفر صاحب الرحلة المغامرتية الشهيرة في الأراضي، التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية". جاء ليعرض كتابه "الدولة الإسلامية من الداخل: 10 أيام في الدولة الإسلامية". دوى تصفيق حاد، عندما أعلن تودنهوفر"منحه حصته من مبيعات الكتاب للاجئين السوريين والعراقيين وأطفال غزة". عرض تودنهوفر مغامرته وابنه فريدريك وخلص إلى أن "الدولة الإسلامية ليست بإسلامية، بل هي معادية للإسلام، وعلاقتها بالإسلام كعلاقة الاغتصاب بالحب".
"خلافة الرعب: الدولة الإسلامية وتهديد الإرهاب الإسلاموي"
في محاضرة خاصة أقامتها "مؤسسة كونراد أديناور" المقربة من الحزب الديمقراطي المسيحي في الـ22 من الشهر الجاري، عرض غيدو شتاينبرغ (47 عاماً)، الباحث الإسلامي والخبير بالجماعات الإرهابية، كتابه "خلافة الرعب: الدولة الإسلامية وتهديد الإرهاب الإسلاموي".
يتتبع شتاينبرغ نشوء التنظيم منذ تأسيسه على يد أبو مصعب الزرقاوي في بداية الألفية الثانية، مروراً بحروبه مع القوات الأمريكية والميليشيات الشيعية والقوات الحكومية العراقية إلى "صحوات العشائر السنية". ثم يتابع شتاينبرغ تمدد التنظيم إلى سوريا بعد بدء الربيع العربي، ثم بدء الابتعاد عن تنظيم القاعدة وجبهة النصرة في منتصف عام 2013، إلى إعلان "الخلافة" في منتصف عام 2014. ثم يعرج على عدة نقاط: "الخلاف مع القاعدة حول الاستراتيجيات مع تتطابق الأهداف"، المقاتلون الأجانب وجنسياتهم ومن ضمنهم الأوربيون والألمان.
ثم يختتم شتاينبرغ، الذي عمل سابقاً كمستشار في شؤون الإرهاب لدى المستشارية الألمانية ويعمل حالياً في "المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية"(SWP)، الكتاب بتأكيده على أن التنظيم يشكل خطراًعلى دول الشرق الأوسط بشكل أكبر من خطره على الغرب في الوقت الحاضر، وأن القاعدة هي الخطر الأكبر على الغرب. ثم يقدم سرداً بالاستراتيجيات لمواجهة التنظيم.
الكتاب مكتوب بلغة سلسلة وبسيطة وموجه للجمهور العادي بشكل أساسي، "ولكن الكتاب رصين علمياً، حيث إنه حصيلة أكثر من عشر سنوات من البحث العلمي، فقد بدأت منذ العام 2002 بدراسة سيرة حياة الزرقاوي، مؤسس التنظيم"، يعلق شتاينبرغ في تصريح خاص لـDW عربية. وعن مصادر معلوماته قال: "من أهمها الفيديوهات والبيانات والأناشيد الصادرة عن التنظيم، حيث يحبذ الإرهابيون نشر مثل هذه المواد عن إيدلوجياتهم وأهدافهم واستراتيجياتهم".
"السلطة السوداء:الدولة الإسلامية واستراتيجية الإرهاب"
يتناول الصحفي كريستوف رويتر (47 عاماً) في كتابه "السلطة السوداء:الدولة الإسلامية واستراتيجية الإرهاب"ظاهرة التنظيم بمنظور أمني-مخابراتي، ويرجعها في عمقها إلى ضباط بعثيين من أتباع صدام حسين، وتحديداً إلى عقلها المدبر عبد محمد الخليفاوي (حجي بكر)، الذي كان ضابطاً رفيعاً في مخابرات سلاح الجو العراقي. وينقل رويتر عن من عرف حجي بكر بأنه "متحفظ ومهذب ومتملق وشديد الانتباه وكتوم وغير صادق وغامض وشرير". ويستند رويتر، الذي تنقل بين عدة دوريات ألمانية شهيرة آخرها دير شبيغل ويتقن العربية وعمل في المنطقة العربية والإسلامية لربع قرن، في كتابه على زياراته الميدانية الكثيرة لسوريا وما رآه بنفسه وأحاديثه مع الناس هناك ومع أعضاء سابقين في التنظيم. والأهم هو الكم الهائل من الوثائق والمستندات، التي حصل عليها رويتر من مقاتلي المعارضة السورية بعد قتلهم حجي بكر في منطقة "تل رفعت" شمال حلب في كانون الثاني/ يناير العام 2014. وقد مكنته هذه الوثائق من الاطلاع على الاستراتيجة والتكتيكات والخطط التفصيلية للصعود السريع والمخطط له بعناية ودقة للتنظيم. ويرى رويتر أن التنظيم ما هو إلا جهاز مخابراتي.
"تنظيم الدولة الإسلامية: الأزمة السُّنيَّة والصراع على الجهادية العالمية"
يحاول الباحثان حسن أبو هنية ومحمد أبو رمان في كتابهما "تنظيم الدولة الإسلامية: الأزمة السُّنيَّة والصراع على الجهادية العالمية" تقديم إجابات عن المعالم الرئيسية لإيديولوجيا التنظيم وجبهة النصرة والسلفية الجهادية بشكل عام، وعن البنى الداخلية والهيكلية لهذه التنظيمات والخلافات والمعارك بين التنظيم والنصرة فيما إذا كان صراعاً على النفوذ أم أنه ينم عن اختلافات إيديولوجية جوهرية عميقة.
وعن المنهج الذي اتبعاه في الكتاب يقول أبو هنية في تصريح خاص لـDW عربية: "اتبعنا منهجاً يناهض الأطروحات الاستشراقية والثقافوية باختزالها وتنميطها في النصوص المؤسسة للخطاب الديني الإسلامي السني السلفي. اعتمدنا على منهج تفسيري عابر للتخصصات الاجتماعية والإنسانية من خلال البحث والكشف عن الأسباب العميقة في بروز الجهادية العالمية: الدكتاتوريات المحلية والأنظمة السلطوية والظرف الإقليمي المتعلق بحرف طبائع الصراع هوياتيا على أساس البنى الطائفية، التي أدت إلى انفجار الهوية السنية، والظرف الدولي الذي يستند إلى النزعة الامبريالية التوسعية والتي برزت إبان الاحتلال الأمريكي للعراق 2003 وما ترتب عليه من بناء العملية السياسية على أسس هوياتية خاطئة".
وتتكفل مؤسسة فريدرش إيبرت (مكتب عمّان)، المقربة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي بتمويل ونشر الكتاب باللغتين العربية والإنكليزية. وعن مصادر معلوماتهما أجاب أبو هنية: "اعتمدنا على المصادر المرجعية التي يعتمدها التنظيم في تأسيس سرديته السلفية الجهادية، والأرشيف الواسع الذي يقوم التنظيم برفعه على شبكة الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وإجراء مقابلات مع عدد من أتباع وأنصار تنظيم الدولة والنصرة والجهادية العالمية عموما، فضلاً عن المراجع العلمية المتعلقة بالظاهرة الجهادية".