الدول الأكثر تسببا بالانبعاثات اخفقت في الحد من الاحترار
١٢ نوفمبر ٢٠٢١أظهر مؤشر الأداء المناخي للعام الجاري أنه رغم التقدم الكبير في استخدام الطاقة المتجددة والالتزام بسياسات المناخ والتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري لا سيما الفحم، ألا أن وتيرة التحول إلى الطاقة النظيفة لا تزال بطيئة بشكل مقلق وبما لا يتماشى مع الالتزام المطلوب لوقف الاحتباس الحراري بالحد من الاحترار بحدود 1.5 درجة مئوية.
وكشف المؤشر عن أن المراكز الثلاثة الأولى ما تزال غير مشغولة مرة أخرىهذه العام لعدم تمكن أي دولة من الحفاظ على ارتفاع درجة حرارة بمعدل أقل من 1.5 درجة مئوية الذي يمثل حجر الأساس في اتفاقية باريس للمناخ، وذلك وفقا لتقييم 60 دولة بالإضافة إلى دول الاتحاد الأوروبي التي تشكل جميعا 90 بالمائة من إجمالي انبعاثات الكربون على مستوى العالم.
وتعكف منظمة ″جيرمان واتش″ لحماية البيئة غير الحكومية ومقرها ألمانيا ومعهد "نيوكلايمات" على تقييم إجراءات وسياسات الطاقة المستدامة وتصدران مؤشرا سنويا كوسيلة لمقارنة أداء المناخ في البلدان عبر معايير مشتركة. ويقوم العلماء بتصنيف البلدان بناء على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ومعدل الاعتماد على الطاقة المتجددة كمصادر للطاقة فضلا عن مدى التوسع في تطبيق إجراءات حماية البيئة والتشريعات والسياسات الرامية إلى مواجهة ظاهرة التغير المناخي.
الدول الاسكندنافية وبريطانيا والمغرب في الصدارة
وفيما يتعلق بأفضل الدول على مؤشر الأداء المناخي للعام الجاري، فقد احتلت النرويج المرتبة الأولى على الإطلاق بعد تسجيلها أعلى الدرجات في كل نقاط المؤشر بسبب تقدمها في مجال الطاقة المتجددة. كذلك حققت 15 دولة على درجة "عالية" في الفئات الأربع لهذا المؤشر وهو ما يعد أعلى من العام الماضي بدولة واحدة. واحتلت الدنمارك والسويد والنرويج المراكز الرابعة والخامسة والسادسة على التوالي بفضل الخطوات التي اتخذتها البلدان الثلاثة في مجال التحول إلى الطاقة الخضراء وسياسة المناخ.
وقد خلص المؤشر إلى أن الدول الاسكندنافية تعد نموذجا يحتذى به في إجراءات حماية المناخ الطموحة في سائر العالم. وفي ذلك، قال نيكلاس هون – أحد المشاركين في الدراسة والخبير في معهد "نيوكلايمات" ومقره مدينة كولونيا الألمانية - "إننا في مستهل عقد يتمحور بشكل أساسي حول تنفيذ الأهداف المناخية التي تم تحديدها."، وأضاف "الدنمارك والسويد والنرويج مثل المملكة المتحدة والمغرب تعمل بشكل أفضل مقارنة بباقي دول العالم".
ألمانيا تقدمت إلى المركز الثالث عشر
وفيما يتعلق بباقي بلدان التكتل الأوروبي، فقد وصلت فرنسا ولوكسمبورغ وألمانيا إلى "المنطقة الخضراء" على جدول تصنيف المؤشر بفضل التقدم الذي حققته الدول الثلاث إذ كانت ألمانيا – أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي- في منتصف التصنيف منذ عام 2013 لكنها تقدمت هذا العام لتحتل المرتبة الثالثة عشرة. ورغم ذلك، شدد جان بورك – أحد المشاركين في التقرير والخبير في منظمة ″جرمان واتش″ - على أنه من السابق لأوانه الاحتفاء بهذا التقدم الذي حققته ألمانيانظرا لأن المؤشر يقدم صورة ضبابية عن الأداء المناخي بشكل كبير. وأضاف "لقد حددت كل دولة لنفسها أهدافا (مناخية) طموحة، لكن العمل السياسي لم يوفر السبل الكافية لتحقيق هذه الأهداف المناخية".
وقد أشار إلى أن المعضلة الرئيسية التي تواجه ألمانيا فيما يتعلق بالسياسة المناخية تتمثل في ارتفاع متوسط نصيب الفرد من الانبعاثات والتوسع المتوقف منذ فترة طويلة في الطاقة المتجددة. وفي هذا الصدد، شددت ثيا أوليش من منظمة ″جرمان واتش″ والتي شاركت في التقرير، على ضرورة تصدر هذه القضايا لأولويات الحكومة الألمانية الجديدة. وقالت "نحن في حاجة إلى أن تتبنى الحكومة الألمانية الجديدة خطة مدتها 100 يوم منذ بدء عملها من أجل إحراز تقدم جاد في كافة القطاعات." وشددت على ضرورة أن يشمل ذلك التخلص التدريجي من الفحم بحلول عام 2030 والتوسع في مصادر الطاقة الخضراء وخفض الانبعاثات في قطاع النقل.
التخلص التدريجي من الفحم.. بريق أمل
واحتلت بلدان الاتحاد الأوروبي المراكز المتقدمة في المنطقة الوسطى من المؤشر عندما يتعلق الأمر بالأداء المناخي، بيد أن أداء بعض بلدان التكتل مثل بلغاريا والمجر وبولندا ورومانيا والتشيك كان ضعيفا خلال العام الجاري فيما يتعلق بالسياسات المناخية. ورغم ذلك، فإن هناك الكثير من الاتفاقيات الإيجابية التي خرجت من قمة المناخ المنعقدة في مدينة غلاسكو الاسكتلندية ما يمثل بريق أمل جديد في تغيير هذا المسار.
وفي مقابلة مع DW، قال جان بورك إن العديد من الدول تخطط للتخلص التدريجي من الفحم في غضون الخمسة عشر عاما القادمة، "لكن هذا لم ينعكس في تصنيف هذه الدول على المؤشر الحالي." وأضاف أن هذا الأمر يشمل البلدان الأوروبية التي كان أداؤها ضعيفا فيما يتعلق باعتمادها على الوقود الأحفوري. وفي هذا الصدد، قال إن "العديد من دول أوروبا الشرقية التي تعتمد بشكل كبير على الفحم بما يشمل بولندا قد وقعت على الاتفاقية فيما تتعاون جنوب إفريقيا مع بعض الدول الغربية مثل ألمانيا لدعهما من أجل التخلص التدريجي من الفحم بوتيرة أسرع".
يشار إلى أن بولندا وجنوب إفريقيا تحتلان مرتبة "منخفضة" و "منخفضة جدا" على التوالي،لكن بناء على الخطط الجديدة، قد يتحسن تصنيف البلدين في ترتيب مؤشر العام المقبل. وفي سياق متصل، كانت روسيا وأستراليا في ذيل التصنيف أي في المنطقة "الحمراء" وذلك بعد الولايات المتحدة والجزائر أما كوريا الجنوبية وتايوان وكندا وإيران والسعودية وكازاخستان فقط كان الأداء فيها هو الأسوأ.
أداء ضعيف في الصين وبعض التقدم في أمريكا
أما الصين – أكبر مصدر للانبعاثات في العالم – فقد تراجعت أربعة مراكز لتحتل المرتبة الـ 37 وتحظى بتصنيف "منخفض" إذ يعد ارتفاع الانبعاثات وضعف كفاءة الطاقة من أكبر المشاكل التي تواجه التنين الصيني. ورعم ذلك، حققت الصين تقدما في مجال واحد ألا وهو التوسع في الطاقة المتجددة إذ احتلت المرتبة الـ 23 في المؤشر متقدمة في ذلك على ألمانيا.
أما في الولايات المتحدة، فقد تقدمت من المركز الأخير إلى المركز الـ 55 إذ تم تصنيفها في فئة "منخفضة للغاية" فيما يتعلق بالانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وتوسيع نطاق الطاقة المتجددة. وقد عزا نيكلاس هون – الباحث في معهد "نيوكلايمات" هذا التقدم إلى التحسن في سياسة المناخ في الولايات المتحدة والأهداف المناخية الجديدة التي وضعها واشنطن لعام 2030. وأضاف هون "علينا الانتظار لسنوات لمعرفة ما إذا كانت سياسات الرئيس الأمريكي جو بايدن ستؤتي ثمارها بالفعل".
هل ستتراجع الهند؟
وفي آسيا، هناك مخاوف من مصير الهند التي تم تصنيفها في فئة "جيدة" لتحتل المرتبة العاشرة بفضل انخفاض معدل نصيب الفرد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وفقا للقائمين على التقرير، فإن تنفيذ الأهداف المناخية الطموحة يعد السبيل الوحيد لتفادي انخفاض تصنيف الهند في مؤشر الأداء المناخي.
الجدير بالذكر أن رئيس الوزراء ناريندرا مودي قد أعلن خلال قمة المناخ عن خطة جديدة لحماية المناخ بحلول عام 2030 فيما تعهد ببلوغ بلاده الحياد الكربوني 2070. وفي ذلك، قال مؤلفو مؤشر الأداء المناخي إنه إذا تم دعم هذه الأهداف في كافة القطاعات لضمان تنفيذها بشكل جيد، "فإن الهند تسير في طريقها إلى الأمام".
جانيت كوينك/ م.ع