مؤسسة فريدريش ايبرت الالمانية تساهم في دعم الدستور العراقي الجديد
٦ أبريل ٢٠٠٥في إطار جهود مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية المستقلة لدعم العملية الديموقراطية في العراق يُعقد في هذه الأيام في العاصمة الأردنية عمان مؤتمر يجمع القوى المدنية العراقية للمشاركة في الحوار الدائر حول الدستور العراقي الجديد. يشارك في هذا المؤتمر ممثلو المنظمات غير الحكومية العراقية و المهتمون بحقوق الإنسان وخبراء قانونيين عراقيين. وسيقوم المؤتمر ببلورة المبادئ الأساسية التي يجب أن يقوم عليها الدستور ورفعها إلى أعضاء الجمعية الوطنية العرقية حتى يتم مراعاتها في الدستور الجديد الذي ينتظر الفراغ منه في الخامس عشر من شهر أغسطس المقبل. ويكتسب هذه المؤتمر أهميته من كونه مؤتمراً لجهات غير حكومية، مما ينشط دور المجتمع المدني في العراق، ويوسع المشاركة في العملية السياسية .
وضع المرأة
تقف قضايا المرأة على قمة جدول أعمال المؤتمر حيث سيتم بحث قضايا أوضاعها في ظل الدستور الجديد. وعلى حد قول فاطمة فضيل ممثلة إحدى المنظمات النسائية في العراق فلقد حان الوقت، لكي تحصل المرأة علي حقوق المساواة وفرص عادلة تؤهلها إلى المشاركة السياسية. وتثبيت حقوق المرأة وصيانتها، يحتاجان إلى تأكيدهما بنصوص دستورية صريحة وواضحة، تكون أساسا لتشريع قوانين عراقية تنظم شؤون الآسرة. ومن أهم المواضيع المطروحة للنقاش في المؤتمر من قبل المرأة العراقية موضوع الجنسية العراقية وكيفية منحها. فأولاد المرأة العراقية المتزوجة من أجنبي لا يحصلون على الجنسية العراقية. وتري فاطمة فضيل أن هذا الوضع لابد أن يتغير لكي يتمتع أطفال العراقيات بحق المواطنة.
في السابق كان في نصوص القانون العراقي تميزا كبيرا بين حقوق الرجل والمرأة، حيث كان يُسمح لأولاد الرجل العراقي المتزوج من أجنبية بالحصول على الجنسية العراقية. لذلك يعمل المؤتمر على إصدار توصية بإلغاء القوانين التي تميز بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، مما سيوفر فرص متساوية بين الرجل والمرأة في المجتمع وسيؤدي إلى ضمان حقوق المرأة بموجب نصوص دستورية وقوانين عراقية جديدة.
لكن هل سيكرم سياسيو العراق الجديد المرأة العراقية بما تستحقه ويليق بها كمواطنة قدمت التضحيات الجسام عبر التاريخ؟ وهل للنساء صوت مسموع لدى رجال السياسة؟ ترد فاطمة فضيل على هذه الأسئلة بالإيجاب فهي متأكدة من أن المرأة العراقية سوف تحصل على حقوقها من خلال الدستور الجديد وأنها قادرة على إسماع صوتها وتحقيق أهدافها على الصعيد السياسي بعد المشاركة الهائلة للنساء في الانتخابات العراقية الماضية والتي فاقت مشاركة الرجال. وهي مقتنعة أن المنظمات النسائية في العراق قادرة على تعبئة النساء في المجتمع لكي يكافحن من أجل حقوقهن الدستورية.
قضايا الأقليات
أما ممثلو منظمات حقوق الإنسان وعلى رأسهم الأكراد فيركزون بالدرجة الأولى في هذا المؤتمر على ضمان حقوق الأقليات العرقية وترسيخها في الدستور العراقي الجديد. المحامي الكردي عبد الله زبيري عضو لجنة الدستور، التي تأسست من طرف رابطة المحامين العراقيين، يري أنه من اللازم أن يكون للدستور العراقي الجديد ركيزتان أساسيتان هما الديمقراطية والفيدرالية، لأن العراق يشمل طوائف مختلفة. ويرى المحامي زبيري أن الفدرالية هي أفضل وسيلة لضمان حقوق الإنسان والأقليات الوطنية. فالدولة الفدرالية يمكن لها إعطاء الأكراد كل الحقوق التي سلبها منهم الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
ولكن كيف يستطيع مؤيدو الفدرالية إقناع معارضيها المتخوفين من الانقسام الذي من الممكن أن يتعرض له العراق بعد تطبيقها؟ فهناك الكثير ممن يعتقدون أن قيام الفدرالية سيُلحق إضرارا جسيمة بمصالح الشعب العراقي فتحقيق الفدرالية يتطلب أولا تفتيت الدولة العراقية إلى أجزاء وكيانات قائمة على أسس عرقية ومذهبية. وكيف يفهم مصطلح "الدولة العلمانية" من قبل الطوائف الشعبية المختلفة في العراق؟ النقاش في الجلسة الافتتاحية أظهر أنه لا يمكن تقديم إجابات شافية على هذه الأسئلة ببساطة.
في الجلسات القادمة للمؤتمر يريد المشاركون التفاهم على المبادئ الأساسية للدستور وعرضها من خلال حوار مع وفد من الجمعية الوطنية. ولكن الوقت ضيق، لأن تقديم مشروع الدستور يجب أن يتم في شهر أغسطس. فضلا عن الاستفتاء الشعبي على الدستور المقرر إجراءه في أكتوبر المقبل. لذلك يتوقع المراقبون أنه سيكون من الصعب الاتفاق على كل المسائل والمطالب في مؤتمر عمان. إلا أنه يظل محاولة إيجابية لدفع العملية الديموقراطية في العراق.
علاء الدين سرحان