مؤتمر الدوحة للتغير المناخي - تحديات كبيرة وآمال ضعيفة
٢٦ نوفمبر ٢٠١٢فترات حر قاسية مثل تلك التي شهدتها روسيا عام 2010 ستصبح من الظواهر المعتادة مثل ارتفاع مستوى البحر. وستواجه الدول النامية خاصة في المناطق الاستوائية فترات جفاف عصيبة. هذا السيناريو المحتمل سيصبح حقيقة ملموسة في حال لم ينجح المجتمع الدولي في خفض انبعاثات الاحتباس الحراري بشكل ملحوظ، وفق ما جاء في تقرير حديث أصدره علماء من معهد بوتسدام الألماني لأبحاث المناخ بتكليف من البنك الدولي. وتتسبب الانبعاثات السامة في ارتفاع درجات حرارة الأرض. ومن ضمن الغازات السامة نذكر ثاني أوكسيد الكربون والميثان.
وسبق أن قرر المجتمع الدولي خلال مؤتمر المناخ قبل عامين في مدينة كانكون المكسيكية تحديد ارتفاع متوسط درجات حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين. لكن لا أحد يتوقع أن يتم خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي الذي تستضيفه العاصمة القطرية الدوحة من 26 نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 07 من ديسمبر / كانون الأول المقبل الوفاء بوعود خفض الانبعاثات السامة المسببة لارتفاع درجات حرارة الأرض.
"دول عربية مثل السعودية وقطر لم تتخذ إجراءات لحماية البيئة"
ويفسّر سفين هارملينغ، المكلف بسياسة المناخ الخارجية في منظمة جيرمن ووتش الألمانية التي تعنى بحماية البيئة هذا التحفظ إزاء التوقعات بشأن النتائج التي قد يتوصل إليها مؤتمر الدوحة بأن العديد من الدول كانت قد تعهدت خلال مؤتمرات تغير المناخ السابقة بخفض انبعاثاتها السامة. ويقول في حوار مع DW: "عدد كبير من هذه الدول قامت بإعادة صياغة قوانينها الوطنية وفقا لهذه التعهدات، وبالتالي فمن الصعب بالنسبة لها أن تقوم بتغييرات أخرى خاصة إذا لم تكن تعرف إذا ما كانت ستحقق الأهداف المحددة من قبل". ويشير هارملينغ إلى أنه يتوقع تعهدات جديدة فقط من بعض الدول، إذ يقول: "هناك تقريبا 100 دولة لم تعلن حتى الآن عن أي إجراءات لحماية المناخ خلال السنوات الماضية، من بينها دول كبيرة مثل الفلبين وتايلاند وكذلك دول عربية على غرار المملكة السعودية والدولة المضيفة للمؤتمر قطر. هناك إشارات تبعث على الأمل بأننا ربما نشهد مفاجآت". ولكن الأمر الحاسم بشأن نجاح مؤتمر الأمم المتحدة حول تغير المناخ في الدوحة أو فشله سيكون ما إذا سيتم تمديد فترة صلاحية بروتوكول كيوتو، الذي دخل عام 2005 حيز التنفيذ والذي التزمت الدول الموقعة عليه بخفض انبعاثاتها السامة بمقدار 5 بالمائة مقارنة بعام 1990. وهذا ما كان ينبغي تحقيقه في الفترة بين 2008 و2012.
هل ينجح المجتمع الدولي في الاتفاق على فترة التزام ثانية؟
ومع نهاية العام الجاري تنتهي ما تسمى "بفترة الالتزام الأولى"ببروتوكول كيوتو. وفي سياق متصل يعرب أوتمار إيدنهوفر، كبير الخبراء في الشؤون الاقتصادية لدى معهد بوتسدام الألماني لأبحاث المناخ، عن شكوكه في نجاح مؤتمر الدوحة في الاتفاق على "فترة التزام ثانية"وبالتالي تمديد بروتوكول كيوتو. ويقول في حوار مع DW: "أرى أن وضع المفاوضات الحالي يعطي الانطباع بأننا على الصعيد الدبلوماسي نقف في طريق مسدود." وعلى الرغم من ذلك فإن تمديد بروتوكول كيوتو في الواقع أمر محسوم مسبقا، لأن الدول المعنية اتفقت على ذلك خلال مؤتمر دوربان العام الماضي. وتأمل دول الاتحاد الأوروبي خلال مؤتمر الدوحة في الاتفاق على ملحق إضافي لبروتوكول كيوتو الذي من شأنه تهيئة الأرضية لفترة التزام ثانية تدخل حيز التنفيذ في أقرب وقت ممكن.
اتفاقية ملزمة للبعض وبدون أهمية لآخرين
ولكن هناك تباين في المواقف بشأن بعض النقاط المهمة، ومن بينها مدة فترة الالتزام الثانية ضمن بروتوكول كيوتو. فهل سيتم تمديد الفترة الزمنية إلى عام 2018 أم إلى عام 2020؟. وفيما يدعو الاتحاد الأوروبي إلى فترة التزام ثانية تنتهي بحلول عام 2020، تدعو دول أخرى على غرار بلدان الجزر الصغيرة إلى تمديد بروتوكول كيوتو فترة خمس سنوات بدلا من ثمانية أعوام. وفي سياق متصل يقول سفين هارملينغ من منظمة جيرمن ووتش: "هذه الدول لها مخاوف بأن يتم الاتفاق على أهداف غير طموحة بتاتا تضع أمامها قيودا لفترة ثمانية أعوام."
ويذكر أن تحالف بلدان الجزر الصغيرة على غرار ناورو وغيرينادا مهددة أكثر من غيرها من ارتفاع درجات حرارة الأرض وارتفاع مستوى سطح البحر.
وفي حال فشل المجتمع الدولي في الاتفاق على تمديد بروتوكول كيوتو فإن ذلك من شأنه أن يكون بمثابة فشل ذريع للمدافعين عن المناخ من سياسيين ومنظمات غير حكومية، بحكم أن بروتوكول كيوتو لا يزال الاتفاق الوحيد الذي يتضمن أهدافا ملزمة قانونيا لتخفيض الانبعاثات السامة. ولكن حتى في حال تمديد بروتوكول كيوتو تبقى هذه المعاهدة مجرد وثيقة ذات أبعاد رمزية، ذلك أنه من المتوقع أن يخضع الاتحاد الأوروبي وسويسرا والنرويج لفترة التزام ثانية، وهي دول لا تساهم إلا في 16 بالمائة من انبعاثات الغاز السامة على المستوى العالمي، فيما لم تصادق دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية أكبر منتج للغازات السامة ضمن الدول الصناعية حتى على البروتوكول بحد ذاته.
آندريا رونسبيرغ/ شمس العياري