مؤتمر الإسلام في ألمانيا: جدل حول النجاعة ومعايير المشاركة
١٨ أبريل ٢٠١٢تنطلق اليوم (الأربعاء 18 أبريل / نيسان 2012) فعاليات مؤتمر الإسلام بألمانيا وسط جدل لا يخلو من الحدة أحيانا. بعض الأصوات، ترى أن المؤتمر لن يحمل معه أي جديد يذكر منتقدة "الطريقة الانتقائية غير شفافة" للمشاركين، وكذلك التركيز على الجانب الأمني على حساب القضايا الأخرى.
وتستأثر الدورة الحالية من المؤتمر باهتمام كبير وسائل الإعلام الألمانية في سياق ظهور مجموعة من الدراسات تحذر من تزايد نسبة التطرف وسط الشباب المسلم، إضافة إلى تنامي المد السلفي في ألمانيا والذي كان من آخر تجلياته، قيام مجموعات سلفية متشددة بتوزيع نسخ من القرآن مجانا على غير المسلمين. DWعربية استطلعت آراء باحثين وفاعلين من المجتمع المدني في ألمانيا حول الموضوع.
"الإسلام ليس قضية المسلمين وحدهم"
ظهرت فكرة عقد مؤتمر للمسلمين بألمانيا سنة 2006 برعاية من وزير الداخلية الألماني السابق فولفغانغ شويبله بهدف بحث قضايا اندماج المسلمين، وخلق فضاء للحوار بين المسلمين والألمان. ويحاول ممثلو المسلمين بالتعاون مع ممثلي الأحزاب السياسية والمؤسسات الحكومية، اقتراح مشاريع لتحسين وضع المسلمين بألمانيا. وبهذا الصدد يقول البروفسور هاري هارون بير من المركز الإسلامي لجامعة إرلانغن (ولاية بفاريا) في اتصال معDWعربية، إن "الحديث عن الإسلام والمسلمين لا يجب أن يبقى حكرا على العائلات والأئمة في المساجد"، مضيفا أن" الدولة لديها الحق في تأطير مواطنيها، ويعتبر إدماج الإسلام في المدارس وتكوين المدرسين خطوة مهمة من أجل تحقيق ذلك".
وقد شرعت ألمانيا في تكوين مدرسين للدين الإسلامي في جامعات أوسنابروك، مونستر وتوبنغن. وتأمل الحكومة الألمانية من خلال هذه السياسة تلقين الدين الإسلامي بطرق معاصرة وبمناهج تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية بهدف تحقيق اندماج ناجع في المجتمع الألماني.
"فرصة جيدة للتعلم والتحاور"
يرى الكاتب والباحث المصري المقيم في ألمانيا حامد عبد الصمد، المعروف بكتاباته النقدية حول الإسلام، في اتصال مع DWعربية أن المؤتمر هو "فرصة جيدة للمسلمين والألمان للتعلم والتحاور". غير أن نديم إلياس، الرئيس السابق للمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا وأحد الأمناء الحاليين لنفس المجلس، عبر في حوار مع DWعربية، أنه "لا يتوقع أي نجاح للمؤتمر"، ويعود سبب هذا التشاؤم حسب إلياس إلى ما أسماه "تحول المؤتمر من حلبة لدمج المسلمين إلى حلبة لاستعدائهم". وقد أعطى إلياس مثالا ببعض الدراسات التي تم إنجازها مؤخرا حول المسلمين في ألمانيا وتركيز المؤسسات الراعية لتلك الأبحاث على "تطرف المسلمين وارتباطهم بالعنف".
وقد انتقدت العديد من الجمعيات الإسلامية ووسائل الإعلام الألمانية التركيز الكامل اختزال قضايا الإسلام في ألمانيا على مستوى التشدد الديني والمخاطر الأمنية المترتبة على ذلك. كما انتقدت أصوات أخرى الفشل في تقييم مخاطر التطرف اليميني، كما ظهر في قضية الخلية الإرهابية من النازيين الجدد والتي تورطت في سلسلة من عمليات القتل ضد الأجانب في ألمانيا وعلى مدى سنوات.
تباين الآراء بين المسلمين لا يقتصر فقط على المسائل التنظيمية بل يتعداه إلى الاقتراحات المستقبلية. فبينما يرى الباحث عبد الصمد أن أبرز مشاكل المسلمين في ألمانيا تتعلق ب"البطالة والتعليم وعدم تكافئ الفرص"، لأن "غالبية المسلمين منشغلون بأعمالهم، لا يربون اللحى ولا تراهم في الشوارع يوزعون الكتب الدينية" على حد تعبيره، فإن نديم إلياس يقول أن "التعليم وحده لا يكفي" والمطلوب في رأيه هو "إدماج المسلمين في الإدارات والمؤسسات الألمانية".
جدل حول معايير المشاركة
ومن القضايا المثيرة للجدل في المؤتمر هناك معايير دعوة "ممثلي المسلمين في ألمانيا"، فهذه يسار أيسون، الباحثة في جامعة فرانكفورت والناشطة في إحدى الجمعيات النسائية الإسلامية، توجه نقدها إلى طريقة اختيار المشاركين. ووصفت تلك المعايير ب "غير الشفافة". كما انتقدت أيسون ما أسمته بالوصاية المطلقة لوزارة الداخلية على المؤتمر.
وقد أعلنت في وقت سابق بعض الجمعيات الإسلامية عن انسحابها من المؤتمر بسبب حضور أسماء إسلامية نقدية بدعوى "أن هذه الأسماء لا تمثل المسلمين". إلا أن الكاتب حامد عبد الصمد يرد على هذا الطرح بدعوة المسلمين إلى "التخلص من القضايا الفرعية والكف عن الاستشهاد بالنصوص الدينية للدفاع عن الحوار بين المسلمين وغيرهم، مبرزا أنه "أحيانا هناك "أسلمة" لمسائل قد لا تكون لها علاقة بالإسلام، كالاندماج والمشاكل الاجتماعية الخاصة بالمهاجرين".
عبد الرحمان عمار
مراجعة: حسن زنيند