ليبيا ـ حكومة السراج تكسب المزيد من الدعم رغم المعيقات
٧ أبريل ٢٠١٦من قاعدة طرابلس البحرية، وفي ظل حراسة مشددة، يدير رئيس حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، أعمال حكومته. وقد حقق في الأسبوع الأول من مزاولة مهامه عدة نجاحات. وكان السراج قد سُمي رئيساً لهذه الحكومة في منتصف آذار/ مارس الماضي وفق اتفاق الصخيرات الذي رعته الأمم المتحدة. وكانت هناك مخاطر كبيرة من تعرض السراج لهجوم من قبل المجموعات المسلحة المنافسة له.
وقبل تقلده منصب رئيس الوزراء، كانت في ليبيا وعلى مدى شهور حكومتان تتصارعان مع بعضها البعض: "حكومة الإنقاذ الوطني" الإسلامية في طرابلس غير المعترف بها دوليا والحكومة المدعومة من البرلمان الذي يتخذ من طبرق بشرق ليبيا مقرا له، والتي يرأسها عبد الله الثني. وكان المجتمع الدولي يعترف بها قبل تشكيل السراج لحكومته.
وقبل يومين أعلنت حكومة طرابلس أو "حكومة الإنقاذ الوطني" برئاسة خليفة الغويل، المدعومة من ميليشيات "فجر ليبيا" الإسلامية وغير المعترف بها دوليا، مغادرة السلطة نهائياً لـ "تجنب المزيد من العنف وسفك الدماء"، حسب بيان لها. بيد أن خليفة الغويل تراجع عن إعلانه هذا وعاد إلى التمسك بالسلطة. كما طالب "وزراء حكومته" بممارسة مهامهم، ما أضفى بعضا من الضبابية على المشهد السياسي في غرب ليبيا. وكان الغويل نفسه قد وصف السراج وحكومته بـ "الحكومة المتسللة غير الشرعية".
أما حكومة عبد الله الثني بشرق ليبيا فلم تعترف حتّى الآن بحكومة السراج. وعلاوة على ذلك، فقد أعلن اللواء خليفة حفتر، المسؤول العسكري البارز فيها، معارضته الحازمة لحكومة السراج. ويُذكر أن حفتر يقاتل المتطرفين الإسلاميين منذ فترة طويلة. بيد أنه وبعد خمس سنوات من الحرب والعنف، يبدو أنه من المشكوك فيه أن يناصره أغلبية الليبيين في موقفه الرافض لحكومة السراج المدعومة من المجتمع الدولي.
ضغوط خارجية ـ فرص نجاح حكومة السراج
ولو كُتب لهذه الحكومة النجاح، فمن المحتمل أن يستطع هذا البلد تجاوز حالة الجمود السياسي المُخيم عليه منذ شهور كثيرة. فمنذ آب/ أغسطس عام 2014 حاول المبعوث الدولي السابق، برناردينو ليون، جمع الأطراف الليبية المختلفة إلى طاولة الحوار. بعد ليون ومنذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 يتابع الدبلوماسي الألماني، مارتن كوبلر، ما بدأ به سلفه.
ومن الممكن أن التوافق ما كان ليحصل من دون الضغوط الخارجية. فقد هدد الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على من يعارض حكومة السراج من السياسيين الليبيين، من بينهم رئيسا البرلمانين عقيلة صالح ونوري بوسهمين بالإضافة إلى رئيس حكومة طرابلس خليفة الغويل.
وربما تكون تهديدات السراج بتسليم لائحة بأسماء سبعة عشر شخصاً من السياسيين وقادة الميليشيات ورجال دين إلى الإنتربول قد فعلت فعلها أيضا . وحسب التقارير، فإنه في حال عارض هؤلاء حكومة السراج وخطتها للانتقال للديمقراطية، سيتم اعتبارهم "داعمين للإرهاب" وبالتالي يتخذ الإنتربول إجراءات قضائية ضدهم.
وفي سياق متصل أعلنت عدة مؤسسات مهمة في ليبيا دعمها لحكومة السراج وهي: المؤسسة الليبية للاستثمار، المؤسسة الوطنية للنفط، والبنك المركزي. كما اعترفت المزيد من المدن الساحلية، التي كانت تحت سيطرة "حكومة الإنقاذ الوطني" الإسلامية، بحكومة السراج. ويسمح اعتراف المؤسسات الأنفة الذكر للحكومة بالسيطرة على الأموال الليبية في الداخل والخارج. كما عبر كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية عن رغبتهم بدعم السراج وحكومته.
كيف يواجه خطر تنظيم " داعش" الإرهابي؟
الحاجة ملحة وفورية للتوافق السياسي في ليبيا، ويعود هذا إلى أن تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي، المعروف إعلامياً بـ "داعش"، مستمر بالتمدد في هذا البلد. "ليبيا دولة فاشلة بالمعنى السياسي"، حسب ما يقول خبير الشرق الأوسط في جامعة ماينز الألمانية، غونتر ماير، في حديث لـ DW.
وبعد ما مُني به التنظيم الإرهابي من هزائم عسكرية في العراق وسوريا، يتوجه بشكل متزايد نحو شمال إفريقيا. وبذلك سيشكل هذا التنظيم الإرهابي خطراً على الاتحاد الأوروبي. والكلام دائما للخبير الألماني غونتر ماير. "لا يمكن توقع القضاء على تنظيم داعش في الدول الإسلامية، ولا تناقص خطر الإرهاب في أوروبا"، حسب ما يقول ماير بالحرف.
وتم إدراك حقيقة أن تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي أكبر تحد محتمل لليبيا، وأنه لا يمكن مواجهة هذا التنظيم الإرهابي إلا بحكومة موحدة متماسكة، حسب رأي مراسل القناة الأولى في التلفزيون الألماني (ARD) بيرون بلاشكا. "في نهاية الأمر، فإن مباشرة حكومة السراج أعمالها هي الشرط المسبق للتمكن من محاربة تنظيم الدولة الإسلامية لإرهابي"، يخلص بلاشكا في حديثه مع DW.