ليبيا تتوجه للاستثمار الخارجي وتحاول جذب الشركات الألمانية
جاءت زيارة المستشار الألماني غيرهارد شرودر إلى ليبيا خريف العام الماضي مصطحبا معه وفد اقتصادي رفيع المستوى لتشير بوضوح إلى مدى اهتمام الحكومة الألمانية بالارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية بين برلين وطرابلس الغرب إلى مستوى أفضل وبدء صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين. ورافق الزيارة إبرام الجانبين اتفاقيات اقتصادية وتجارية كان أهمها اتفاقية بقيمة 180 مليون دولار وقعتها الشركة الألمانية العملاقة "سيمنس" مع الهيئة الليبية لانتاج الطاقة الكهربائية. ووفقا للمعلومات المتوفرة لدى موقعنا " دويشه فيله" فإن ألمانيا تُعد ثاني أكبر شريك تجاري لليبيبا بعد إيطاليا، كما تعتبر ليبيا رابع أكبر مصدر للنفط إلى المانيا. وتشير الأرقام ذاتها إلى أن الصادرات النفطية الليبية إلى ألمانيا بلغت قيمتها في العام الماضي 1،8 مليار يورو، فيما بلغت قيمة الصادرات الألمانية لليبيا في العام ذاته 500 مليون يورو.
ليبيا تنوي الاستثمار في ألمانيا
وفي هانوفر، حيث انطلقت أول أمس فعاليات المعرض الدولي للتكنولوجيا والصناعة، أدلى رئيس الوفد الليبي ونجل الرئيس معمر القذافي سيف الإسلام القذافي بتصريحات شجع من خلالها الشركات الألمانية على زيادة استثماراتها في بلاده. وكشف سيف الإسلام في حديث ليومية "فرانكفورتر الغماينة" الواسعة الانتشار عن نية الحكومة الليبية شراء حصص أسهم في شركات ألمانية. وفي حين رفض نجل الرئيس الليبي ذكر تفاصيل عن خطط طرابلس الرامية إلى شراء حصص الأسهم، قال إن المسؤولين الليبيين قيد بحث مسألة استثمار الاحتياطات النقدية الليبية في أسواق المال العالمية. وحسب الخبراء فإن الاحتياطات النقدية الليبية تتراوح بين 20 إلى 30 مليار دولار، الأمر الذي أكد عليه المسؤول الليبي.
تحديث البنية التحتية
أما بخصوص خطة الحكومة الليبية الساعية إلى تحديث البنية التحتية فقال نجل الرئيس الليبي إن الشركات الألمانية تستطيع الاستفادة من العروض التي تقدمها حكومة طرابلس. ويدور الحديث بالدرجة الأولى عن تنفيذ مشروع ضخم لبناء 500 ألف وحدة سكنية. إلى ذلك أشار سيف الإسلام القذافي إلى المؤهلات التي تتمتع بها الشركات الألمانية وأسباب مقنعة أخرى تسمح لشركات البناء الألمانية الحصول على حصة كبيرة من هذه المشاريع والصفقات. وهذا ما أكد عليه مدير غرفة التجارة العربية الألمانية بيتر غوبفريش، قائلا إن المشاريع الطموحة لا تقتصر في ليبيا على قطاعي النفط والغاز، بل تشمل أيضا مشاريع في قطاعات البنية التحتية والمستشفيات وتقنية طب الأسنان والسياحة والخدمات. من جانبه قال عبد السلام سلطان أحد المشاركين في الوفد الليبي للمعرض في حديث لموقعنا إن الوضع الاقتصادي في ليبيا في حالة جيدة ويشهد في الوقت الحاضر تحسنا ملموسا، مشيرا إلى توفر جميع الفرص للشركات الأجنبية الراغبة في الاستثمار في ليبيا. وتطرق سلطان إلى القوانين الليبية الجديدة قائلا إنها توفر الظروف الملائمة للاستثمارات الأجنبية.
مطلوب المزبد من الخطوات الليبرالية
#b#
صحيح أن الحكومة الليبية بادرت في السنوات الماضية إلى إجراء تعديلات على قوانينها الاقتصادية. وفي هذا الإطار أصدرت القانون رقم 5 لتشجيع الاستثمارات الأجنبية، إلا أن المختصين يرون أن عليها فعل المزيد من أجل توفير الشروط اللازمة لاستثمارات الشركات الأجنبية. وفي هذا الخصوص قال مدير غرفة التجارة العربية الألمانية بيتر كوبفريش إن أهم الظروف اللازمة لتشجيع الاستثمارات الأجنبية هي سن قوانين جديدة وخاصة في القطاع البنكي تسمح للشركات ألأجنبية نقل رؤوس أموالها إلى خارج البلد الذي تستثمر فيه. وذكر أن المشكلة الأساسية التي تواجه ليبيا بشكل خاص والبلدان العربية الأخرى بشكل عام هي مشاكل إدارية تتعلق بتطبيق القوانين الجديدة وكذلك بالفجوة بين القوانين ذاتها وتطبيقها. من جانبه لفت رجل الأعمال الألماني فريدريش فيبر الانتباه إلى البيروقراطية في الدوائر والوزارات، مشيرا إلى أنه من الصعب دائما العثور على المعلومات اللازمة من الوزارات والدوائر المختصة.
قطاع النفط والغاز
وعلى صعيد قطاعي النفط والغاز تعقد شركات ألمانية عديدة الآمال على تطوير العلاقات الاقتصادية الليبية- الألمانية. يشار إلى أن شركات ألمانية مثل ر في اي "RWE" و بي ا س ف"BSAF" و"فينترشال" التي تعمل في ليبيا منذ عام 1958 لم تنجح في الجولة الأولى من المناقصات على الحصول على امتيازات في قطاعي النفط والغاز كون عروضها لم تكن الأنسب. وفي هذا الخصوص ناشد سيف الإسلام القذافي الشركات الألمانية بتقديم عروض أكثر جرأة في الجولتين التي من المقرر تنظيمهما في مايو/ أيار وديسمبر/ كانون الأول المقبلين. وقال نجل الرئيس الليبي " .... أنصح الشركات الألمانية بأن تكون جريئة في تقديمها لعروض قادرة على منافسة الشركات الأجنبية الأخرى وخاصة الأمريكية منها."
ناصر جبارة