لهجة أمريكية جديدة إزاء الديمقراطية في الشرق الأوسط
اللغة التي تحدثت بها وزيرة الخارجية الأمريكية ليست قطعا ما عهدته القاهرة من قبل، واللهجة الشديدة التي طغت على خطاب رايس لا تمت بصلة الى تلك التي يتحدث بها الأصدقاء، وبالتحديد ما جاء في سياق كلمتها، بأن أمريكا أهملت الديمقراطية في سعيها إلى الاستقرار في الشرق الأوسط على مدى ستين عاماً. أما المحصلة بحسب رايس فهي أن كلا الهدفين لم يتحقق. والآن تعتزم واشنطن دعم الحركات الديمقراطية.
فتور في القاهرة والرياض
يمكن تلخيص المغزى الذي ترمي اليه رايس في أن أمريكا لن تدعم من الآن فصاعدا الأنظمة الديكتاتورية، وأنها بدلا من ذلك ستركز على دعم ارادة الشعوب. هذا الاتجاه الأمريكي الجديد لم يقابل بالحماس من قبل القاهرة والرياض التي زارتها رايس قبل وصولها الى القاهرة، سيما ,أن كلاهما يعتبر نفسه صديقاً لواشنطن وحليفاً مخلصاً لها. أما غياب الحريات المدنية وكبت الشعوب الذي أضحى روتينا يوميا في هذين البلدين، اعتبر حتى الآن كجزء من خطة العمل المشترك مع أمريكا. فكل ما يهدد النظام المصري أو السعودي هو تهديد لذلك العمل المشترك وبالتالي لمصالح أمريكا في المنطقة. هذه الاطروحة استخدمت من قبل تلك الأنظمة على مدى عقود لتكريس سلطتها ولاقصاء المعارضين والمخالفين لها في الرأي. ولا بد ان مطالب أمريكا بمزيد من الحريات، جاء محيرا لكل من مصر والسعودية. الرئيس مبارك رد باعرابه عن استعداده بقبول مرشح ضده في الانتخابات القادمة، وان كان ذلك لا يغير من حقيقة أن الفائز الوحيد هو مبارك أو في المستقبل القريب ابنه، في عملية لتوريث السلطة المتوقعة.
غياب مباديء الحكم الديمقراطي
أما الرسالة الي المملكة العربية السعودية فقد كانت واضحة، ومضمونها أن نظام الحكم الملكي الذي يسمح للعائلة المالكة بامتيازات غير محدودة، يعيق دمقرطة البلاد، وهو الشئ الذي تصبو اليه الطبقة الوسطى والتي بدأ صوتها يعلو مطالبا بحق الشعب في المشاركة السياسية وفي الثروة، وان كانت الاصلاحات الأخيرة قد نتج عنها تأسيس البرلمان واجراء انتخابات محلية الا أن ذلك لم يضمن المشاركة الحقيقية للشعب. ولكن هل السعودية ومصر هما البلدان الوحيدان اللذان يتم تجاهل مبادئ الحكم الديمقراطي فيهما؟ فباستثناء الانتخابات الحرة التي شارك فيها الفلسطينيون وتلك التي اجريت في العراق وتلك التي تجري حاليا في لبنان والتغير الديمقراطي في ايران فان هذا الوضع هو القاعدة في دول المنطقة. ربما تكون المبادرة الأمريكية قد جاءت متاخرة لعقود من الزمن الا أن تذكير واشنطن لحلفائها في المنطقة بضرورة ادخال الديمقراطية أفضل من تجاهله تماما.
بيتر فيليب