لمواجهة تبعات كورونا.. خطة لإعادة توطين الشركات الفرنسية
١١ يوليو ٢٠٢١قررت شركة "اوِر Auer " الفرنسية متوسطة الحجم، منذ سنوات قليلة تحويل إنتاجها من الغلايات التي تستخدم الوقود التقليدي إلى مضخات الحرارة الموفرة للطاقة. وخلال هذه العملية، اعتبرت الشركة أنه من الضروري إعادة أجزاء من طاقتها التشغيلية وخطوطها الانتاجية من بلدان مثل بولندا وصربيا إلى فرنسا، وفقا لما ذكره المدير العام للشركة ليونيل بالاندري في مقابلة مع DW.
وأضاف لـ DW قائلا: "بدأنا في إعادة إنتاج خزانات المياه الفولاذية المطلية بالمينا بسبب أنها تعد عنصرا استراتيجيا في المضخات الحرارية التي تقوم بصناعتها. هذا الأمر سيساعدنا في حماية ابتكاراتنا".
وأشار بالاندري إلى أن شركته تعمل "على تخفيض تكاليف إجمالي الإنتاج من خلال التشغيل الآلي وخفض رسوم النقل كذلك لم نعد مضطرين للتعامل مع تأخيرات التي تحدث في عمليات النقل لمسافات طويلة."
توقف بسبب كورونا
بيد أن خطط إعادة كافة خطوط الإنتاج لشركة "اوِر" إلى فرنسا توقفت العام الماضي بسبب جائحة كورونا. وفي هذا الصدد، يقول بالاندري إن "السوق الفرنسية انهارت بشكل جزئي بسبب جائحة كورونا وليس واضحا متى ستنتعش هذه السوق مجددا وتعود الأمور إلى طبيعتها وهذا الأمر دفعنا إلى أن نتساءل حيال قرار الانتقال". وأضاف "لكن عندما حصلنا على عرض من الحكومة بتقديم دعم، قررنا المضي قدما في الأمر."
يشار إلى أن شركة " اوِر" الفرنسية قد حصلت على دعم حكومي يبلغ 800 ألف يورو (946 ألف دولار) لدعم استثمارات الشركة الأخيرة التي تقدر بخمسة مليون يورو في منشآت الإنتاج الجديدة في مقر الشركة في مدينة فوكويريس أون فيميو في شمال فرنسا. وهذا العام أضافت الشركة عشر وظائف جديدة هناك.
الإغراءات الحكومية
وليست " اوِر" الشركة الفرنسية الوحيدة التي تقرر العودة إلى فرنسا إذ أن خطط إعادة توطين الشركات الفرنسية إلى فرنسا تعد جزءا من خطط الرئيس إيمانويل ماكرون لإنعاش الاقتصاد الفرنسي المتضرر جراء أزمة كورونا.
وفي مقابلة معDW ، قالت وزيرة الصناعة الفرنسية أنييس بانييه رانشر "نقدم دعما حكوميا يصل إلى 500 مليون يورو إلى 500 شركة من أجل إعادة توطينها من الخارج إلى فرنسا".
وأضافت "تحولت بلادنا خلال الثلاثين عاما الماضية إلى ما يشبه بلدا غير صناعي. فالقطاع الصناعي يمثل فقط 12 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لفرنسا مقارنة بنسبة 23 بالمائة في ألمانيا. ومع ذلك، يعد هذا القطاع العمود الفقري لاقتصادنا لذا نريد إعادة تعزيز صناعتنا."
لكن الوزيرة الفرنسية أشارت إلى أن وباء كورونا كشف عن الجوانب السلبية حيال سلاسل التوريد العالمية.
وفي هذا الصدد، قالت رانشر "الشركات أدركت أن الاستثمار والانتقال إلى الخارج قد يجعلها أقل تنافسية عندما تتوقف سلاسل التوريد العالمية فجأة. وبالإضافة إلى ذلك، عندما يتم الإنتاج محليا فإن هذا من شأنه أن يعزز الاستجابة بشكل أفضل للتغيرات في السوق ويسهل عملية ابتكار نماذج وأساليب جديدة".
الإقبال عن المنتجات فرنسية الصنع
ويبدو أن وباء كورونا لم يؤثر في الشركات الكبرى فحسب وإنما أيضا أثر في الطريقة التي يفكر فيها المستهلك فيما يتعلق بالمنتجات التي يرغب في شرائها، وفقا لما ذكره جوليان بيانكي المدير العام لشركة "تي. بي. إس" الخاصة بصناعة الملابس والأحذية التي تبيع منتجاتها في 40 متجرا تملكها في أنحاء فرنسا فضلا عن عمليات البيع بالجملة.
وأضاف بيانكي أن "المزيد والمزيد من زبائنا يسألون في متاجرنا عما إذا كانت الملابس التي نبيعها مصنوعة في فرنسا. هناك إقبال حقيقي على شراء المنتجات المصنوعة محليا".
وهذا ما دفع بيانكي العام الماضي إلى تحويل ورشة في منطقة سان بيير مونتليمارت بغرب فرنسا إلى وحدة إنتاج صغيرة يعمل فيها حاليا سبعة موظفين فيما يتوقع أن يرتفع العدد إلى عشرة هذا الخريف.
وفي هذا السياق، يضيف "تكاليف الإنتاج في فرنسا أعلى بنسبة 30 بالمائة عن تركيا حيث مازلنا ننتج قطاعا كبيرا من ملابسنا. لكننا نحقق أرباحا من بيع هذه الملابس المصنوعة في فرنسا حتى أننا أصبحنا لا نستطيع مواكبة الطلب".
وأشار بيانكي إلى أن الشركة حاليا تمر "بأزمة نمو"، مضيفا "لدينا طلبات لأكثر من 16 ألف قطعة سنويا، لكن قدرة الإنتاج السنوية تبلغ فقط 11 ألفا".
وإزاء ذلك، تخطط الشركة لإيجاد 30 وظيفة في وحدتها الجديدة خلال السنوات القليلة المقبلة وتعتزم إنفاق 500 ألف يورو لإنشاء متجر جديد وشراء آلات جديدة فيما تتأمل الشركة أن تدفع الحكومة نصف قيمة هذه الاستثمارات.
خلق آلاف الوظائف
وفي هذا الصدد، يرى ديفيد كوسكير - الرئيس التنفيذي لشركة استشارات "ترينديو" أن ما قامت به شركتا "اور" و"تي. بي. أس" ليست سوى البداية. وتراقب ترينديو عمليات إعادة توطين الشركات الفرنسية إلى فرنسا في السنوات القليلة الماضية.
ويضيف "في عام 2019، أقدمت قرابة 20 شركة على إعادة توطين خطوط إنتاجها (إلى فرنسا). وارتفع هذا الرقم إلى 30 شركة العام الماضي. ومن المحتمل أن يصل هذا الرقم إلى 80 هذا العام." ويؤكد كوسكير أن هذا الأمر من شأنه أن يخلق مئات الآلاف من فرص العمل على المدى البعيد.
أزمة نقص العمالة الماهرة
ويشير كوسكير إلى أن الشركات التي أعادت خطوط إنتاجها إلى فرنسا "لا تزال فقط الشركات الصغيرة أو متوسطة الحجم." ويضيف "لم نتمكن من إعادة صناعتنا بشكل كامل إذ لم نعد نمتلك القدر الكافي من العمالة الماهرة والموظفين المؤهلين".
ورغم ذلك، يؤكد المدير العام لشركة "اور" الفرنسية ليونيل بالاندري أن الشركة ماضية قدما في خطط إعادة التوطين إلى فرنسا بغض النظر عن التحديدات. ويقول "سنضيف 50 وظيفة أخرى إلى 70 وظيفة خلال السنوات الخمس المقبلة وسنعمل على تدريب الموظفين والعمال الجدد بأنفسنا إذ لزم الأمر".
ومن أجل استيعاب هذا العدد من الموظفين الجدد، تعتزم الشركة إنشاء وحدة جديدة بحلول سبتمبر/ ايلول من العام المقبل.
وفي هذا السياق، يؤكد بالاندري "لكي نحافظ على قدرتنا التنافسية، يتعين علينا أن نظل نتحكم على ابتكاراتنا ومكوناتها الحيوية خاصة في سوق سريع التطور مثل سوق المضخات الحرارية الصديقة للبيئة".
ليزا لويس / م.ع