1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لماذا يُعد ضَعف اليورو مشكلةً كبيرةً؟

٨ سبتمبر ٢٠٢٢

انخفضت قيمة اليورو إلى أدنى مستوياتها خلال 20 عامًا مما يهدد بإلحاق مزيد من الضرر بالاقتصاد الأوروبي الذي يتعين عليه مواجهة مشكلة التضخم المتزايد. لكن الخبر السيئ هو أن تراجع العملة الموحدة قد لا يتوقف عند هذا الحد.

https://p.dw.com/p/4GTbs
اليورو والدولار
يتوقع محللون اقتصاديون أن يشهد سعر صرف اليورو انخفاضاً جديداً مقابل الدولارصورة من: Mykola Tys/picture alliance

انخفض اليورو يوم الاثنين (الخامس من سبتمبر/ أيلول) إلى ما دون 0.99 دولار وهو أدنى مستوى له في 20 عاماً بعد أن أدى وقف روسيا لإمدادات الغاز عبر خط الأنابيب الرئيسي إلى أوروبا إلى تصاعد المخاوف من تفاقم أزمة الطاقة في جميع أنحاء المنطقة.

في الأشهر الأخيرة، ارتبطت قيمة العملة المشتركة بشكل متزايد بأسعار الغاز الطبيعي، وتزامن انخفاض اليورو مع ارتفاع أسعار مصادر الطاقة.

وتسعى أوروبا جاهدة للابتعاد عن إمدادات الطاقة الروسية وتكوين احتياطيات قبل أشهر الشتاء الباردة، لكن المستثمرين يعتقدون أن الضربة التي ستلحق باقتصاد القارة ستكون ضخمة. وجاء الانزلاق الحالي في قيمة العملة سريعاً، فقبل أن تشن روسيا حربها على أوكرانيا، كان اليورو يساوي 1.15 دولاراً.

لماذا ينخفض ​​اليورو؟

أدى التدهور العام في توقعات منطقة اليورو - وسط ارتفاع أسعار الغاز والمخاوف من قيام روسيا بقطع إمدادات الغاز الطبيعي - إلى انخفاض العملة المشتركة، كما أدى الاعتماد الكبير للاقتصادات الكبرى مثل ألمانيا وإيطاليا على الغاز الروسي إلى إثارة قلق المستثمرين، حيث توقع الاقتصاديون حدوث ركود بشكل أسرع وأكثر إيلاماً في منطقة اليورو مقارنة بالولايات المتحدة.

يضاف إلى ذلك الاختلاف في مستويات أسعار الفائدة في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو. إذ كان الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أكثر جرأة في رفع أسعار الفائدة في معركته ضد التضخم. ففي حين رفع البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 225 نقطة أساس مجتمعة منذ مارس/آذار، رفع البنك المركزي الأوروبي (ECB) معدل الفائدة حتى الآن بمقدار 50 نقطة أساس فقط.

وفي هذا السياق، قال كارستن برزيسكي، كبير الاقتصاديين في شؤون ألمانيا والنمسا لدى مصرف "ING" ، لـ DW: "ستذهب الأموال إلى المكان ذي العائد المرتفع".

على جانب آخر، يستفيد الدولار الأمريكي أيضاً من جاذبيته كملاذ آمن. وسط كل الكآبة والإحباط وعدم اليقين بشأن الاقتصاد العالمي، يشعر المستثمرون بالراحة تجاه الأمان النسبي الذي يقدمه الدولار، حيث هم أقل تعرضاً لبعض المخاطر العالمية الكبيرة في الوقت الحالي.

انخفاض سعر اليورو، و ارتفاع الاستهلاك

ما هو التكافؤ مع الدولار؟

التكافؤ يعني بشكل أساسي أن دولارا واحدا يشتري يورو واحدا. إنه ليس أكثر من حاجز نفسي للمشاركين في السوق والمعروفين بولعهم بالأرقام المتقاربة. وقال برزيسكي: "الأسواق المالية تحب دائماً العثور على نوع من المعنى الرمزي".

غالباً ما يكون مستوى التكافؤ بين العملات هو النقطة التي يقوم عندها المضاربون بتحديد الاتجاه الذي تسير فيه العمليات. كان هذا هو الحال عندما انخفض اليورو باتجاه التكافؤ الشهر الماضي. تجنبت العملة الأوروبية الإغلاق دون حد التكافؤ بعد أن كانت قد انخفضت بالفعل لفترة وجيزة إلى هذا المستوى.

كيف يؤثر ضعف اليورو على المستهلكين؟

سيزيد انخفاض اليورو من العبء على الأسر والشركات الأوروبية التي تعاني بالفعل من ارتفاع معدلات التضخم. وضَعف العملة سيجعل الواردات - والتي في الغالب يتم تقديرها بالدولار - أكثر تكلفة. عندما تكون هذه العناصر عبارة عن مواد خام أو سلع وسيطة فإنه من الممكن أن تؤدي تكاليفها المرتفعة إلى زيادة الأسعار المحلية.

في الأوقات العادية، يُنظر إلى ضعف العملة على أنه خبر جيد للمصدرين والاقتصادات ذات الصادرات الثقيلة مثل ألمانيا، لأن ذلك يعزز من الصادرات بجعلها أرخص بالدولار. لكن هذه الأوقات ليست عادية بسبب المشكلات الحادثة في سلاسل التوريد العالمية والعقوبات على روسيا والحرب في أوكرانيا.

وقال برزيسكي: "في الوضع الحالي مع التوترات الجيوسياسية، أعتقد أن الفوائد الناتجة عن ضعف العملة أقل من العيوب".

لكن بالنسبة للمسافرين الأمريكيين المتجهين إلى أوروبا، يعتبر ضعف اليورو أمراً رائعاً. على سبيل المثال، على مستوى التكافؤ، من الناحية النظرية، سيكون بإمكان هؤلاء الأشخاص استبدال 1000 دولار مقابل 1000 يورو بدلاً من أقل من 900 يورو في فبراير/شباط. بعبارة أخرى، فإن قيمة دولاراتهم ستكون أكثر من ذلك بكثير، وبالنسبة للشركات التي تستورد البضائع الأوروبية فستكون الأشياء أرخص بالدولار.

إلى أي مدى سينخفض ​​اليورو؟

ارتفعت الرهانات على استمرار انخفاض اليورو مع تفاقم أزمة الطاقة في أوروبا. وتوقع المحللون الاستراتيجيون في النادي الاقتصادي "Nomura International" أن اليورو قد ينخفض ​​إلى 0.95 دولار، فيما يتوقع بنك الاستثمار الأمريكي Morgan Stanley أن تنخفض العملة إلى 0.97 دولار هذا الربع من العام.

في الوقت الذي يتطلع فيه الاتحاد الأوروبي إلى التخلص من النفط والغاز الروسيين، فإنه يسعى جاهداً لإيجاد بدائل وسط مخاوف من انقطاع التيار الكهربائي وترشيد استهلاك الطاقة. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف إنتاج الطاقة واستخدامها.

كتب جورج سارافيلوس، رئيس أبحاث العملات الأجنبية في مصرف "دويتشه بنك" الألماني، في مذكرة للعملاء قال فيها: "إن فاتورة استيراد الطاقة المتضخمة هي مسألة سلبية بالنسبة لليورو، وتوقعاتنا على المدى القصير حتى سبتمبر/ أيلول تستمر أن يبقى الصراع بين اليورو والدولار الأمريكي مستقراً حول نقطة التكافؤ"، وذلك في إشارة إلى زيادة قيمة فاتورة واردات الغاز الطبيعي المسال والانخفاض المتوقع لاحقاً في الطلب على الغاز مع تحول الصناعة إلى أنواع الوقود الأخرى.

ماذا يعني ضعف اليورو بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي؟

ضعف اليورو وارتفاع الأسعار الذي يغذي هذا الضعف يضيفان تحديات جديدة إلى التحديات التي يواجهها البنك المركزي الأوروبي، والذي تعرض لانتقادات بسبب شروعه في رفع أسعار الفائدة في وقت متأخر عن أقرانه.

وما جعل الأمور أسوأ بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي الذي يحمل تفويضاً لترويض التضخم، أن الأمر لم يتوقف عند ضعف اليورو مقابل الدولار فحسب، بل أيضاً أمام العملات الأخرى مثل الفرنك السويسري والين الياباني.

وقال فيراج باتيل، محلل استراتيجي للعملات الأجنبية لدى شركة الأبحاث العالمية المستقلة "فاندا ريسيرش"، لـ DW: "يساهم هذا الأمر في أن يتمدد نطاق تأثير ضعف اليورو، وبالتالي يصبح مشكلة تضخم كبرى بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي".

كان انخفاض اليورو أحد العوامل التي دفعت البنك المركزي الأوروبي للإعلان عن رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في يوليو/تموز، وهو ضعف المعدل الذي حدث في يونيو/ حزيران.

أشوتوش باندي/ع.ح.