لماذا يقبل الطلبة الألمان على تعلم العربية رغم صعوبتها؟
١٥ سبتمبر ٢٠١٣وفي الوقت الذي أدى فيه بروز المنطقة العربية وخاصة منطقة الخليج كقوة اقتصادية ذات فرص استثمارية واعدة من جانب، ونشوء الأزمات وثورات "الربيع العربي" من جانب آخر، ازداد الإقبال على تعلم اللغة العربية بقصد العمل أو بدوافع سياسية، فضلاً عن أسباب أخرى تدفع الألمان إلى تعلمها. وعن هذا يقول أستاذ اللغة العربية والترجمة في جامعة بون سرجون كرم: "لا يمكنني حصر سبب اهتمام الطلبة الألمان بدراسة اللغة العربيّة في إطار واحد. فلكلّ طالب أسبابه".
ويضيف في حوار مع DW عربية: "أوجز بعض الأسباب التي تدفع الطالب الألماني لدراسة اللغة العربيّة، منها مثلاً: الإعجاب بالثقافة والعادات الإسلامية والعربيّة بعد رحلة استجمام، إذ يعتبر البعض الثقافتين العربية والإسلامية عالماً غريباً ومثيراً يجدر التعرّف إليه".
وبحسب أستاذ اللغة العربية فإن أحداث الحادي عشر من سبتمبر لعبت أيضاً دورها في لفت الانتباه للتعرّف إلى الفكر الإسلامي ومحاولة فهمه. كما أن للحافز الثقافي والديني بالنسبة إلى الطلاب الألمان الذين تعود جذورهم إلى أصول عربيّة أو تركية، دور في اقبالهم على تعلم العربية. "هناك أيضاً عدد قليل من الطلاب من جذور ألمانية بحتة، ارتبطوا بعلاقة صداقة أو زواج بأشخاص مسلمين أو عرب، ويرغبون في تعلم لغة شريك الحياة أو الحبيب".
مشاكل وصعوبات
وحول الصعوبات التي تواجه الطلبة الألمان عند دراستهم للعربية – وهي بالنسبة لهم لغة بعيدة عن اللغات المعروفة في محيطهم الأوروبي- يقول كرم: "أولاها نطق بعض الحروف غير الموجودة في اللغة الألمانية كحرف العين، بالإضافة إلى صعوبة التمييز في مخارج الحروف بين التاء والطاء والسين والصاد وغيرها".
ومن ثم صعوبة في الكتابة من اليمين إلى اليسار، "زد على ذلك أنّ تدريس الحروف وكتابتها، ما يجعل الأمر في البدء يبدو كحصة الرسم في المدرسة. بعد هذه المرحلة تبدأ التحديات أمام الطالب في فهم اللغة ورتبة الجملة العربية". وفي ضوء ذلك توجد محاولات دائمة لتذليل الصعوبات والمشاكل التي تعترض الطالب الأجنبي أثناء تعلّمه العربيّة.
في الغالب يتعلم الطلبة الألمان اللغة العربية الفصحى، التي قد لا يتحدث بها أحد في العالم العربي وتُستخدم فقط في وسائل الإعلام والنشر والتأليف. "نظام تدريس اللغة العربيّة في الجامعات الألمانية هو نظام فلولوجي، إذ يتعلّم الطالب قواعد اللغة الفصحى ما يمكنه من قراءة النصوص الكلاسيكية ولكنه عاجز عن التحدّث باللهجات العامية". وهذه إشكالية لم تدخل بعد في حسبان الكثير من معاهد تعليم العربية في ألمانيا. لكن رغم ذلك تبقى لمتعلمي العربية من الألمان أسبابهم المختلفة.
مد الجسور بين الثقافات
"أتعلم العربية لرغبتي في مد جسور التفاهم والتحاور مع أبناء الجالية العربية ومع سكان البلدان العربية التي أزورها. أرى أن اللغة العربية لغة جميلة"، يقول يوليوس راديرس، الطالب في قسم الترجمة واللغة العربية بجامعة بون. ولا يغفل يوليوس دور الحروب والأحداث التي مرت بها المنطقة العربية خاصة في العراق واليمن في تأجيج الرغبة لديه لفهم واقع هذه المنطقة، إذ يقول راديرس:"اهتم بالتراث العربي وخاصة في اليمن التي كثيراً ما أزورها، لكن حقيقة تحول هذه المنطقة من منطقة حضارية إلى منطقة تشوبها الخلافات والنزاعات، أثار في نفسي الرغبة في إتقان العربية لكي أتخاطب بطريقة مباشرة مع الناس هناك وفهم واقع حالهم".
وعن الصعوبات التي يواجهها في دراسته للعربية يشير الطالب الألماني إلى إشكالية لفظ بعض الحروف العربية، "وكذلك القواعد التي تختلف بشكل كبير عن قواعد اللغة الألمانية". وعن رأيه في مستوى تعليم اللغة الألمانية في جامعة بون يضيف راديرس: "أحب الدراسة في هذه الجامعة لأن المدرسين فيها طيبون ومتعاونون، لكن أتمنى أن يتم التركيز أكثر على تدريس القواعد وتكثيف ساعات التحدث، ما يمكننا من ممارسة اللغة أكثر".
حب للعربية من خلال المسرح
أمَا زميلته في الجامعة نفسها آنا كويشن فتعزو اختيارها للغة العربية إلى حبها لتعلم اللغات بشكل عام واللغات غير الأوروبية بشكل خاص. وتقول آنا في حوارها مع DWعربية: "اللغة العربية لغة جميلة جداً، ولكن تعلمها يحتاج إلى صبر واجتهاد كبيرين"، وتضيف الطالبة الألمانية: "أحب في اللغة العربية أنها لغة منطقية جداً، إذ يمكنني فهم كلمات عديدة إذا ما عرفت مفهوم جذرها".
أنا تحب المسرح ولا تستبعد أن تعمل في أحد البلدان العربية في مجال التعليم غير النظامي بوسائل علم التربية المسرحية. تقول عن رغبتها تلك: "أحب المسرح لأنه طريقة جميلة للأعراب عن الأفكار والآمال والأحلام سواء للأطفال أو لكبار السن، والمسرح أيضاً طريقة للمقاومة اللاعنفية وهذا الموضوع يهمني بشكل خاص".