لماذا يستهدف تنظيم "الدولة الإسلامية" الأقليات؟
٨ أغسطس ٢٠١٤أرغم ما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية" مئات الآلاف من مسيحيي الموصل على النزوح من المدينة. وبعد احتلاله قضاء سنجار التي تقطنها أقلية إيزيدية، نقلت تقارير إعلامية وأمنية عن أن التنظيم قتل المئات من سكان المدينة وسبى نساءها. أما من استطاع الإفلات من قبضة التنظيم فقد هرب إلى الجبال بحثا عن الأمان، في ظروف صعبة.
دخلت بذلك الأقلية الإيزيدية في العراق في صراع من اجل البقاء، وقد بات وجود هذه الطائفة الصغيرة الناطقة باللغة الكردية على ارض أجدادها، مهددا. وقبل المسيحيين والايزيدين استهدف التنظيم أقلية الشبك الشيعية.
#links#
أما بالنسبة للمسيحيين فقد فر عشرات الآلاف منهم بعد سيطرة متطرفي تنظيم "الدولة الإسلامية" على عدة مدن في شمال العراق، وأضحوا هم أيضا مجموعة مهددة. فقد أعلن بطريرك بابل للكلدان في العراق والعالم لويس ساكو، وهو ابرز رجل دين مسيحي في العراق، أن "نحو مئة ألف مسيحي نزحوا بملابسهم وبعضهم سيرا على الإقدام للوصول إلى مدن اربيل ودهوك والسليمانية الكردية"، محذرا من أنهم يواجهون خطر الموت في حال عدم تامين الطعام والمأوى لهم.
وقد وصف يوسف توما، رئيس أساقفة كركوك والسليمانية، الوضع الخميس (السابع من آب/ أغسطس 2014) بالـ"مأسوي" والـكارثة" وقال إن "عشرات الآلاف من السكان المذعورين هربوا". وقال رجل الدين إن "مدن تلكيف وقره قوش وبرطلة وكرمليس خلت بشكل نهائي من سكانها المسيحيين وإن النازحين يسلكون الطرق ويستقلون مركبات للوصول إلى نقطة التفتيش في اربيل للدخول إليها".
"منطقة تنتمي لتيار واحد"
المحلل السياسي العراقي كريم بدر، قال في لقاء مع برنامج العراق اليوم، إن استهداف التنظيم للأقليات يأتي ضمن إستراتيجية التنظيم، الذي لا يشمل العراق فقط بل يمتد من ليبيا مرورا بمصر والعراق وحتى أوروبا. "نحن أمام تنظيم يتحرك ضمن أجندة غير واضحة تماما، لكنها تستند في مقوماتها من فهم قاصر للنصوص الدينية". ويشير المحلل السياسي إلى أنهم (الجهاديون)" لا يتحركون اعتباطا، بل ضمن إستراتيجية، في تفجيرهم للمعابد أو الكنائس. هم يريدون بناء منطقة واحدة تنتمي لتيار واحد يهيئ التنظيم لمعارك قادمة".
وبجانب هذه الإستراتيجية يقف التفسير والفهم الخاطئ للنصوص الدينية، حسب كريم بدر، "اختطاف النساء من سنجار هو فهم متعسف للدين"، محذرا أيضا من قصور فهم الساسة في بغداد أو أربيل لما يجري. "ما يفعله الساسة العراقيون هو ردود فعل وليست أفعال ضد داعش، فصاحب المبادرة هو داعش. إذا لم يفهم ساسة العراق هذه الإستراتيجية فإنها ستكبد العراق خسائر كارثية من خلال تدمير البنية السكانية للعراق"، حسب قوله.
الاقتراب من أربيل
قوات البيشمركة الكردية تقاتل التنظيم في سنجار وفي مخمور، التي تبعد حوالي 60 كيلومترا عن أربيل، عاصمة كردستان العراق. هذا القرب الجغرافي، بدأ يستهدف إقليم كردستان، الذي يرزح تحت ضغط أعداد اللاجئين الهاربين من المناطق التي سيطر عليها التنظيم المتشدد. المحلل كريم بدر أنتقد موقف حكومة كردستان بعد سقوط الموصل بيد التنظيم. ويقول "حاول الكرد التصدي لسياسة المركز، من خلال السكوت على احتلال داعش للموصل، واستخدامها كورقة ضغط على بغداد وبالتالي يستطيعون الحصول على مكاسب. ولم ينتبهوا إلى خطورة الموقف".
لكن ماجد فيادي المحلل السياسي العراقي الذي تحدث إلى مايكروفون برنامج العراق اليوم، أعاد استهداف المسلحين للأقليات إلى الخلل في العملية السياسية، فـ"الميليشيات سواء سنية أو شيعية أو كردية أساءت إلى المكونات الصغيرة التي تعتبر نقطة الضعف ومنحت الإرهابيين فرصة ليستفحلوا على هذه المكونات، كي يثبتوا وجودهم على الأرض أولا. ثم يكسبون مغانم سياسية ومادية وإعلامية ثانيا".
تنظيم "الدولة الإسلامية" يتصدر المشهد العسكري في احتلال مناطق شمال وغرب البلاد، لكن التنظيم ليس وحده، حسبما نقلت تقارير إعلامية. كما يشير ماجد فيادي بالقول "تحت عنوان داعش هناك تنظيمات عراقية أخرى، مثل البعثيين والطريقة النقشبندية وبعض العشائر التي استفادت من التنسيق مع هذا التنظيم لمكاسب آنية".
فيما أشار كريم بدر إلى أن "المشكلة في أن بعض الساسة في العراق يستغلون داعش كمخلب لتحقيق أغراضهم. داعش تتحول إلى غول فكيف تستطيع اجتثاثها في المستقبل؟"، يتساءل! ويقول" الوطن ينخر من الداخل بواسطة ماكينة قتل، هذه هي داعش".
عباس الخشالي