لماذا يحجم كثير من الألمان عن مساعدة اللاجئين؟
٢٩ سبتمبر ٢٠١٨من مجموعة متطوعين صغيرة في برلين إلى منظمة تدار في أكثر من 22 مدينة في مختلف أنحاء ألمانيا، إنها منظمة "ابقى مع صديق" التي تهيء المكان والفرصة المناسبة للقاء يجمع بين الألمان واللاجئين. تعتمد المنظمة في ذلك على متطوعين ألمان يودون المساعدة والمشاركة في بناء صداقات مع اللاجئين. "في السنتين الأخيرتين تراجع عدد المتطوعين من الألمان، بينما ازداد عدد اللاجئين الراغبين في التسجيل" تقول مونيكا، مديرة مكتب المنظمة في مدينة هامبورغ، لمهاجر نيوز. أما هدف المشروع فهو تشجيع الحوار والتبادل الثقافي بين اللاجئين والألمان، تحت شعار "من غرباء نصبح أصدقاء".
كما تتيح المنظمة للمتطوعين الألمان فرصة العمل بدوام جزئي والحصول على مؤهلات ومشاركة اجتماعية في آن واحد ضمن برنامج "زمالات/Fellowship"، "بدأ البرنامج مطلع هذا العام ولدينا الآن 22 مشارك" تقول مونيكا لمهاجر نيوز، وتضيف "لقد أتحنا الفرصة للمتطوعين لكسب مؤهلات، إضافة إلى العمل بدوام جزئي من ضمن زمالة مدفوعة الأجر". المشاركون في هذه الزمالة مهمتهم الأولى هي إيجاد أعضاء للشراكة المتبادلة أو ما يعرف بـ (Tandempartnerschaft) ودعم العلاقات العامة للمنظمة والعمل عن كثب مع فرق المتطوعين. وفي نفس الوقت، يتمتع المشاركون في الزمالة بفرصة التعلم من خلال الجمع بين العمل التطوعي والعمل بدوام جزئي.
وهذا ليس البرنامج التأهيلي الوحيد الذي أطلقته المنظمة، ففي سنة 2017 وضعت برنامجا باسم "سواف أكاديمي/SwaF Academy" الذي يمول من مؤسسة مصرف دويتشه بنك، و"يركز البرنامج على التطور الشخصي للمشاركين من منظور اجتماعي" وتضيف مونيكا "برنامج الزمالة هذا العام يتميز بتنوع أكبر مقارنة بالسابق، والهدف منه هو تعلم أناس من مختلف الخلفيات والثقافات من بعضهم البعض".
"البعض يعتقد أن اللاجئين لا يحتاجون للمساعدة"
تشير مونيكا في حديثها مع مهاجر نيوز إلى أن هناك حاجة كبيرة لمشاركة المزيد من المتطوعين الألمان، وتقول إن هناك كثير من الألمان "يعتقدون أن اللاجئين لا يحتاجون للمساعدة بعد الآن. والسبب يعود إلى الفترة الزمنية الطويلة في نظرهم التي قضوها في ألمانيا". وتلفت إلى أن موجة اللاجئين والاهتمام الكبير من قبل الإعلام بهم، حث الكثيرين من الألمان على المشاركة والتطوع لمساعدتهم. أما الآن فقد أصبح الإعلام "يتناول موضوع اللجوء واللاجئين بشكل آخر، وهذا ما أثر على البعض، إضافة إلى انخفاض معدل تكرار المواضيع الخاصة باللاجئين مقارنة بالسباق" وترى مونيكا أن "صورة اللاجئين قد تغيرت في الإعلام وحضورهم والمواضيع المعلقة بهم أقل". و لهذا تكثف المنظمة جهودها ومساعيها لكسب متطوعين جدد.
أما عن تجربة المتطوعين مع اللاجئين فقد تحدثت كارين لمهاجر نيوز عن تجربتها مع لاجئ إرتيري وقالت بأنه كان لديها "وقت فراغ لا بأس به ولم أكن أعرف كيف أملأه. فبحثت في الإنترنت عن أشياء يمكنني القيام بها، خاصة تلك التي تتيح لي فرصة التعرف على أناس جدد للتعلم من خبراتهم". كارين (24 عاماً) تدرس في الجامعة وتقضي بعض الوقت في الخروج مع إدريس اللاجئ الإريتري الذي يصغرها بعام.
وفي إحدى الأمسيات التي تقيمها المنظمة مرتين في الشهر، وتعرض فيها معلومات عن المنظمة ونشاطاتها وكيفية التعرف وتكوين علاقة مع اللاجئين، حضرت كارين وتحدثت مع المنظمين وطرحت بعض الأسئلة عليهم و" هم بدورهم قاموا بطرح أسئلة عن مواهبي واهتماماتي ليتم البحث عن الشخص المناسب لي". هكذا تعرفت كارين على إدريس والتقت به، وتقول عن بداية تعرفها عليه "لقد كنا في بداية الأمر مترددين بالتحدث، لكن في اللقاء الثاني أصبح الأمر أسهل".
منظمة "ابدأ مع صديق" تترك المجال وحرية القرار للمشتركين بتنظيم وقتهم كما يشاؤون، "الجميل في هذه المنظمة هو عدم الالتزام بمواعيد وأوقات محددة، فهو يعتمد بالدرجة الأولى على التفاهم بين الطرفين" تقول كارين لمهاجر نيوز.
التردد في التعرف على اللاجئين
ذكرت كارين أثناء حديثها مع مهاجر نيوز أنها حاولت إقناع أصدقائها بدعم عمل المنظمة، لكن محاولتها باءت بالفشل "لقد أخذت إدريس معي إلى حفلة عيد ميلاد صديقتي، الكل رحب به، لكن بعد دقائق انشغل الجميع ولم يتحدث معه أحد" وتضيف أن "الجميع كانوا مترددين في الحديث معه ولم يعرفوا أي طريقة هي الأفضل، ومنهم من انتظر من إدريس المبادرة في الكلام". هذا هو أحد الأسباب التي تمنع بعض الألمان من التعرف على اللاجئين، إما بسبب قلة الوقت أو أنهم لا يعرفون كيف يتعاملون معهم".
ودمج العمل التطوعي مع الحصول على مؤهلات إضافة إلى العمل بدوام جزئي هو ما دفعني إلى المشاركة في برنامج الزمالة" يقول فيليكس لمهاجر نيوز. والحالات المختلفة التي يراها فيليكس كل يوم أثناء عمله وتواصله مع اللاجئين من مختلف الجنسيات هي ما تثير اهتمامه، ويقول إن حياته كانت "مملة بعض الشيء قبل أن أبدأ بمزاولة هذا العمل، لكن حين بدأت به تعلمت الكثير من تجارب اللاجئين التي تختلف عن حياتنا تماماً" ويضيف "للأسف انخفض عدد المساهمين في العمل التطوعي عن ما كان عليه في عامي 2015 و 2016 لأن قضية اللاجئين ربما أصبحت لا تحظى بالاهتمام في الإعلام كما في السابق، إضافة إلى بعض الإعلام الذي أثر بشكل سلبي على قضية اللاجئين".
زينب عباس كريم
المصدر: مهاجر نيوز