لماذا أصبح كبار السن يقبلون على سفر "الترحال بحقائب الظهر"؟
٨ فبراير ٢٠١٧عندما بلغت جاكلين غروهر عامها الخمسين، لم تكن في منزلها لإقامة حفل بمناسبة اليوم، كما يفعل الكثير من الألمان عادة. وبدلا من ذلك، كانت في جبال الأنديز برفقة ثلاثة من المسافرين الرحالة بحقائب الظهر، الذين يبلغون من العمر نصف سنها. وتعمل غروهر في هامبورغ مدربة لمديري الأعمال، ولكنها عرفت أنها ترغب في القيام بشيء مختلف في عيد ميلادها الخمسين. لذا ذهبت للترحال بحقيبة الظهر، حتى بلغت أقاصي باتاجونيا، ثم بدأت السفر عبر الأرجنتين، ومعها دليل "لونلي بلانيت" السياحي وهاتف ذكي. ويبدو أن وجود رحالة من كبار السن هو أمر فريد، ولكن هل الأمر كذلك حقا؟
يشير المسؤولون في مجال الرحلات حاليا، إلى وجود المزيد والمزيد من الأشخاص من الجيل الأكبر سنا، الذين يعشقون السفر، والذين يتجولون في جنوب شرق آسيا وأمريكا الجنوبية، ووجهات أخرى بعيدة، ويسافرون ببساطة كما يفعل الشباب. وتقول غروهر: "نحن كبار السن صرنا أكثر شبابا، وإننا نبحث عن معنى الحياة بقدر ما يفعله الجيل /واي/ (الجيل الأصغر سنا)". ويعد أحد الفروق الأساسية بين الجيلين، هو أن هؤلاء الذين يعيشون النصف الثاني من حياتهم، لديهم وقت أقل، ولكن لديهم المزيد من المال للقيام برحلاتهم.
فإذن ما هو الشيء الذي يشكل المسافرين الرحالة؟ تقول مانويلا باور، وهي أكاديمية في الجغرافيا بجامعة ميونيخ، إنه "من الممكن اعتبار هؤلاء المسافرين، الذين يقومون برحلات دون الالتزام بجدول زمني محدد، من المسافرين الرحالة". وتقول باور، التي تدرس للحصول على شهادة الدكتوراه حول موضوع "فجوة السفر لمدة عام"، وهي تلك الظاهرة التي تشهد نموا سريعا بين الأشخاص الذين يأخذون عطلة لمدة عام بعد دراستهم وقبل أن يبدأوا وظيفتهم، إن الرأي الأساسي للمسافرين الرحالة هو: "إننا أفراد مرنون ولكل منا طريقه الخاص، بعيدا عن الطريق المألوف".
ولكن ليس هناك حدود عمرية في هذا الشأن، سواء منخفضة أو مرتفعة. وتقول باور إن هناك في الوقت الحالي الكثير من المسافرين الفرادى في جنوب شرق آسيا، الذين يستكشفون المنطقة، لدرجة من الممكن أن تبدو وكأنها سفر جماعي. وينتمي عدد كبير منهم إلى الجيل الذي شهد "طفرة في الإنجاب"، وهم هؤلاء الذين ولدوا تقريبا في الفترة بين عامي 1945 و1965، وهم الذين قاموا بالفعل بقدر كبير من رحلات السفر عندما كانوا أصغر سنا.
والآن، في الوقت الذي يتصرف فيه أبناؤهم بمفردهم، فإن هؤلاء الشيب يعودون لسلك الطريق من جديد - ويجدون أن السفر أرخص بكثير مما كان عليه حينها. وتوضح باور أن "رحلات الطيران أرخص، كما يمكن للمسافرين أن ينسقوا عرضا جيدا جدا أكثر مرونة أثناء السير على الطريق، وذلك بفضل (تقنية) الرقمنة". فبهاتف ذكي، يمكن للمسافر حجز نزل رخيص ما بين يوم إلى يوم آخر. كما يرغب المسافرون من كبار السن أيضا في اتباع هذه التجربة الفريدة، وليس اتباع بعض البرامج السياحية العادية. وأشارت إلى أن "سفر الترحال هو أبرز رمز" لهذا النوع من السفر.
وعلى سبيل المثال، فإنه من الممكن أيضا القيام بذلك بالدراجة. وهذا ما ستوضحه بترا ديكر، رئيسة اتحاد الرحالة الألماني. وتقضي ديكر البالغة من العمر 50 عاما، ستة أسابيع متواصلة في ركوب الدراجات في بعض الطرق النائية. وتقول ديكر إن طريق "كاريتيرا أوسترال" في تشيلي، كان قد شهد العام الماضي "عددا كبيرا من الدراجات. وكنت الجدة (الوحيدة) ضمن المجموعة"، مضيفة، دون مفاخرة، أنها من الممكن أن تقطع بسهولة مسافة 100 كيلومتر في اليوم.
وليس من الممكن القيام بذلك بدون وجود أي وسائل للراحة. فإن ديكر دائما ما تحمل معها خيمة، إلا أنها تفضل البقاء في نزل، "حيث دائما ما تلتقي بأشخاص آخرين، ويمكنك الحصول على بعض النصائح المفيدة". ويرى الكثير من المسافرين الأصغر سنا الأمور على نحو مماثل، على الرغم من أنه من الممكن أن يكون هناك بعض الاختلافات البسيطة، ولكن المهمة. فعلى سبيل المثال، من الممكن أن تتحمل ديكر تكاليف الإقامة في غرفة فردية أغلى في الثمن، كما أنها من الممكن أن تنفق المزيد من المال على الوجبات. وتقول ديكر: "أنا لا أفضل تحضير المعكرونة مع صلصة الطماطم". في الوقت نفسه، بدأت النزل في تطويع خدماتها لمختلف الفئات المستهدفة ولراحتهم - لتتنوع بين الغرفة الفردية ذات الحمام الخاص، إلى الغرف ذات العديد من الأسرة.
وعلى ضوء هذا الوضع المتغير، مع وجود حافلات مكيفة الهواء، ووصلات للشبكات المحلية اللاسلكية (WLAN) في كل مكان تقريبا، والمزيد من سبل الراحة المتاحة لهؤلاء الذين يستطيعون تحمل التكاليف الإضافية، فمن الممكن القيام بالكثير من رحلات السفر الفردية في جنوب شرق آسيا وأمريكا الجنوبية وأماكن أخرى. إن المسافرين الرحالة لا يتعين عليهم، في الوقت الحاضر، أن يكونوا مغامرين شجعان. ولذا يقوم المسافرون من الجيل الأكبر سنا بحزم حقائبهم من جديد. ومن المتوقع أن تتواصل أعدادهم في الارتفاع.
ز.أ.ب/ ع.ش (د ب أ)