1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لماذا أصبح العرب "الرجل المريض" في النظام العالمي؟

١٤ يونيو ٢٠١٢

أطلق مصطلح الرجل المريض على الدولة العثمانية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين في إشارة تهاوي نفوذها ومجدها تمهيدا للاستحواذ على مناطق نفوذها. واليوم يستخدم الدكتور شاكر النابلسي المصطلح على الدول العربية.

https://p.dw.com/p/15EWE
صورة من: Fotolia/lassedesignen

نلاحظ، أنه منذ فجر عام 2011 ، أصبح العرب هُم الشغل الشاغل للغرب. وأصبح "الربيع العربي"، "بيضة القبّان" في النظام العالمي.

فهل لم يعد العرب "الرجل المريض" في النظام العالمي، كما كانوا قبل 2011، أم أن "الربيع العربي" موسماً من مواسم السنة التي تمرُّ، دون أن يتحوّل "الرجل المريض"، إلى "رجل متعافي"، صحيح العقل والجسم؟

ولكن، لماذا تم إطلاق صفة "الرجل المريض" على العرب، وكانت روسيا هي التي أطلقت هذه الصفة، عام 1853 على الدولة العثمانية نتيجة ضعفها. وشاعت هذه الصفة بعد ذلك، واستعملتها الدول الأوروبية. ولكن هذه الصفة لم تستعمل رسمياً حتى الآن ضد العرب، وإن كانت بعض دوائر الإعلام، ومنتديات الفكر السياسي تستعمل هذه الصفة، وتطلقها على العرب، في مجالات ضيقة.

لماذا كان العرب "الرجل المريض"؟

المؤرخ والمفكر اللبناني جورج قرم، في لقاء صحافي مع مجلة "حوار العرب" عام 2006، والتي كانت تصدر عن "مؤسسة الفكر العربي" برئاسة المفكر الكويتي محمد الرميحي، ثم توقفت عن الصدور، وتحوّلت فيما بعد إلى برنامج تلفزيوني في "قناة العربية"، قال في هذا اللقاء، أن العرب أصبحوا "الرجل المريض" في النظام العالمي. ومن الملاحظ، أن هذه الصفة، قد أطلقت ربما على العرب قبل "الربيع العربي"، وقبل عام 2011.

فلماذا كان العرب قبل عام 2011 "الرجل المريض" في النظام العالمي؟

هناك عدة أسباب منها:

1. ديناميكية الفشل، التي تسببت في هجرة الأدمغة العربية الى الغرب.

2. التهميش الغربي للعالم العربي.

3. عدم الاستقرار السياسي، وانتشار الفساد المالي، في العالم العربي.

4. تدني مستويات التعليم، نتيجة لتخلُّف المناهج التعليمية، وعدم تخريج الكفاءات المطلوبة لسوق العمل العربي.

5. عدم القدرة على تبني واستيعاب الثورات العلمية والتكنولوجية المتلاحقة، وأصبح العالم العربي بذلك، "الأرض المستباحة" ، كما يقول قرم.

6. تهميش دور المواطن، وعدم فعاليته ومشاركته في بناء الوطن.

7. ضيق فرص العمل، وزيادة نسبة البطالة، نسبة هددت الاستقرار. وهو ما حلَّ بعد ذلك في تونس، ومصر، وليبيا، واليمن، وسوريا، وغيرها.

8. التغنّي بأمجاد الماضي، واستدعاء هذه الأمجاد لكي تكون علاجاً وحلاً لفشل الحاضر، وانحطاطه. فنحن لا نريد مصيراً كمصير اليونان.

9. نيل الاستقلال السياسي في النصف الثاني من القرن العشرين، دون خبرات سياسية سابقة، مما أوقع " السلطات الوطنية" التي استقبلت هذا الاستقلال في مطبات ومشاكل سياسية وتنموية لا حصر لها. وقد تراكمت هذه المشاكل إلى أن انفجرت الأوضاع السياسية، كما شاهدنا في عام 2010، و 2011.

10. وأخيراً، عدم قدرة العرب على حل القضية الفلسطينية سلماً أو حرباً، طيلة ستين عاماً مضت. وبالتالي تقاعُس الغرب وسكوته على هذه القضية، التي يبدو أنها لم تعد قائمة الآن، في ظل قوة إسرائيل، وضعف الجانب الفلسطيني، الذي ما زال حتى الآن لم يتصالح مع نفسه.

هل ما زلنا "الرجل المريض"؟

فهل ما زال العالم العربي حتى الآن، هو "الرجل المريض" في منظار "النظام العالمي"؟

نعتقد ذلك. فالربيع العربي، والثورات العربية هنا وهناك، لم تأتِ حتى الآن بحل لكافة المشاكل، أو لبعضها، التي دفعت الغرب لكي يُطلق علينا صفة "الرجل المريض" . فالثورة في التاريخ البشري، كانت تحتاج الى خمس سنوات – على الأقل – لكي تطرح ثمارها الأولية. والثورة العربية لن تخرج عن هذه القاعدة. وإن تكن الثورة العربية - برأينا – تحتاج الى وقت أطول، لعدم وجود تراكم سياسي سابق، ولكبر حجم المشاكل والصعاب التي تعترض طريق الثورة العربية، ولاختلاف التركيبة السياسية العربية.

كيف نتعافى؟

ما هي الأسباب التي يجب أن يأخذ بها العرب الآن، لكي يتحولوا في نظر الغرب والنظام العالمي من "رجل مريض" إلى "رجل متعافي، وقوي":

1. القضاء على الفساد المالي والسياسي قضاءً مبرماً وتاماً.

2. إصلاح برامج التعليم، ووضع مناهج تعليمية، لتخريج كفاءات علمية ومهنية، يحتاجها سوق العمل العربي، للقضاء على البطالة، أو لتخفيف نسبتها، وهي التي كانت من الأسباب الرئيسية لانفجار الثورات، وقيام حالات اللااستقرار.

3. استثمار ثروات الوطن في التنمية البشرية، والتعليم، والصحة. فبناء الانسان، أهم كثيراً من علو البنيان.

4. وأخيراً - إضافة لعدة أسباب أخرى، تضييق بها مساحة هذا المقال- فهناك ضرورة عدم ركون الدولة الى فكرة واحدة، أو الأخذ بإيديولوجية واحدة ومحاربة العقائد الأخرى. ولكن يجب إعطاء الحرية والأمان لكل رأي مخالف، لكي يعبر عن رأيه، دون إعاقة، أو تعطيل لمصالح الآخرين.

الدكتور شاكر النابلسي

مراجعة: حسن ع. حسين