"لكم ولأولادكم"ـ بيت "يوناس هاوس" يقدم خدمات اندماج للاجئين
٨ أكتوبر ٢٠١٧"احساسنا بالضياع والخوف وسط الحرب المدمرة في سوريا دفعتنا للهروب وركوب البحر واللجوء الى ألمانيا منذ سنتين واستقرارنا في برلين منذ ثلاثة اشهر". هكذا يروي ياسر حميد لـDW عربية قصته وسط رحلة وصفها بالمرعبة والشاقة انطلاقا من هروبه من سوريا منتهياَ به المطاف في برلين. ياسر واسرته كبقية اللاجئين اصطدم بعائق اللغة الالمانية والاندماج، فجاءوا الى بيت "يوناس هاوس" لتلقي دروس الاندماج وتعلم اللغة الالمانية. DWعربية اطلعت على بعض قصص المعاناة للاجئين في محاولة تغلبهم على عائق اللغة على طريق الاندماج.
مشاهد الحرب قد تخلق سلوكا عنيفا
من خلال تواجد DWعربية في البيت رصدت بعض الاطفال واليافعين اللاجئين العرب يتحدثون بصوت مرتفع ولا يخلو سلوكهم من العنف أثناء ممارسة انشطة الالعاب. وعن كيفية التعامل مع سلوك هؤلاء الاطفال؟ اشارت سمر بيتر وهي احدي العاملات في البيت إلى أن جميع العاملين يتحلون بروح الفريق الواحد وأنهم لا يستخدمون العقاب أو الطرد للمذنبين. وتؤكد أن محبة ومساعدة الاطفال والأهالي الوافدين هدفهم.
لكن سمر تلفت أن العمل مع هؤلاء الأطفال ليس بالأمر السهل "نظرا لوجود ثقافات مختلفة، فضلا عن وجود أطفال فقدوا امهاتهم او آبائهم خاصة من سوريا والعراق و تعرضهم لمشاهد قصف وقتل وتدمير للمنازل، وتشريد ورحلات عذاب وغرق الكثير منهم في البحر أمام أعين الأطفال، فأصبح الكثير منهم ذات ميول او سلوكيات، أما عدوانية او عنيفة وأما إصابة الكثير منهم بالتوحد والانطواء". وتشير سمر لـ DWعربية أن "الحوار والإرشاد والمناقشة هي الطريقة المتبعة لدى فريق العمل للإصلاح وحل مشاكلهم وتصحيح ومعالجة السلوك العنيف".
انشطة تشعر اللاجئين "بالأمن والسلام وبمستقبل جديد"
محاولة تعليم اللغة ومساعدتهم على الاندماج هدف حميد وأسرته وباقي وافدين البيت. ويؤكد حميد هنا أن "عدم معرفتنا اللغة الألمانية جعلتنا نحس بالتيه والتشتت في اتخاذ أي قرار، ونواجه صعوبات كبيرة كوننا لاجئين من سوريا". لكنه تمكن مؤخرا من ادخال أبناءه المدرسة بعد سنتين من وصوله ألمانيا. وتشارك نجمة، زوجة ياسر، الحديث قائلةَ:" نشعر بالأمن والسلام والسعادة عندما وجدنا هذه المساعدات في هذا البيت وعندما وجدت ابنائي يندمجون ويكتسبون اللغة وعندما أرى أولادي يُلِحون يوميا بالحضور للبيت ليمارسوا نشاطات رياضية وتعليمية هم بحاجة كبيرة لها".
أما منى القيسي التي وصلت منذ أربعة أشهر إلى ألمانيا بعد فرارها وزوجها وأبنائها من الحرب في منطقتها في العراق، فتقول:" نجهل أمور حياتية كثيرة عن ثقافة المجتمع الألماني والاندماج، ونجهل تقديم الطلبات والرد على رسائل المؤسسات و الدوائر الحكومية، لكن في هذا البيت يقومون بتقديم المشورة والترجمة حتي لا نقع في مشاكل".
فيما يصف اللاجئ محمود واسرته هذه الأنشطة والخدمات بالمهمة جدا ويضيف "فقدنا منازلنا ومصادر رزقنا في سوريا وجئنا إلى ألمانيا التي نشكرها على أنها رحبت بنا واستقبلتنا واحتضنتنا وتنفق على خدماتنا بأنشطة الاندماج التي تقودنا إلى صناعة مستقبل جديد في هذا البلد الآمن".
معاناة اللاجئين دفعت صاحب البيت للعمل الإنساني
ما يقارب من خمسة وثمانين طفلا ويافعا يستقبلهم بيت "يوناس هاوس" يلعبون كرة القدم والسلة ويركبون الدراجات الهوائية في ملعب البيت الرياضي، وفي البيت أيضا ما يقارب 15 غرفة وصالة طعام يقدم مجانا لكل هؤلاء الوافدين ومسرح صغير جميعها تعج بنشاطات والعاب رياضية متنوعة فضلا عن الموسيقى ودورات تعليم اللغة الالمانية.
صاحبة البيت والمشرفة عليه، انجيليكا بيير، طبيبة سابقة، تقول في حوارها مع DWعربية : "من سنوات ذهبت الى مراكز لاجئين قادمين من دول عربية وآسيوية وأفريقية وجدتها مكتظة بعائلات وأطفال كان وضعهم صعبا للغاية".
وتضيف وعلامات الحزن بدأت تظهر عليها: "هؤلاء لم يكن لديهم حظ بالحياة الكريمة او ذهاب أطفالهم إلى المدارس والحضانة وحتى اللعب، وكان الآباء والأطفال متخوفين جدا من مستقبلهم، فوجب علينا البدء فورا بالعمل الإنساني". وتتابع القول إن بيتها الكبير للجميع ألمان وغير ألمان، اذ يستقبل البيت منذ 11 عاما أيضا أطفالا دون ذويهم بسبب انفصال الاباء والامهات عن أطفالهم، مؤكدة على أن فريق العمل" يغرس فيهم حب الحياة والعمل وبث الثقة في نفوسهم".
أنشطة تلاقي دعما محليا ودوليا
تؤكد السيدة انجيليكا أن البيت يهتم كذلك بتنظيم رحلات خارجية للأطفال وزيارة مدارس حكومية، وتقديم مشورات ومساعدات للاجئين وإيجاد حلول لمشاكلهم الاجتماعية مما يساعد على سرعة اندماج اللاجئين، ومن ثم الاستفادة من قدراتهم وحصولهم على فرص عمل وحياة كريمة تضمن مستقبل ابنائهم".
وعن مدى الاهتمام المحلي والدعم لهذه الانشطة الانسانية؟ تقول صاحبة البيت إن الحكومة والجهات الدولية بشكل عام تهتم بهذه النشاطات الإنسانية وتدعمها وتشجعها وأن بيت يوناس هاوس " يلقى تشجيعا ودعما من بعض المؤسسات الانسانية الدولية والحكومية الى جانب الجهود الذاتية ودعم رجال الاعمال".
خدمات الاندماج متعددة ومتنوعة
"الاندماج المتبادل يحتاج الى خبرات ومهارات عالية ومجهودات اضافية أكبر لاختصاصيين في مجال الاندماج بسبب أعداد اللاجئين الهائلة التي وفدت بدفعات كبيرة خلال الثلاث سنوات الماضية " هكذا تقول لـ DWعربية السيدة زابينا كنيبيل مديرة مركز هينبون، وهي الخبيرة المجتمعية في قضايا اللاجئين.
وبالسؤال عن كيفية التأكد من أن الخدمات التي تقدمها تؤدي أهداف الاندماج وفق المعايير التي تعمل بها المؤسسات الاجتماعية الألمانية المعتادة؟ تؤكد السيدة زابينا " أنه مطلوب في البداية من اللاجئين بنفس المسؤولية تعاون مشترك وتلبية متطلبات برامج انشطة الاندماج لا الاستهانة بها أو إهمالها". مضيفة أنها و مركزها يتابعون عن كثب قضايا ومشاكل واندماج نساء من عشرين دولة مختلفة.
وإن الخدمات المقدمة يتابعها استشاريون مختصون وحقوقيون. وتؤكد الخبيرة المجتمعية لـ DWعربية أن الاندماج المتبادل يتطلب إمكانية الاستفادة من قدرات وخبرات اللاجئين ومساعدتهم بشكل جاد على ايجاد فرص عمل لحاجة ألمانيا إلى إيدي عاملة في مختلف المجالات. اللغة، وفق تعبير الخبيرة، "ليست بالأمر السهل"، خاصة لمن يجهلون القراءة والكتابة بلغتهم الام، وللسيدات والرجال كبار السن، فاللغة تكتسب بالانخراط بالعمل. كما لا يمكن فرض اللغة فقط من أجل فرضها سياسيا، حسب تعبيرها.
شوقي الفرا ـ برلين