لقاء فلسطيني إسرائيلي لكسر العزلة ومحاربة الكراهية
٢٣ يناير ٢٠١٣تؤدي الحروب والنزاعات إلى العزلة بين الأطراف المتنازعة بشكل يجعل عيشها بسلام صعب أو شبه مستحيل. ويتجسّد ذلك في ولادة ونشأة جيل اعتاد على كره العدو دون التعرّف عليه أو محاولة التعامل معه، السؤال هو: هل لهذا الجيل فرصة في التغلب على هذه العزلة؟
هيلغا ديتر، ناشطة السلام الألمانية ومنسقة مشروع " استراحة من الحرب" تعبر عن قناعتها بإمكانية تجاوز العزلة المذكورة وتعايش الأطراف المتنازعة معا بسلام. ويدل على ذلك نجاح المشروع الذي أسسه ناشطون ألمان أيام الحرب الأهلية الضارية في يوغسلافيا بكسر الكثير من الحواجز الناتجة عن النزاع هناك. تقوم فكرة المشروع على جمع شباب وشابات من مناطق النزاع لمدة أسبوعين بهدف تعارفهم على بعضهم البعض وعلى قصصهم مع الحروب والنزاعات. وغالبا ما يتم جمع المشاركين في ألمانيا، لأن اجتماعهم على أرض محايدة يساهم في تحررهم من قيود الحروب والنزاعات حسب هيلغا ديتر.
لقاء خاص بمعاناة المرأة الفلسطينية والإٍسرائيلية
"حقق المشروع نجاحاً باهرا، وهو الأمر الذي شجعنا على توسيع نطاق نشاطنا إلى الشرق الأوسط"، تقول هيلغا ديتر وتضيف: "جمعنا قبل بضع سنوات مجموعات من الشباب الفلسطيني والإسرائيلي، وحققنا نصيبا وافرا من النجاح". وعلى ضوء ذلك تلقي فريق عمل المشروع طلبات كثيرة من نساء إسرائيليات وفلسطينيات لإقامة لقاء خاص بالنساء دون الرجال. وقد تقرر إقامة اللقاء في مدينة اسطنبول التركية في الفترة من 13 ولغاية 23 يناير/ كانون الثاني 2013 بحضور 42 ناشطة فلسطينية وإسرائيلية تتراوح أعمارهم بين 20 و 30 سنة. وقد تم اختيار الناشطات بمساعدة المؤسسات المتعاونة مع طاقم التنسيق في الضفة الغربية وتل أبيب والقدس. أما بالنسبة لشروط القبول فأخبرتنا ديتر أن الشرط الأساسي هو أن تكون الناشطة من عامة الشعب أو من الفئات الوسطى، لأن هذه الفئات تشكل الأكثرية الساحقة في المجتمع.
أما عن سبب تخصيص اللقاء للنساء فقط بعيدا عن منطقة النزاع فترى موران، إحدى الناشطات الإسرائيليات بأن "معاناة المرأة في النزاعات تختلف كل الاختلاف عن معاناة الرجل، وبالتالي بإمكان النساء تفهم معاناة بعضهن بشكل أفضل بعيدا عن مداخلات الرجال". أما الناشطة الفلسطينية هاجر فقالت: " من الأسهل على المرأة العربية أن تبدي رأيها بعيدا عن مجتمعها الذي يسيطر فيه الرجل. كما أن الاجتماع على ارضٍ محايدةٍ يشعرهن أكثر بالانفتاح وبالتالي يعبرن عن أنفسهن بشكل حر.
المعاناة اليومية والشخصية محور النقاش
النقاشات التي دارت خلال الملتقى كانت حساسة وانفعالية بعض الأحيان. الناشطات تحدثن عن تجاربهن الصعبة ومعايشتهن للنزاع. الفلسطينيات تحدثن عن الإحباط الذي يواجهنه يوميا على نقاط التفتيش الإسرائيلية، وعن أفراد عائلاتهن في السجون الإسرائيلية وفي قبضة دوريات رجال المباحث. بالمقابل تكون مفاجئة الإسرائيليات كبيرة عندما يكتشفن أنهن كنا يقمن بمثل هذه الدوريات أثناء الخدمة في الجيش. أما على الجهة الإسرائيلية فتتحدث الناشطات عن معاناتهن من الأعمال الانتحارية التي تجعل الحياة في إسرائيل غير آمنة.
المشتركة الفلسطينية هاجر حدثتنا عن ناشطة من مدينة الخليل كانت فعالة في جميع نشاطات اللقاء، ودخلت في العديد من النقاشات بينها نقاش مع إحدى المستوطنات الإسرائيليات المؤيدة للتيار اليميني في إسرائيل. عندما اكتشفت الناشطة الإسرائيلية لاحقاً أن الأخ الأصغر للفتاة الفلسطينية قد قتل على يد الجيش الإسرائيلي قبل فترة قصيرة من مجيئها للقاء، تركت المستوطنة وخرجت للعيش في القدس وهي الآن ناشطة سلام.
صعوبة تعزيز علاقات المشاركين بسبب الاحتلال
من الصعب تقوية العلاقات بين المشاركات بعد اللقاء بسبب الحواجز التي تمنعهن من التنقل والقيام بزيارات متبادلة. موران التي تسكن في القدس حدثتنا عن أن اللقاء بين ناشطين من بيت لحم وآخرين من القدس شبه مستحيل. وهناك بعض الناشطات الإسرائيليات يجازفن في العبور إلى الأراضي الفلسطينية لقضاء الوقت مع زملاءهم.
وعلى الرغم من الصعوبات تتمنى هيلغا ديتر تجاوز حواجز العزلة وانتفاء الحاجة للمشروع في المستقبل، لاسيما وأن الجيل الشاب لن يوافق على استمرار الوضع الحالي لفترة طويلة كونه متعطش للسلام. أما الناشطة الفلسطينية هاجر فتريد "حياة آمنة لأطفال المستقبل، وتتمنى لكل طفل على وجه المعمورة حياة خالية من الحرب والكراهية". وبالنسبة لموران من إسرائيل فإنه "لا يمكن الكلام عن أي حل طالما الاحتلال موجود. يجب وقف الاستيطان واحترام حق الشعب الفلسطيني، وعندها يمكننا الحديث عن السلام".