لتبقى الملاعب الألمانية خالية من حماقات لا علاقة لها بكرة القدم
٢٢ سبتمبر ٢٠٠٦بفارغ الصبر، ننتظر مع عشرات آلاف عشاق كرة القدم الألمان انطلاق مباريات الأسبوع الخامس من الدوري الألماني الممتاز "بونديسليجا". ماذا عن بايرن ميونيخ؟ هل سيستطيع الفريق البافاري غداً السبت حفظ ماء وجهه على أرضه وأمام نظيره المغمور آخين والثأر للهزيمة النكراء التي مني بها الأسبوع الماضي أمام بيليفيلد؟ وماذا عن فريقي الشمال الألماني هامبورج وبريمين؟ هل سيستطيعان الخروج من أزمتهما ذاتية الصنع والعودة من جديد إلى تألقهما المعهود؟ بل ماذا عن مفاجئتي هذا الموسم نورنبرج وبرلين اللذان يحتلان بجدارة مركزي الصدارة في لائحة الدوري؟ أسئلة كثيرة، ننتظر الإجابة عليها بتشوق كبير في نهاية هذا الأسبوع المشمس.
ولكن هذه المباريات التي تُحول كل أسبوع تقريباً ثمانية ملاعب ألمانية إلى أعراس كروية، لن تقتصر أهميتها هذه المرة على مواضيع كروية تتعلق بفوز أو هزيمة الفريق البافاري بايرن ميونيخ أو بالأزمة التي يعيشها الفريقان العريقان هامبورج وبريمين أو بما إذا كان الفريقان المغموران نورنبرج وبرلين سيحافظان على المركزين القياديين في لائحة الدوري، بل أن هذه المباريات ستجري في أجواء يخيم عليها هذه المرة نقاش مثير للجدل وهو نقاش العنصرية في الملاعب الألمانية والذي يطفو بين الحين والآخر على السطح في وسائل الإعلام وبالتالي في الأوساط الكروية الألمانية.
لتبقى الـ"بونديسليجا" متعددة الألوان...
إننا نقول إن هذا النقاش يطفو على السطح بين الحين والآخر، ليس لأن الملاعب الألمانية تشهد أحياناً نهيق قلة قليلة تأتي إلى الملاعب الخضراء ليس للاستمتاع برياضة الجماهير وتعدد ألوان لاعبيها ومشجعيها، بل لترديد عبارات جارحة ضد اللاعبين الأجانب ليس لها علاقة بكرة القدم وترددها، ناسية أو متناسية أن غالبية لاعبي الـ"بونديسلجا" هم أجانب ولولاهم لبقي مستوى فرق الدوري الألماني من مستوى فرق مثل فلاديفوستوك الروسي أو شاختيور دونيسك مجهول الهوية.
كما أننا لا نقول ذلك لأن هذه الظاهرة تطفو على السطح بين الحين والآخر في ملاعب فرق ألمانية شرقية مثل روستوك أو كوتبوس أو دريسدن. لا، هذه الظاهرة ليس لها خصوصية شرقية والمباراة التي جرت الأسبوع الماضي بين فريقي آخين وغلادباخ وشهدت ترديد هذه العبارات، نظمت في استاد مدينة آخين وهي مدينة ألمانية غربية وجرت بين فريقين غربيين أيضا. علاوة على ذلك، نقول إن هذه المشكلة يمكن تسجيلها بين الحين والآخر ليس فقط في الملاعب الألمانية، بل في ملاعب فرق أوروبية أخرى. لاتسيو روما ليس فريقا ألماني وبرشلونة أيضا! رغم أن ظاهرة العنصرية في استاد فريق برشلونة لها خصوصية إسبانية داخلية وتتعلق بالمنافسة الشديدة بين برشلونة الكاتالاني وريال مدريد، فريق العاصمة الإسبانية ولا تخلو من صبغة سياسية تتعلق بطموحات ولاية كاتالونيا بتصفية حسابات سياسية مع مدريد ليس لها علاقة بكرة القدم.
... وبعيدة عن الحماقات
وسائل الإعلام الألمانية ونخص هنا الصفراء منها تبدأ فور توجيه العبارات العنصرية للاعبين بتضخيم واستباق الأمور وكأنها لا تعرف أن هذه الظاهرة كانت دائما موجودة ولا يقتصر وجودها على ملاعب الفرق الألمانية فقط، بل أنها موجودة أيضا في ملاعب فرق أوروبية أخرى. لكن الصحف الصفراء هذه تتجاهل قضية جوهرية وهي أن هذه العبارات يوجهها المشجعون، ولو في البداية على الأقل إلى بعضهم بعضا ولا تطال اللاعبين ذوي الأصول الأجنبية والبشرات الداكنة فقط، فكلنا نتذكر صياح القردة وقشور الموز، التي كانت تملأ منطقة جزاء حارس مرمى بايرن ميونيخ أليفر كان الألماني، في إشارة إلى تشبيه مشجعي الفرق المضادة لبايرن ميونيخ حارس المرمى بالقرد.
... وتصفية الحسابات القديمة
إذن، تأتي هذه العبارات لتصفية حسابات بين المشجعين أنفسهم، ولكنها سرعان ما تحولها الصحف الصفراء إلى موضوع نقاش يغلب في بعض الأحيان على مشاكل البطالة والسياسة الخارجية الألمانية ويتصدر افتتاحيات هذه الصحف.
وفي هذا الخصوص، وصلتنا في الأيام الماضية رسائل كثيرة لفتت انتباهنا واحدة منها وكتبها مشجع من مدينة آخين كان شاهدا على مباراة فريقي آخين وغلادباخ. تجدر الإشارة إلى أن المنافسة بين الفريقين شديدة جدا، حالها حال المنافسة بين جميع الفرق (دورتموند وشالكه 04 وليفركوزن وكولونيا وبيليفيلد وغلادباخ وآخين) التي تمثل مدنا تقع في منطقة الرور في غرب ألمانيا. وفي هذه الرسالة، يؤكد القارئ أن الحديث في المباراة التي فجرت الموقف دار قبل كل شيء عن عداوات وحسابات قديمة بين مشجعي الفريقين الجارين وليس لها علاقة بوجود لاعبين أجانب في صفوف الفريقين. إننا لا نشكك في وجود هذا الظاهرة ونطالب المسؤولين وخاصة الأندية واتحاد كرة القدم الألماني بمحاربتها، لكن التضخيم من حجمها لا يأتي في مصلحة كرة القدم وتنوعها، بل يخدم فقط مصلحة قلة قليلة من المشجعين الذين لا يأتون إلى الملاعب للاستمتاع، بل لتصفية حسابات لا علاقة لها بلعبة الجماهير .... لتبقى الـ"بونديسلجا" وملاعبها خالية من هذه الحماقات.