لاجئون يؤسسون فرق العراضة وينقلون التراث الشامي إلى ألمانيا
٣١ ديسمبر ٢٠١٧بعد أن وصل أبو دياب إلى ألمانيا قبل ثلاث سنوات، أراد أن يستعيد ذكريات الشام، حيث إنه كان قائداً فرقة للعراضة الشامية في العاصمة السورية دمشق كان قد أسسها قبل أكثر من ثلاثين سنة، فأسس فرقة تحمل اسم "فرقة شام لإحياء التراث الثقافي" في مدينة فوبرتال الألمانية التي يقيم فيها. يقول أبو دياب لمهاجر نيوز إنه أسس فرقته عام 1986، والتي شاركت في عدة مسلسلات سورية معروفة منها "أيام شامية" و"الخوالي"، ويتابع: "بعد مجيئي إلى ألمانيا لم أستطع أن أعيش بدون العراضة الشامية، فأحببت أن أؤسس فرقة شام، لكي نحافظ على تراثنا ويراه أطفالنا من أجل ألا ينسوا تقاليدهم".
والعراضة الشامية هي نوع من العروض التراثية التي تمتاز بها العاصمة السورية دمشق، ويتم فيها ترديد أهازيج شعبية يبدأ بها قائد الفرقة، ليعيدها وراءه أعضاء الفرقة، ويصحب ذلك الزجل والأشعار إيقاعات الطبل وترانيم المزمار (أو آلة الترومبيت حديثاً)، ممزوجة بصوت الصنجات، وهي عبارة عن ألواح دائرية نحاسية يحملها الشاب ويضربها ببعضها لتعطي إيقاعاً رناناً. ويتم في بعض الأحيان تقديم عروض للمبارزة بالسيف والصنجات التي تمثل الترس لأعضاء فرقة العراضة.
أهازيج شامية بالألمانية
يقول أبو دياب إن لكل مناسبة أهازيج خاصة بها، فأهازيج الأعراس والأفراح يتم التركيز فيها على مدح العريس وأخلاقه وحسبه ونسبه، ويضيف: "في الأعراس نردد مثلاً: عريس الزين يتهنا.. يطلب علينا ويتمنى.. عريس الزين يا غالي.. أفديه بالروح والمالِ"، ويتابع: "أما في المناسبات الشعبية أو الدينية نردد من الأهازيج ما يناسب ذلك".
وقد شاركت فرقة شام في مهرجان الربيع الذي أقيم في مدينة فوبرتال، وحازت على إعجاب الألمان، كما يقول أبو دياب، حيث: "دبك ورقص الألمان مع العرب على أنغام الأهازيج الشعبية التي كنا نرددها". وقد يكون تفاعل الألمان هو الذي دفع أبو دياب لكتابة كلمات ألمانية كي يرددها في الأهازيج، ويوضح بأنه منذ مدة قصيرة أنهى دورة الاندماج ونجح في امتحان B1 )المستوى الثالث من اللغة الألمانية)، "فكتبت بعض الكلمات البسيطة كي يفهمها الألمان عندما نردد الأهازيج في العراضة".
وتتوزع فرق للعراضة الشامية في كثير من المدن الألمانية، ففي مدينة هانوفر هناك فرقة غزلان الشام التي أسسها قبل سنتين الشاب عامر غزال المعروف بـ"أبو فهد"، الذي ينحدر من حي الشاغور الدمشقي المعروف، ويقول إن تأسيسه للفرقة جاء بطلب من العديد من الأهل والأصدقاء، ويضيف: "بالنسبة إلينا، إن لم تكن هناك عراضة شامية في مناسبة أو عرس، فإن فرحتنا لا تكتمل".
وترتدي فرق العراضة اللباس التقليدي الشامي الذي يشمل الصدرية التي تٌلبس فوق القميص وتصنع من الصوف وقماش لميع، والشال الذي يتم لفه حول الخصر، بالإضافة إلى السروال الفضفاض، أما الحذاء الذي يسمى الكسرية، فيكون خفيفا ومدبب الرأس، كما يرتدون قبعة بيضاء (طاقية) ترافقها أحياناً الكوفية العربية (الشماخ).
المشاركة في مهرجانات ومناسبات مختلفة
ورغم أن للعراضة الشامية حضورها الملفت في الأعراس، إلا أن عمل فرق العراضة في ألمانيا لا يقتصر عليها فحسب. ويقول أبو فهد لمهاجر نيوز، إن نشاطاتهم تشمل افتتاح المحلات وأعياد الميلاد، وحتى استقبال بعض الأشخاص في المطارات، هذا إلى جانب الأعراس والأفراح.
وفي نفس المدينة (هانوفر)، توجد فرقة باسم المسلسل السوري الشهير باب الحارة، أسسها أبو العز الشامي قبل عدة أشهر. يقول الشامي إن هدفهم الأساسي هو خلق أجواء جميلة للعائلات السورية والعربية، بالإضافة إلى إظهار جمالية الترات السوري للألمان، ويضيف لمهاجر نيوز أن "العراضة الشامية تحوز على إعجاب الألمان هنا، ففي إحدى الاحتفالات التي شاركنا فيها، قام الكثير منهم بالتقاط صور معنا بالزي الشامي، مبدين فرحهم بأدائنا".
أما الصعوبات التي تواجههم حسب الشامي فإنها تتعلق بالجانب المادي. إذ أن أعضاء الفرقة منتشرون في مدن مختلفة، وفي كثير من الأحيان يقدّمون العروض بدون أي مقابل، ويتابع: "إن تم دعمنا سنستطيع أن نتطور بشكل أفضل. لكن وللأسف فإن عمل العراضة الشامية لم يصبح مصدراً للرزق بعد في ألمانيا". أما قائد فرقة شام، أبو دياب، فيقول إن همهم الأساسي هو تسجيل الفرقة بالإضافة إلى تأمين مكان للتدريب، ويضيف: "نحن لا نريد المساعدة المادية، نريد فقط مساعدة لوجستية ومعنوية". لكن رغم تلك الصعوبات والعراقيل التي تواجه فرق العراضة الشامية، أكد أعضاؤها أنهم سيتابعون نشاطهم وتقديم عروضهم والسعي إلى المشاركة في مختلف المناسبات ونشرالفلكور الشامي على أوسع نطاق ممكن في ألمانيا.
محي الدين حسين