لاجئون- من مراكز الإيواء إلى "جحيم" الحاويات المعدنية
١٦ يونيو ٢٠١٧"صحيح أن الظروف الحياتية عموما في والصحية خصوصا سيئة في المبيت ولا تتوافق والحياة الكريمة ، لكني كالعديد من متساكني مركز الإيواء لا نريد التنقل من جديد إلى مكان أسوأ". بهذه الكلمات شرع عمر الطيان وهو أب لثلاثة أطفال يروي قصته بحسرة. كان الرجل الدمشقي يتكلم بحماس وبصوت مرتفع رافضا النقل إلى المسكن الجديد. وواصل الأب البالغ من العمر 34 عاما كلامه بالقول :" إن مكان إيوائنا الجديد عبارة عن مجموعة من الحاويات البيضاء منتشرة على مساحة قاحلة مطوقة بسياج حديدي، هذا المكان يذكرني بمراكز الإيقاف في اليونان وصربيا ." إن حركة النقل التي تنتظر الدمشقي في غضون الأيام القادمة تعد تطورا سلبيا في حياته في ألمانيا التي قدم إليها قبل حوالي سنتين مع ثلة من أبناء وطنه فارين من الحرب التي تمزق وطنهم.
غيث الأسعدي الشاب العشريني الذي يقطن هو الآخر في نفس مركز الإيواء ليس سعيدا بالمرة هو الآخر بما ينتظرهما خلال الأسبوعين القادمين." لقد قمنا باحتجاجات سلمية امام مكتب الادارة. مطلبنا كان واضحا وهو البقاء في المبني إلى أن نحصل على شقق أو أماكن ملائمة تراعي المواصفات الإنسانية. نحن هنا نرفض هذا القرار الذي يعيدنا إلى نقطة الصفر."
الكل هنا ، يرفضون السكن في الحاويات الحديدية ويعتبرون المكان الجديد عبارة عن " أحياء قصديرية" خارج الحياة الإجتماعية. أخرج الشاب غيث الحلبي هاتفه الجوال ليرينا صور أخذها للمجمع السكني الجديد.ثم قال "أنا لست سعيدا بالسكن الجديد."
"السكن في الحاويات سيكون المحطة الأخيرة وسيأتي بعدها الإنفرج "
الغرض من حركة نقل سكان مراكز الإيواء إلى أماكن أخرى يعود بالدرجة الأولى إلى وضع البناية الذي بات في حاجة ماسة إلى إصلاحات ضرورية، هذا ما قالته لنا السيدة صوفيا شونيفالد من إدارة المركز ثم إسترسلت تقول" الوضع الصحي في هذا المركز في حي فلمارسدورف على غرار المراكز البرلينية الأخرى أضحى لا يطاق ولا يتماشى والمواصفات القانونية لذا بات من الضروري حسب الإدارة المعنية توفير فضاءات سكنية صحية." عنت السيدة شونيفالد بكلامها أنّ مساحة الحمامات في طوابق البناية باتت لا تطاق وغير صحية بالمرة ولذا توجب على الإدارة الوصول إلى حل سريع.
إبان حوار السيدة شونيفالد مع DW، كانت تلقي بنظراتها إلى الأب السوري عمر، ثم أضافت تقول:" يمكن القول إن الحاويات لاتمثل مكانا مثاليا خاصة للعائلات إلا أن هذا الإجراء مؤقت إلى أن تحصل العائلة على شقة." وترى المسؤولة في مركز الايواء، أن لهذه الحاويات جانب إيجابي ففيها لا يتقاسم المرء مساحته الخاصة مع الآخرين مثل ما هو الحال عليه الآن ." ثم تابعت السيدة الألمانية تقول:"السكن في الحاويات سيكون المحطة الأخيرة وسيأتي بعدها الإنفرج. "
كلام المسؤولة كان يبشر بالأمل كما عمر إلا أنه شكك في كلامها، فهو يعتقد أن المدة السكنية في الحاويات لن تكون قصيرة مثل ما أكدت ممثلة الإدارة ثم قال منفعلا:" ليس بالهين الحصول على سكن هنا في برلين والكل يعرف ذلك جيدا، ناهيك عن الشروط الصعبة التي تضعها مكاتب التشغيل الألمانية "
لا للتهميش
تمثل منظمة "كوراج" الواقعة في حي كروتزبارغ البرليني عنوانا هاما للاجئين السوريين، إذ تقدم لهم المشورة بلغتهم الأم وتعنى أيضًا بشؤونهم ومشاغلهم وتعينهم في مواجهة الصعوبات القانونية. " نحن ضد مراكز الإيواء الجماعية التي لا تتوافق والحياة الإنسانية الكريمة ، كنا ولازلنا نطالب بالإسراع في إيجاد حلول سريعة سيما للعائلات التي هي في حاجة ماسة لفضاء سكني ملائم وأفضل مما هو عليه الحال اليوم، لكن كما ترون لا تزال أعداد كبيرة من الوافدين الجدد تقيم في مراكز لا يشعر فيها المرء بالراحة ولابحرية الحركة ."
بهذه العبارات الناقدة شرعت السيدة سندرا فوس من منظمة كوراج تتكلم عن وضع اللاجئين في مراكز الإيواء في برلين، وتابعت معلقة على وضع الحاويات السكنية التي أعدت مؤخرا لاستعاب اللاجئين" نرى أنّ هذا إجراء غير مسؤول من قبل الدوائر المعنية ، إنها بمثابة صدمة نفسية بالنسبة للاجئين، فهم سيتذكرون مجددا ما عاشوه من فضائع في المخيمات التركية واللبنانية وما رآه بعضهم في مراكز الإيقاف باليونان وبعض دول شرق أوروبا. إنّ الفضاء السكني الجديد بعيد كل البعد عن الحياة الكريمة التي ينص عليها الدستور الألماني" ثم تابعت تقول بأن هذا الإجراء ضد سياسة الاندماج في المجتمع التي نسعى إليها جميعا.
وحتى لا يكون عمر الطيان ضحية التهميش الإجتماعي شرع منذ أسابيع في البحث بكثافة عن شقة تؤمن له ولعائلته حياة كريمة بعيدا عن جحيم الحاويات المعدنية حسب وصف اللاجئين.
شكري شابي