لاجئون - " البقاء في تركيا أفضل من أوروبا"
١٤ فبراير ٢٠١٦عمل أحمد إسماعيل مدة عامين حتى حصل على الحد الأدنى للأجور. وهو كسوريين كثيرين يعمل ستة أيام في الأسبوع لمدة اثنتي عشرة ساعة يوميا في مصنع للنسيج، ليحصل في النهاية على نصف الـ 1300 ليرة (حوالي 400 يورو)، التي يحصل عليها عامل تركي مقابل نفس العمل. وفي الشهر الماضي حصل على علاوة جديدة.
"الآن أستطيع مساعدة والدتي في حلب وإسعادها"، يقول أحمد البالغ من العمر 21 عاما، الذي فر من حلب بعد محاصرة "داعش" لها. وهو يقارن نفسه بشقيقه الأكبر، الذي يعيش منذ سنوات في ألمانيا ولديه وظيفة وزوجته ألمانيا ويتقن أربع لغات، لكنه ليس سعيداً في حياته. "لديه كل شيء، لكنه لا يستطيع التأقلم مع ثقافة الألمان"، يقول أحمد.
لذلك يبقى أحمد في إزمير، حيث يسكن في حي باسماني المشهور بأنه مركز تهريب البشر إلى اليونان. ورغم أنه قادر على دفع أجرة التهريب، إلا أن ذلك لا يستهويه ويفضل البقاء حيث هو وفي مجتمع يشعر فيه بالسعادة. وهو ليس الوحيد الذي يفكر هكذا.
يعيش في إزمير حوالي 85 ألف سوري من أصل مليونين ونصف المليون سوري ممن لاذوا بتركيا حسب الإحصائيات الرسمية. إلا أن مدير جمعية إغاثة اللاجئين السوريين في إزمير محمد صالح يقول، إن عددهم في المدينة أكبر من ذلك بكثير وقد يصل إلى 150 ألفاً. وهو لا يعتبر مصطلح لاجئ خاطئا ويقول "أنا لا أصف السوريين في إزمير باللاجئين، هم الآن في غرفة انتظار، مثل موقف حافلة، وينتظرون العودة".
ولتقصير زمن انتظارهم، أسس صالح عام 2011 جمعيته لمساعدة السوريين في الحصول على المسكن والعمل والمدارس لأطفالهم وتعليمهم اللغة التركية. وهدف الجمعية هو مساعدة اللاجئين على الاندماج للبقاء في تركيا.
محمد صالح أستاذ جامعي متقاعد من منطقة الأكراد شمال سوريا، وهو يقرأ رسائل إلكترونية من لاجئين وصلوا أوروبا وأصيبوا بالإحباط ويريدون العودة إلى تركيا. "لا أحد يريد التحدث معنا"، كتب له صديق من السويد. وآخرون يشكون من طول الانتظار في معسكرات إيواء اللاجئين، والطعام بلا بهارات وفتور في التعامل معهم بعد هجمات باريس وأحداث كولونيا.
صالح يقترح على السوريين العودة إلى إزمير بدلا من أوروبا، فالمدينة آمنة نسبيا وتكاليف المعيشة فيها أقل من اسطنبول وأنقرة. ويمكن لعائلة أن تستأجر غرفة مساحتها 20 متراً مربعاً بمائة يورو في إزمير.
"أوروبا تكرهنا"
المشكلة الكبرى التي تواجه الأطفال والفتيان في إزمير هي التعليم، إذ يزور فقط 10% منهم المدارس. لذا اتفق مؤخراً مع اليونيسيف على تمويل تقديم دروس باللغة العربية في سبع مدارس حكومية لأطفال اللاجئين.
"يذهب أطفالي يوميا إلى المدرسة، لكنهم لا يفهمون ما يقوله الأستاذ، لأن التدريس باللغة التركية"، يقول ماهر محمود اللاجئ من العراق.
يجلس محمود مع صديقه الكردي عبد الرحمن إبراهيم في مقهى بحي باسماني، وكلاهما لديه عائلة وكلاهما دون عمل. جاء محمود إلى إزمير بعد أن اشتغل لعامين في شمال تركيا في البناء. وكان يعمل عشر ساعات يوميا وست أيام أسبوعيا مقابل ستة يوروهات في اليوم. "في العراق كنت أملك سيارتين ومنزلا ومخبزاً، لكنني بعت كل شيء. أردت الاستقرار وأن يعيش أطفالي بأمان".
قبل أكثر من عامين قدّم محمود طلب لجوء سياسي الى أمريكا. "أوروبا تكرهنا وأمريكا تكرهنا أيضاً"، يقول إبراهيم لمحمود، ويضيف: "لقد ذهب لاجئون كثيرون إلى ألمانيا، وبذلك جعلناهم يكرهوننا".
ويقول لاجئ آخر لا يرغب بالإفصاح عن اسمه "إذا هاجرت إلى أوروبا، فسوف أفقد أبنائي. حين يصبحون مراهقين لا يطيعونك، ففي أوروبا لا تستطيع التحكم بالمراهقين. أما هنا، فيمكننا العيش كما نحن وكما كنا دائما نعيش، لذلك أفضّل الأجر القليل للحفاظ على أمان أسرتي".