لا ندم على تنفيذ "جريمة الشرف" بحق الفتاة سوروجو في برلين
٣٠ مايو ٢٠١٧"ذنب" حاتون سوروجو هو أنها كانت تعارض التصورات الثقافية والأخلاقية لعائلتها. كانت حاتون هي الابنة البكر لوالدين كرديين قدما في بداية السبعينيات من شرق تركيا إلى برلين. وعندما بلغت حاتون سن المراهقة بدأت تتمرد أكثر ضد العائلة. ففي السادسة عشرة من عمرها تم تزويجها عنوة بابن عمها في تركيا، حيث حملت منه وفارقته بسبب الخلاف وعادت إلى برلين، حيث أقامت بعد ولادة ابنها في دار خاصة بالأمهات دون سن الرشد. تداركت حاتون الوقت لتحصل على شهادة مدرسية وتصبح أخصائية في التمديدات الكهربائية، وبدا وكأن حياتها اتخذت منحى عادياً. إلا أن الوالدين والإخوة اعتبروا أنها خرقت كل ما هو مقدس للعائلة. وفي مساء السابع من فبراير/ شباط 2005، بحث عنها شقيقها أيهان البالغ من العمر آنذاك 20 عاماً في مسكنها، واختلف معها هناك، وفي الطريق إلى محطة وقوف الحافلات أطلق عليها ثلاث رصاصات في الرأس.
"فهم خاطئ للتسامح"
أثارت الجريمة حينها جدلاً عاطفياً حول "جرائم الشرف"، لاسيما وأن حالات وفاة مماثلة حصلت في الأسابيع التي سبقتها في العاصمة الألمانية. هذه الإثارة ازدادت حدة عندما رحب ثلاثة تلاميذ في إحدى مدارس برلين بعملية القتل، وقالوا إن الفتاة استحقت ذلك لكونها "عاهرة كانت تعيش مثل ألمانية". وعلى إثرها، كتب مدير المدرسة في رسالة مفتوحة: "هؤلاء التلاميذ يدمرون سلام الحياة المدرسية. نحن لا نسمح بأي تحريض ضد الحرية". ورد الرئيس الألماني السابق هورست كولر على الحادثة بالقول: "فهم خاطئ للتسامح، والتطلع للوئام أو النقص في الشجاعة لا يحق أن يقودا إلى إلغاء قواعد أساسية للتعايش في مجتمعنا".
حكم البراءة بحق الأخوين
أصدرت محكمة في اسطنبول في قضية الشابة الألمانية من أصل تركي حاتون سوروجو المقتولة في 2005 ببرلين حكم البراءة بحق أخويها في جميع نقاط الاتهام. وقالت المحكمة في تعليلها إنه "لا توجد أدلة كافية وواضحة ذات مصداقية".
وتتهم النيابة العامة الأخوين البالغين من العمر اليوم 36 و38 عاماً، حسب وثائق المحكمة، بالمساعدة على القتل العمد لأختهما الصغيرة في عام 2005. ويبدو أنهما كلفا أخاهما الأصغر بقتل أختهما بغية "إعادة الاعتبار لشرف العائلة". وكانت النيابة العامة قد قالت في مرافعتها النهائية في مارس/ آذار من هذا العام أن "التقليد" أيضاً لعب دوراً كدافع وراء الجريمة. كما برأت المحكمة الأخ الأكبر من بين المتهمين من تهمة الحيازة غير القانونية للسلاح نظراً لنقص الأدلة. وكانت النيابة العامة قد طالبت بإنزال عقوبة السجن مدى الحياة.
وبما أن الأخ الأصغر هو قام بقتل حاتون سوروجو رمياً بالرصاص في فبراير/ شباط 2005 عند محطة لوقوف الحافلات في برلين، صدر حكم بحقه بالسجن تسع سنوات ونصف في ألمانيا، حيث سبق وأن أكد أمام المحكمة أن أسلوب حياة أخته الغربي هو الدافع لفعلته. وبعد انقضاء عقوبة السجن في ألمانيا، تم إبعاد الأخ الأصغر إلى تركيا. وكانت هذه القضية قد أثارت اهتماماً كبيراً حينها في ألمانيا.
وحتى الأخوان الآخران مثلا أمام المحكمة في ألمانيا وتم إخلاء سبيلهما أولاً للنقص في الأدلة. إلا أن المحكمة العليا في ألمانيا ألغت أحكام البراءة في عام 2007. وبما أن الرجلين انتقلا بعدها إلى تركيا لم يكن بالإمكان استئناف المحاكمة.
تقاعس العدالة التركية في البداية
مرت ثماني سنوات حتى أعادت العدالة التركية النظر في القضية عام 2013 ورفعت دعوى جنائية ضد الرجلين. وكانت السلطات الألمانية قد ترجمت عدة وثائق إلى التركية وأحالتها إلى سلطات العدل في تركيا. ورُفعت الدعوى القضائية في تركيا بفضل جهود المحامي عبد الرحيم فورال في برلين، الذي انتقد في يناير/ كانون الثاني من العام الجاري في حديث مع DW النقص في تعاون تركيا.
وتعتمد مذكرة الاتهام على تصريحات الشاهدة الرئيسية في القضية، وهي الصديقة السابقة لمنفذ الجريمة، إذ قالت الشاهدة أمام المحكمة في ألمانيا إن صديقها السابق أطلعها على تقديم الأخوين المساعدة له. ولم تتمكن المرأة من الإدلاء بشهادتها أمام المحكمة في اسطنبول، لأن السلطات لم تنجح في التعرف على مكان إقامتها. وتعتمد النيابة العامة على وثائق التحريات التي أرسلتها سلطات برلين إلى نظيرتها التركية.
ومثل القاتل شخصياً أمام القضاة في بداية المحاكمة باسطنبول في يناير/ كانون الثاني 2016، وذكر أنه ارتكب الجريمة لوحده، إلا أنه قدم دوافع مختلفة لتلك التي ذكرها في ألمانيا والتي مفادها أنه قتلها بسبب أسلوب عيشها الغربي، مؤكداً أن نزاعاً هو الذي جعله يفقد التحكم في نفسه ويطلق الرصاص. ولم يبدي الأخ الأصغر منفذ عملية القتل أي ندم على فعلته، حسب إدارة شؤون الأجانب في برلين.
كريستوف هاسيلباخ/ م.أ.م