"لا سلام من دون تنمية وألمانيا لن تتخلى عن اللبنانيين حتى يحل السلام "
٣ ديسمبر ٢٠٠٧انطلاقا من إدراك الحكومة الألمانية أن السلام والتنمية في منطقة الشرق الأوسط صنوان لا ينفصمان وإدراكها أنه "لا سلام من دون تنمية ولا تنمية من دون وجود سلام"، حسب ما قالته وزيرة التنمية والتعاون الدولي الألمانية هايديماري فيتسوريك- تسويل حينما كانت المعارك بين إسرائيل وحزب الله مستعرة على أشدها، فقد سارعت برلين إلى العمل على المساعدة في إعادة ما دمرته تلك الحرب.
فبمجرد إعلان وقف إطلاق النار، قامت وزيرة التنمية والتعاون الألمانية بزيارة إلى لبنان للإطلاع عن كثب على حجم الأضرار التي خلفتها تلك الحرب. وكان ذلك قبيل توجه الوزيرة الألمانية إلى مؤتمر ستوكهولم الدولي الخاص بالمساعدات الإنسانية وإعادة إعمار لبنان في أغسطس/ آب 2006م، والذي أعلنت خلاله فيتسوريك- تسويل- نيابة عن حكومة بلادها- تقديم 27 مليون يورو من أجل تمويل إعادة الإعمار في لبنان وكمساعدات إغاثة إنسانية عاجلة أثناء الحرب.
" ثلاثمائة مليون يورو مساعدات مدنية وعسكرية"
وفي مؤتمر باريس الذي عرف بـ"باريس 3" وعقد في يناير/ كانون الثاني 2007 بهدف مساعدة لبنان في إعادة الإعمار، رفعت الحكومة الألمانية من سقف التزاماتها بمقدار 30 مليون يورو، ليصل إجمالي حجم المساعدات الألمانية لعامي 2006 ـ 2007 إلى 103 مليون يورو، كما تفيد بيانات وزارة التنمية والتعاون الدولي.
من جانبه كشف رئيس قسم سياسة التنمية الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط في وزارة التنمية والتعاون الدولي الألمانية، اندرياس جيس في مقابلة مع موقعنا، عن أن إجمالي المساعدات الألمانية للبنان، في المجالات المدنية والعسكرية والأمنية، يبلغ حوالي 300 مليون يورو، مشيرا إلى أن بلاده خصصت في الخريف الماضي أيضا اربعة ملايين يورو إضافية لمواجهة الأضرار الناجمة عن أحداث مخيم نهر البارد.
دعم مشاريع البنى التحتية
وفي مقابلة مع موقعنا، يلخص الدكتور مجدي المنشاوي مدير مكتب الوكالة الألمانية للتعاون الفني (GTZ) في لبنان المجالات الرئيسية التي تتركز عليها المساعدات الألمانية للبنان قائلاً إنها تشمل قطاعات مياه الشرب والصرف الصحي، والتأهيل والتعليم والتدريب الفني المهني، بالإضافة إلى دعم المشاريع المتوسطة والصغيرة، وكذلك مجال حماية البيئة و مكافحة التلوث، حيث كانت المياه البحرية والجوفية والمنتجعات السياحية اللبنانية قد تضررت بشكل كبير إثر تفجير خزانات الوقود أثناء الحرب.
ويقول جيس إن الخبراء الألمان في مجال البيئة كانوا قد توجهوا بسرعة إلى لبنان أثناء الحرب للمساعدة ضمن فريق دولي ولبناني في منع اتساع رقعه الزيت وإزالة التلوث لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وفيما يتعلق بمجال التعليم والتدريب الفني والمهني قامت ألمانيا ـ كما يقول المنشاوي ـ بإعادة بناء عدد كبير من المدارس والمعاهد التي تضررت أثناء الحرب وتزويدها بالوسائل والورش والتقنيات التعليمية اللازمة حتى تتمكن من إعادة فتح أبوابها أمام التلاميذ.
ويشير جيس إلى أن احد المشاريع التي تكفل بها الجانب الألماني في هذا المجال كان إعادة بناء وتجهيز 30 مدرسة فنية ومهنية، تضم حوالي 10 آلاف طالب وطالبة، مشيرا إلى أن هناك أيضا مشروعا طويل الأمد مع الجانب اللبناني في مجال التأهيل الفني والمهني وهو ما يعرف ببرنامج "التعليم الموازي".
"ألمانيا لن تترك اللبنانيين وحدهم"
وفي مجال المياه والصرف الصحي يشير جيس إلى أن عددا من المشاريع تم ويتم تنفيذها؛ منها على سبيل المثال مشروع المياه والصرف الصحي الذي بدأ العمل به في يناير/ كانون الثاني الماضي في منطقة الغدير قرب بيروت، بتكلفة 16.2 مليون يورو. هذا المشروع من المتوقع أن تستفيد منه حوالي 30 بلدية تضم حوالي مليون نسمة، وفقا لـ جيس.
وفيما نفى المنشاوي وجود انعكاسات سلبية للوضع السياسي السائد في لبنان على جهود إعادة الاعمار، مشيرا إلى أن عراقيل إدارية فقط كانت تواجه العمل وتم التغلب عليها، قال جيس بأن الانقسامات السياسية التي يعيشها لبنان والتدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية تضاعف من معاناة الناس الذين يتوقون للعيش بسلام. وأكد المسؤول الألماني في هذا السياق أن بلاده لن تتخلى عن هؤلاء وتتركهم وحدهم، بل إنها سوف تستمر في جهود تقديم المساعدة رغم الظروف القائمة، وذلك حتى يحل السلام في لبنان، حسب تعبير جيس.