كيف يصبح الروس مهاجرين غير شرعيين في أوكرانيا؟
٢ أكتوبر ٢٠٢٢"لا يمكنني الاكتفاء بالجلوس وانتظار الترحيل إلى روسيا"، يقول مكسيم باشتشينكو، الرجل الروسي المتزوج من أوكرانية والذي عاش سنواته الأخيرة بشكل أساسي في أوكرانيا. منذ بدء الغزو الروسي في 24 شباط/ فبراير توقفت دائرة الهجرة الأوكرانية عن قبول الوثائق من الروس. يقول الرجل: "لا يمكنني تمديد تصريح إقامتي". باشتشينكو هو واحد من 175000 مواطن روسي لديهم بالفعل تصاريح إقامة في أوكرانيا، ووضعهم منظم وفق قانون الأجانب.
ومع ذلك، ومنذ بدء الغزو الروسي، توقفت دائرة الهجرة عن تمديد الإقامات. بل إن السلطات تهدد بعضهم بالترحيل. وهذا ما يخيف باشتشينكو. إنه خائف لأنه شارك باحتجاجات المعارضة في روسيا، كما يقوم في أوكرانيا بجمع التبرعات للجيش الأوكراني.
مكسيم غوشكوفسكي لم يعد لديه هو الآخر تصريح إقامة وأصبح مهددا بالترحيل. لقد عاش في أوكرانيا لأكثر من عشرة أعوام. وكان متطوعا منذ "ثورة الكرامة" (الميدان الأوروبي) عام 2014. ومنذ ثماني سنوات تسير إجراءات عملية تجنيسه، ولكن حتى يتمكن من الحصول على الجنسية الأوكرانية، لا بد أولا من إسقاط الجنسية الروسية عنه. وهذا ما لم يتحقق. يقول: "كان علي الذهاب إلى روسيا، ولكني كنت سأوضع في السجن هناك. لقد شاركت في الاحتجاجات في ميدان كييف، وكنت متطوعاً في دونباس وأقوم بإجلاء القتلى من إيلوفيسك. هناك تهم جنائية موجهة إلي في روسيا".
وفي الأيام الأولى للحرب، أعطت الأخبار الواردة من السلطات الأوكرانية الأمل لكل من باشتشينكو وغوشكوفسكي. وقالت السلطات إن الأجانب في أوكرانيا يمكنهم حاليا "تقديم وثيقة منتهية الصلاحية". بدأ غوشكوفسكي يشعر بالارتياح، وتطوع مرة أخرى، مساهما في شراء سترات واقية للجنود الأوكرانيين. ولكن في مايو/ أيار، تم توقيفه بشكل غير متوقع عند نقطة تفتيش في منطقة بولتافا واقتيد إلى مركز الهجرة لفحص ملفه. وبعد ساعات قليلة فقط كان يحمل ختما على جواز سفره، والذي يقضي بأن عليه مغادرة أوكرانيا. ولكنه بقي هنا ورفع دعوى قضائية ضد قرار هيئة الهجرة.
"عدم اليقين القانوني"
وفقا لدائرة الهجرة فقد حصل خلال الأشهر الستة الماضية 635 مواطنا روسيا على مثل هذا الختم في جوازات سفرهم. تقول اكسينيا بروكونوفا، المحامية المتخصصة في قانون الهجرة، إن تصرفات دائرة الهجرة هي نوع من رد الفعل الدفاغي على الحرب غير المتوقعة. ولكن هناك الآن نقص في اليقين القانوني على صعيد العلاقة بين السلطة والأجانب. وتضيف المحامية: "منذ بدء الحرب، لم يعد المواطنون الروس والبيلاروسيون قادرون على توقع أي قرارات تصدر عن دائرة الهجرة".
تلقت بروكونوفا العشرات من طلبات المساعدة القانونية من مواطني روسيا وبيلاروسيا. ولدى كل واحد منهم هناك وضع مختلف. ولكن المحامية تؤكد أنه من شبه المستحيل أن يحصل حاملو جوازات السفر الروسية على تمديد لتصاريح إقامتهم أو أن يحصلوا على الجنسية الأوكرانية. وترى المحامية أنه على دائرة الهجرة أن تنظم علاقتها مع المواطنين الروس بشكل أفضل بدلا من تجاهلهم.
"مخاطر على البلد"
وفي ردها على سؤال لـ DW، قالت دائرة الهجرة إنها تنتظر "حتى يشرع البرلمان قانونا ينظم كيفية التعامل مع مواطني الدولة المعتدية". وإلى ذلك الحين، سيتم إيقاف الطلبات المقدمة من مواطني الاتحاد الروسي. كما قدمت الدائرة لائحة قانونية إلى الحكومة حول كيفية التعامل مع المواطنين الروس لفحصها.
يقول المحامي فولوديمير شبناكوف، في حديث لـ DW، إنه طالما لا توجد قواعد رسمية، فإن الدولة ستصنف هؤلاء الناس "كمهاجرين غير شرعيين"، وهذا يشكل مخاطر على البلاد. ويضيف: إنه "من المنطقي أن يتم تسجيل هؤلاء الأشخاص لأسباب أمنية. فهم يأتون بأنفسهم إلى السلطات لأنهم بحاجة إلى شيء ما، وسيخضعون لجميع الفحوصات اللازمة ويقدمون كل ما هو مطلوب". ويرى المحامي أن السلوك الحالي لدائرة الهجرة يجبرهم على الاختباء، وهو أمر يضر بأمن البلاد.
يقول مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لـDW: إنه "لا يوجد حظر في أوكرانيا على لجوء المواطنين الروس". والمكتب غير مسؤول عن مراقبة الإجراءات الأخرى، بما في ذلك تمديد تصاريح الإقامة. ولكنه يشير إلى وجود "مشاكل معينة في إجراءات اللجوء. حيث توجد ممارسات مختلفة للمكاتب الإقليمية لدائرة الهجرة وبعضها لا يستطيع العمل بكامل طاقته بسبب الوضع الأمني في المناطق".
يؤكد مكسيم باشتشينكو أنه يرغب بالحصول على الجنسية الأوكرانية. ولكن إذا لم يتم حل مشكلته، فسيضطر للاستقرار هو وزوجته في بلد أوروبي آخر. ويضيف: "بدلا من الحصول على مواطن أوكراني إضافي، ستفقد أوكرانيا حينها مواطنة".
تمارا كيبينكو/ف.ي