كيف يجمع سوق "واقف" القطري الأصالة والمعاصرة؟
٢٦ مايو ٢٠١٥ناطحات سحاب وأبنية حديثة، مراكز تجارية وأعمال واستثمارات، وحراك دائم في البر وفي البحر. لكن وغير بعيد عن أعمال البناء في العاصمة القطرية الدوحة يقوم سوق تقليدي، أُعيد بناؤه قبل حوالي عشرة أعوام، إنه سوق واقف أو "واغف"، كما يلفظ الاسمَ أهلُ البلاد، بات مركز جذب سياحي واقتصادي في المدينة. وهذا ما يؤكده مرهف صفّاف أحد تجار السوق وهو سوري الجنسية إذ يقول: "أصبح السوق مزدحما لدرجة أنه من الصعب إيجاد مكان قريب لركن السيارة". يعمل مرهف أيضا في صناعة "العُقل" أو العُغل، كما تُلفظ هنا. وفي السوق يرى منتجه على رؤوس كثيرٍ من مواطني البلاد الذي يرتدون الملابس الوطنية التقليدية. صناعة العقال اليدوي بشكله المعروف اليوم صناعة تقليدية يُقارب عمرها مئة وخمسين عاماً.
من أين جاء اسم العقال؟
مرهف يعمل في سوق واقف. سوقٌ تراثيٌ يحاول استعادة وجه التاريخ في بلد يعتمد بشكل رئيسي على النفط والغاز في وارداته، ويسكنه حوالي مليوني نسمة، لا تتجاوز نسبة المواطنين القطريين بينهم خمسة عشرة في المئة. يطيب لمرهف صفّاف السوري الجنسية أن يتمشّى في دهاليز السوق. فهو يعمل في صناعة وبيع "العُقل" أو العُغل، كما تُلفظ هنا. وفي السوق يرى منتجه على رؤوس كثيرٍ من مواطني البلاد الذي يرتدون الملابس الوطنية التقليدية. صناعة العقال اليدوي بشكله المعروف اليوم صناعة تقليدية يُقارب عمرها مئة وخمسين عاماً. وحسب مرهف فإن الناقة كانت تُعقل بالعقال ومن هنا جاء اسم العقال.
طعام إيطالي لزوار خليجيين
لا ينام السوق في ليل الدوحة. جاذبية المكان دفعت مستثمرين إلى افتتاح سلسلة من الفنادق الصغيرة بين أزقته، بلغ عددها في السنوات القليلة الماضية ثمانية فنادق. ويصل مجموع عدد الغرف إلى حوالي مئة وخمسين غرفة. كما تضم الفنادق مطاعم تجاوزت العشرة. رمزي فيتوري، الطباخ التونسي البالغ ثمانية وثلاثين عاما من العمر يعمل في أحد هذه المطاعم يقول بأن لائحة الطعام إيطالية وتناسب مذاق الزبون الأوروبي للوهلة الأولى مع أن النسبة الأكبر من الزوار خليجيين لاسيما من السعودية والإمارات والبحرين.
سوق يجمع الأصالة والمعاصرة
يستفيد رمزي والعاملون معه من حقيقة أن أكثر من مليون زائر لدولة قطر يأتون سنوياً من دول مجلس التعاون الخليجي. يُضاف إلى هؤلاء ثلاثمئة ألف زائر من باقي أنحاء العالم. كثير منهم يبحثون عن معادلة الأصالة والمعاصرة فتأخذهم أقدامهم في المساء إلى سوق واقف. وهناك يكتشفون مزاوجة المحلّي بالعالمي، على الأقل فيما يتعلق بأنواع الطعام. "تعلمت البيتزا في فرنسا مع امرأة كبيرة إيطالية. امرأة عجوز إيطالية هي التي علمتني البيتزا. اشتغلت معاهم حوالي سبع سنوات في مطعم باريسي. ولم يكن يدور في خلد العجوز الإيطالية آنذاك أن ما تعلّمُه للتونسي الشاب في باريس سيجد طريقه بعدها بسنوات إلى الدوحة وعالم سوق واقف في الليل، عالمٍ أقرب ما يكون إلى أجواء ألف ليلة وليلة.