Studentenleben Kommunikation
١٦ سبتمبر ٢٠١١لا شيء يُهون قسوة فراق الأهل والبعد عن الوطن سوى التعرف على أصدقاء جدد، قادرين على تعويض الدفء الأسري وملء فراغ الطالب. غير أن هذه المهمة التي تبدو سهلة في العديد من البلدان العربية قد تصعب في بلد مثل ألمانيا. نظرا لعدة عوامل، أولها الاختلافات الثقافية بين ألمانيا وبين البلدان العربية، هذا بالإضافة إلى صعوبة اللغة الألمانية في البداية، والتي تعتبر وسيلة من وسائل الاندماج في المجتمع الطلابي الألماني. تقول مريم طالبة مغربية في جامعة بون "وجدت في البداية صعوبة في التواصل مع زملائي الألمان رغم أني تعلمت اللغة الألمانية، نظرا لكوني لا أفهم الكثير من التعابير الشبابية الألمانية أو تلك التعابير التي تعتبر جزءا من الحياة اليومية."
الأقسام التحضيرية ودورها الفعال
سارة طالبة من اليمن جاءت إلى ألمانيا حديثا بغرض الدراسة الجامعية، وككل الطلبة الذين لا يتوفرون على شهادة ثانوية ألمانية، تدرس سارة حاليا في الأقسام التحضيرية للدراسة الجامعية. تقول سارة: "حاليا أغلب زملائي هم أجانب وليسوا ألمانا والتعامل معهم سهل واستطعت خلق صادقات معهم." كذلك الأمر بالنسبة لمعتصم، طالب يمني في جامعة برلين " استطعت التعرف على أصدقائي في المرحلة التحضيرية. صحيح لم يكونوا ألمانا لكنني استطعت عن طريقهم التعرف على أصدقاء ألمان."
لا تعرف سارة لحد الآن كيف سيكون التعامل مع زملائها الألمان عندما تدخل الجامعة، لكنها تقول: " حاليا تعرفت على أصدقاء ألمان عن طريق عائلة ألمانية، وأنا أجدهم طيبين للغاية ورائعين وفي منتهى اللطف معي، وأعتقد أن الأمر سيكون كذلك في الجامعة." لا يدرس كل الطلبة الجدد بالمرحلة التحضيرية، فالكثير منهم لا يضطرون للقيام بهذه المرحلة، إذا كانوا يتوفرون مسبقا على شهادة جامعية. وبالتالي تكون للجامعة مسؤولية خلق صداقات مفيدة للطلبة العرب.
الإمكانيات التي توفرها الجامعة الألمانية
توفر الجامعة الألمانية برامج عديدة تهدف إلى إخراج الطالب الأجنبي من عزلته وكذا مساعدته على التأقلم في المجتمع الجديد. أحد هذه البرامج هو برنامج "Study Body" وهو برنامج تتلخص فكرته في أن يقوم طالب ألماني متطوع، بمصاحبة الطالب الأجنبي ومساعدته على حل مشاكل الحياة اليومية في ألمانيا وكذا مساعدته في فهم واستيعاب المحاضرات الجامعية عن طريق الشرح اللغوي. بدوره يستفيد الطالب الألماني في التعرف على ثقافة جديدة وعلى تقاليد الطالب الأجنبي. يقول معتصم: “كنا ننظم لقاءات متواصلة أنا وطالب ألماني من مستوى جامعي أعلى من مستواي، وكان يساعدني في حل مشاكل الدراسة. وأجد هذا النظام نظاما جيدا" .
هناك برنامج جامعي شبيه يسمى" برنامج العراب" وهو برنامج يرتكز على تكفل طالب ألماني قديم بعدد من الطلبة يتراوح ما بين الأربعة والستة، وذلك لمدة تتراوح بين الثلاثة والأربعة شهور، حيث يساعد الطلبة الأجانب في الشؤون الرسمية كملء الوثائق الإدارية وإيجاد السكن الملائم وكذا التسوق.
" التبادل اللغوي" أو" شبراخ تانديم" هو أحد العروض المفيدة التي تقدمها الجامعة للطلاب الأجانب. حيث يتعرف الطالب العربي على طالب ألماني يرغب في تعلم اللغة العربية دون مقابل مادي، وبدوره يساعد الطالب الألماني الطالب العربي في تطوير لغته الألمانية وفي التعرف على أوجه الحياة في ألمانيا. هذا بالإضافة إلى أن مكاتب الطلبة في الجامعات الألمانية تنظم بعض الأنشطة الثقافية، كالعروض السينمائية أو الحفلات الموسيقية، والتي تكون فرصة سانحة للتعرف على وجوه جديدة.
خطوات ذاتية لابد منها
وجيه طالب مغربي في جامعة فورتسبورغ، وهو من الطلبة الذين لم يستطيعوا الحصول بسهولة على صداقات من الجانب الألماني. ورغم أنه يدرس في ألمانيا منذ عدة سنوات، إلا أن أغلب صداقاته تصب في الجانب المغربي. يقول وجيه: " أعتقد أننا نتحمل جزءا من المسؤولية، هناك بعض الطلبة الذين ينغلقون على أنفسهم ويصدقون بعض الأحكام المسبقة. أعتقد أن الطالب الأجنبي ينبغي أن يقوم بالخطوة الأولى." ولعل هذه الخطوة الأولى تتجلى في محاولة التعرف على ثقافة الآخر ونبذ الأحكام المسبقة.
يقول معتصم:" الصداقة في ألمانيا تستدعي حضور بعض الحفلات أو إقامة نزهات جماعية، ورغم أن هذه الأمور جديدة عليّ، إلا أن الألمان يحترمون عاداتي وتقاليدي وأنا احترم عاداتهم وتقاليدهم. مثلا لم يطلب مني أحد أن أشرب الكحول. "
تجدر الإشارة إلى أن أغلب دور الطلبة أو المساكن الجامعية في ألمانيا تتوفر على مسؤول عن الطلبة الجدد، يكون في الغالب أحد الطلبة القدامى، ويمكن للطلبة الجدد أن يتوجهوا إليه في حالة الضرورة، كما يتم تنظيم لقاءات تعارف داخل السكنى الجامعية إلى جانب أنشطة ثقافية ورياضية تخول ربط صداقات جديدة.
من جهة أخرى صار للإنترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي دور فعال في ربط التواصل بين الطلبة. ومن أشهر هذه المواقع في ألمانيا "StudiVZ " وهو موقع للتواصل بين التلاميذ والطلبة. ويتوفر الموقع على 16.5 مليون مستعمل حسب إحصائيات الشهر الماضي. كما يمكن للطالب الأجنبي أن ينخرط في بعض الأنشطة الطلابية أو بعض الأنشطة النقابية والتي تشكل أيضا فرصة سانحة للتعرف على أصدقاء.
ريم نجمي
مراجعة: منى صالح