كيف أصبحت بلدة أيرلندية صغيرة في قلب الصراع على اللاجئين؟
٢٠ أكتوبر ٢٠١٩من المقرر أن تتم إزالة السياج الموجود حول ما كان يعرف سابقاً باسم فندق "كونيمارا غيتواي" الواقع خارج بلدة اوتيرارد الريفية في مقاطعة غالواي. فبعد أسابيع من الاحتجاجات العامة في الموقع، أعلنت شركة التطوير العقاري (فايزارد المحدودة) أنها ستسحب المناقصة ولن تمضي قدماً في عملية التطوير. الحكومة الأيرلندية قالت إنها تشعر بخيبة أمل إزاء القرار، لكنها تفهمت الحاجة إلى تحسين مشاركة المجتمع في مثل هذه العمليات.
وكان جدل حاد قد نشب بشأن اقتراح إقامة مركز لإيواء اللاجئين على بعد بضعة كيلومترات مربعة من المدينة. في منتصف سبتمبر/ أيلول، قام توماس ويلبي، أحد أعضاء المجلس المحلي، بتنظيم أول اجتماع عام لمناقشة خطط افتتاح مركز الإمداد المباشر للاجئين، والذي يقدم الإقامة لطالبي اللجوء وأقيم في أيرلندا في عام 1999. تلى الاجتماع احتجاجات استمرت على الأرض وفي مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب تجمع أقيم في أوغتيرارد في عطلة نهاية الأسبوع جذب أكثر من 2000 شخص.
ومراكز الإمداد المباشر في أيرلندا هي وسيلة لتلبية الاحتياجات الأساسية من الغذاء والمأوى لطالبي اللجوء بشكل مباشر، أثناء دراسة طلباتهم للحصول على حق اللجوء، بدلاً من الدفع النقدي بالكامل لهؤلاء الأشخاص.
وبموجب النظام المباشر لتقديم الخدمات للاجئين، يتم استيعاب طالبي اللجوء في أيرلندا في المراكز التي تقوم فيها الدولة بتغطية احتياجاتهم الأساسية بما في ذلك الوجبات الغذائية. ويحق لطالبي اللجوء الحصول على مصروف شخصي بشكل أسبوعي يبلغ حوالي 21 يورو.
لا يرغب السكان المحليون في أوغتيرارد في إنشاء مركز للاجئين في بلدتهم، ليس لأنهم يواجهون مشكلة مع المهاجرين، ولكن لأنهم يعارضون نظام الإمداد المباشر المعمول به في أيرلندا، وفقًا لويلبي الذي يضيف بأن سكان أوغتيرارد يرحبون دائما بالناس من جميع أنحاء العالم. وفي مظاهرة نظمت احتجاجا على خطة بناء المركز، حمل المشاركون لافتات كتب عليها "نعم للاجئين، لا للإمداد المباشر" بينما كانت اللافتة الرئيسية تقول " أوغتيرارد تقول لا لمركز الإمداد المباشر غير الإنساني".
المعارضة لنظام الإمداد المباشر تتجاوز بلدة أوغتيرارد، إذ تم تنظيم احتجاج في مدينة غالواي أيضا. وقال متحدث باسم شبكة غالواي لمناهضة العنصرية، نظمت المسيرة، إنهم كانوا يحتجون على العنصرية ونظام الإمداد المباشر، وفقًا للإذاعة الوطنية آر تي إي RTE. وقال عمدة غالواي مايك كوبارد، الذي شارك في الاحتجاج، إنه "لا يوجد مكان للعنصرية" في المدينة.
السكان المحليون بعيدون عن المشاركة في القرار
بالإضافة إلى معارضة نظام الإمداد المباشر، كان بعض سكان أوغتيرارد يشعرون بالقلق أيضا من انعدام الشفافية حول المركز الجديد. فقد ذكرت صحيفة "آيريش تايمز" أنه كان من المفهوم مشاركة وزارة العدل في المفاوضات التي أجريت مع مالك فندق "كونيمارا غيتواي" لإيواء أقل من 250 طالبي اللجوء. في غضون ذلك، أصرت الوزارة على أنها غير قادرة على مناقشة تفاصيل العقود التجارية مع الجهمور قبل الاتفاق بشأنها، وفقًا لموقع newsnews.ie الإخباري. وقال جون غيبونز وهو أحد المحتجين الذين شاركوا في المسيرة الصامتة "إن الجهة الوحيدة المستفيدة من هذا النموذج، هو الوسيط الذي دفع ملايين اليوروهات من أموال دافعي الضرائب في هذه الصفقة".
ولطالما حث النشطاء في جميع أنحاء أيرلندا وزارة العدل على النظر في نماذج بديلة لنموذج الإمداد المباشر. يقول روري كلانسي، المتحدث الرسمي باسم حملة أوغتيرارد، إن المجتمع نفسه توصل إلى بعض الحلول. ونقلت صحيفة "كلاركس نيوز" عن كلانسي قوله إن "مراكز الإمداد المباشر ليست منازل. من حقنا جميعاً الحصول على منازل، وهذا ما نود أن نعطيه للناس". من جانبهم، أشار كثير من سكان البلدة إلى شعورهم بالقلق من أن مركز طالبي اللجوء المزمع إقامته سيزيد من الضغط على الخدمات العامة التي تكفي السكان المحليين بالكاد. ويوجد في أوغتيرارد طبيب واحد لـ 1300 شخص، فيما تفيد التقارير بأن المدارس في البلدة قد وصلت إلى طاقتها الاستيعابية القصوى.
مناهضون للمهاجرين ينضمون للحملة
تقول كاثرين كونولي، نائبة محلية، إن غالبية سكان أوغتيرارد "قد يتشاركون ملابسهم نفسها لمساعدة اللاجئين وطالبي اللجوء"، لكن مجموعة صغيرة من اليمين المتطرف استغلت "الاهتمامات الحقيقية" للمجتمع. ونتيجة لذلك، فإن السكان المحليين الذين يعارضون نظام الإمداد المباشر والذي يرونه غير إنساني قد وجدوا أنفسهم في تحالف محرج غير مباشر مع نشطاء مناهضين للمهاجرين. وفي الاجتماع العام الأول حول القضية والذي عُقد في سبتمبر/ أيلول، أشار النائب المستقل نويل غريليس، إلى المهاجرين الأفارقة بوصفهم مهاجرين اقتصاديين "يأتون إلى هنا للحصول على المال والطعام بما يضر بالنظام العام في أيرلندا". ويظهر مقطع فيديو لرايس يقول فيه للمشاركين في الاجتماع "دع الوزير يعرف الخوف - إنه الخوف الذي سيتم جلبه إلى هذه القرية، لأننا لا نعرف هؤلاء الأشخاص القادمين إلينا".
ودعا رئيس الوزراء الأيرلندي غريليس إلى سحب ملاحظاته، لكن هذا لم يمنع من أن تحصل كلماته على تأييد واسع النطاق وتنتشر بين القوميين اليمنيين بمن فيهم جيرويد ميرفي، جيما أودوريتي وروان كروفت. ومنذ ذلك الحين استخدم النشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في إطلاق حملات على غرار حملة #Outerter لنشر الرسائل العنصرية بشأن طالبي اللجوء.
"نعيش بطريقة غير إنسانية"
يتعرض سكان أوغتيرارد في الوقت الحالي لضغوط من أجل إثبات أن حركتهم تم التسلل إليها واختطافها على أيدي نشطاء عنصريين. وفي الوقت نفسه، تواصل الحكومة التعامل مع عمليات الإمداد المباشر وتوفير السكن والإقامة لطالبي اللجوء. وأظهرت الأرقام أنه في يوليو/ تموز من هذا العام كان نحو 6355 شخصا يعيشون في حوالي 40 مركزا مباشرا في جميع أنحاء أيرلندا - أي أنه كان هناك نحو 200 شخص أكثر من القدرة الاستيعابية للنظام المعلن الذي تعمل به وزارة العدل، وفقًا لـشبكة الإذاعة والتليفزيون الأيرلندية RTE. وحوالي ثلث من هم في داخل هذا النظام من الأطفال.
كانت مراكز الإمداد المباشر مخصصة لإيواء طالبي اللجوء لفترات قصيرة. ومع ذلك، وفقا لشبكة الإعلام الأيرلندي RTE، فإن 40 في المئة يقضون أكثر من عامين في هذه المراكز. تقول طالبة اللجوء سيفيستيوي مويو لبرنامج "آر تي تايم": "إن الطريقة التي نعيش بها غير إنسانية.. لا يمكنك المضي قدما في حياتك. لا يمكنك أن تتعافى من آلامك، لأنك تشعر بأنك علقت في هذا المكان. لا تزال عالقا في تلك اللحظة التي دفعتك إلى الخروج من بلدك والمجيء إلى هنا".
ويقول العديد من منتقدي نظام الإمداد المباشر إن طالبي اللجوء يتم عزلهم ومنعهم من العمل والدراسة والمساهمة في المجتمع المحلي. رجل أعمال محلي مشارك في حملة أوغتيرارد قال لصحيفة آيريش تايمز إن هناك "المزيد من المعلومات المزعجة حول عدم إنسانية نظام الإمداد المباشر." وقال إن المجتمع مصمم على "عدم السماح لهذا الظلم الاجتماعي بأن يتمدد وينتشر عبر أبوابنا".
ومنذ أن تم اتخاذ قرار بوقف تطوير مركز استقبال اللاجئين في أوغتيرارد ، دافعت وزارة العدل عن نظام الإمداد المباشر. وزير العدل تشارلي فلاناغان قال إن التعليقات التي صدرت في الأسابيع الأخيرة حول النظام "أساءت فهم طبيعة الخدمات المقدمة لطالبي اللجوء"، وأضاف أن "العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تقدم خدمات لطالبي اللجوء من خلال نموذج المركز، وقد تم دعم حوالي 60 ألف شخص من خلال توفير الخدمات بشكل مباشر على مدار 20 عاما".
وتقول الوزارة إنها ستقيم العطاءات والمقترحات الأخرى التي تم استلامها والمضي قدماً بشأن العطاءات المتبقية في مناطق دبلن وحدودها.
ماريون ماكغريغور/ع.ح