Karneval in Köln
٧ فبراير ٢٠١٢فيكي يوغنبورث يعتز بانتمائه لمدينة كولونيا التي تقع في ولاية شمال الراين وستفاليا الألمانية. وتشتهر المدينة التي تقع على نهر الراين الكبير بكاتدرائيتها الكبيرة ومهرجاناتها ومعارضها المتنوعة، مما يجعلها تستقطب عددا كبيرا من السياح والوافدين. ويعتبر موسم الكرنفال من فترات السنة المهمة وجزءا مهما من حياة سكان كولونيا. فعندما تسأل فيكي مثلا عن ماذا يعني الكرنفال بالنسبة له فيجيبك بقطعة غنائية بلهجة الكولش المحلية:" اللعب، المرح، الغناء، الرقص..."، ويضيف:" يجب على المرء أن ينسى كل الهموم والأحزان في فترة الكرنفال".
وتمتد فترة الكرنفال لهذه السنة في مدينة كولونيا مابين 11 من نوفمبر/ تشرين الثاني لسنة 2011 إلى غاية 21 فبراير/ شباط 2012. وهي فترة احتفال مفتوحة تنظم فيها العديد من الحفلات والسهرات الكبيرة والأنشطة الترفيهية في الشوارع العامة، حيث يرتدي الناس أزياء تنكرية ويجوبون أحياء المدينة المليئة بالمنصات الموسيقية وغيرها من العروض الفنية. ويتميز الكرنفال بطابعه الاجتماعي والسياسي والإنساني أيضا، حيث يعتبر أيضا فرصة لعامة الشعب من أجل التعبير عن آرائهم السياسية بأشكال سخرية وبهلوانية مختلفة.
ويعد كرنفال كولونيا الأكبر من نوعه على صعيد ألمانيا ويضاهي الكرنفالات العالمية الكبرى مثل كارنفال ريو في البرازيل أو مهرجان نيو أرليون في الولايات المتحدة الأمريكية.
أمير الكرنفال
كل سنة تعيين أمير للكرنفال، وهو منصب فخري وتكريمي له مكانة كبيرة في أوساط المهرجانات في مدينة كولونيا. وقد حضي فيكي في كرنفال سنة 1993 بهذا التقدير، مما دفعه بعدها لتأليف أغنية حول هذا المنصب الشرفي بعنوان( أمير ولو لمرة واحدة في الحياة.)
وتربط سكان مدينة كولونا علاقة مميزة بطقوس الكرنفال وتاريخه العريق. فقد توالى على مدينة كولونيا شعوب وأعراق مختلفة بداية من الرومان قبل 2000 عاما ليتم احتلالها في فترات أخرى من الفرنسيين وشعوب أوروبية أخرى. وهذا المزيج الثقافي والإرث التاريخي جعل من مدينة كولونيا مدينة الترفيه والسهر على مر العصور. ويرى الفنان الكوميدي كونراد بيكيشنر أن للمدينة خصوصيتها التي تنفرد بها عن باقي المدن الألمانية حيث يقول:" هنا يمتزج نمط الحياة الروماني مع الأناقة الفرنسية، وهو الشيء الذي أعطى للهجة المحلية والسكان ثقة كبيرة بالنفس."
إرث ثقافي
وهذه حقيقة تطبع مدينة كولونيا، حيث أنه ليس هناك مدينة أخرى في ألمانيا يوجد فيها عدد كبير من الموسيقيين والمغنيين الذي يتغنون باللهجة المحلية دون تحفظ، وخاصة منها فرقة "بلاك فووس." الموسيقية التي لها تاريخ عريق في المنطقة. وهي تغني مجموعة من الأغاني المحلية والشعبية الغنية بالفكاهة والسخرية ولها ارتباط وثيق بالهوية المحلية لسكان المدينة، وهو ما يعتبره عازف آلة الباص هارتموت بريز إرثا مهما حيث يقول:" أعتقد أن اللهجة هي الشيء الوحيد الذي لازال يميز المدن والجهات." فبالنسبة له لم يعد هناك أي اختلاف بين المدن بما في ذلك تصميم الطرقات والمحلات:" فكلها متشابهة." ولهذا فإن الموسقى قد تلعب، في نظره، دورا مهما في الحفاظ على الهوية المحلية من خلال غناء شعبي بلهجة محلية. كما يضيف:" وهي أيضا فرصة للسياح والوافدين على المدينة من أجل التعرف على المدينة وخصوصياتها الثقافية و اللغوية." وهذا ما يسهل، على حد تعبيره، حتى على الأجانب أو المهاجرين لاندماج في المدينة عبر الحفلات الموسيقية والأنشطة الترفيهية حيث يقول:" لايستغرق ذلك وقتا طويلا حتى تجد الأجانب يرددون الأغاني صحبة سكان المدينة الأصليين بصوت واحد."
" بلاك فووس" فرقة موسيقية بتاريخ حافل
كن مجموعة بلاك فووس الغنائية هي أول من أدى الأغاني الشعبية المحلية، بل لهذا النوع من الموسيقى تاريخ عريق ينبع من الجيل الأول من موسيقى الروك الإنجليزية القديمة. وهذا ما تؤكده تمسية هذا النوع من الموسيقى " بلاك فووس" بلكنة قريبة من النطق الإنجليزي ومعناها " حافي القدمين". وقد تميزت العروض الموسيقية الأولى للفرقة في سنوات السبعينات بالطابع الثوري كما تشابه إلى حد كبير فرق موسيقى الروك الصاخبة الإنجليزية، حيث يرتدي الموسيقيون سراويل جينز ويتميزون بشعرهم الطويل وأقدمهم الحافية. وقد كان هناك إقبال كبير ومتزايد من الجماهير على هذا النوع من الموسيقى، حيث أصبحت أغانيهم تراثا حضاريا على لسان الكثير من محبي الكرنفال.
ويمزج موسيقيو "بلاك فووس" سواء في أدائهم أو هندامهم بين العديد من الألوان الموسيقية.
وبالرغم من الحب الذي يكنه الموسيقيون لمدينتهم إلا أن النصوص الموسيقية التي يرددونها يبقى لها طابع نقدي وتربوي أيضا. وهي تتطرق إلى مواضيع اجتماعية مختلفة مثل الفقر والبطالة والعداء للأجانب، بالإضافة إلى مواضيع تخص حماية البيئة وغيرها من المواضيع الهادفة، وذلك بشكل سخري و مرح. وهو مايؤكده المغني الشعبي وعازف القيثارة بومل لوكراث حيث يقول:" هدف أغانينا هو تشجيع التواصل و تعزيز اللحمة الاجتماعية."
"هستيريا الكرنفال في كولونيا لا يمكن شرحها"
ويعرف على سكان مدينة كولونيا طابعهم الاحتفالي والعفوي، وذلك ليس فقط في أيام الكرنفال كما يقول المغني فيكي يونغبورث :" سكان كولونيا لهم عقلية مختلفة وعلاقتهم بالكرنفال يصعب شرحها، فهي مثل علاقة الرضيع بأمه."
ولكن العديد من المتتبعين القادمين من مدن ودول أخرى يصعب عليهم فهم هذا الجو الاحتفالي ويعتبرونه شيئا غريبا،" أن ترى العديد من أبناء كولونيا يتجولون بأزياء التنكر لبضعة أسابيع". لكن فيكي يقول:" هذا شيء عادي بالنسبة لنا ونحن لا نستحيي من ذلك فهذا جزء من تراثنا وأعرفنا التي لا نستطيع أن نتخلى عليها."
ويبقى لموسيقى الكرنفال حضور قوي حتى بعد انتهاء الموسم الاحتفالي، فسرعان ما تنتهي احتفالات الكرنفال حتى تبدأ بعدها احتفالات عيد الفصح ومواسم احتفالية أخرى.
سوزان كوردس/ أمين بنضريف
مراجعة: عبده جميل المخلافي