كنوز كامنة تحت تلال النفايات في مصر
١٣ مارس ٢٠١٣يدير مهندس هاني أنيس فرع جمعية "حماية البيئة" الغير حكومية بمنطقة المقطم بالقاهرة، التي تعمل في مجال إعادة التدوير. وتساعد الجمعية زوجات جامعي القمامة اللاتي يقمن بتحويل النفايات الورقية وبقايا المنسوجات إلى منتجات ورقية وأعمال فنية لبيعها في مصر وأيضاً في نيويورك، وهو ما يعود عليهن وعلى الجمعية بالنفع. لكن الإقبال على تلك المنتجات المعاد تدويرها في مصر أصبح قليلاً بسبب الحالة الاقتصادية والسياسية في مصر كما يوضح أنيس في اتصال هاتفي مع DW، لذلك تبحث الجمعية عن كيفية زيادة المبيعات من خلال بيع المنتجات في بلدان أخرى.
ولأن انتشار القمامة يؤثر سلبياً على الصحة بشكل كبير، فالجمعية تهتم بشكل خاص بالرعاية الصحية للعاملين بها، من خلال القيام بمسح للمناطق التي يعملون بها عن عدة أمراض من ضمنها فيروس سي والتايفويد ومتابعة الصحة الإنجابية وهو "ما يكلف الجمعية كثيرا خصوصا أنها غير هادفة للربح"، على حد قول أنيس. يذكر أن الجمعية تعتمد في تمويلها على التبرعات من عدة هيئات أجنبية ومصرية.
تقنين عمل جامعي القمامة
جمعية "حماية البيئة" ليست الوحيدة المعنية بإعادة التدوير، ومن ضمن الجمعيات الأخرى الناشطة في هذا المجال "جمعية روح الشباب الأهلية لخدمة البيئة"، التي أسسها ويديرها عزت نعيم وهو متطوع "كنقيب للزبالين" (العاملين في جمع النفايات) على مستوى محافظتي القاهرة وأسوان كما يعرف نفسه لـDW.
تعمل جمعية روح الشباب بشكل أساسي على تنظيم وتقنين عمل جامعي القمامة الغير تابعين لشركات أو هيئات و"هم أكثر من يقوم بإعادة تدوير النفايات في ورشهم الخاصة الصغيرة والمتناهية الصغر" حسب نعيم، الذي يضيف أن جامعي القمامة يقومون بشكل خاص بإعادة تدوير البلاستيك من زجاجات المياه المعدنية، ويبيعون مادة البولي إيثيلين تيريفتالات لبعض المصانع في الصين، وتقوم تلك المصانع عادة بإعادة بيع البلاستيك لمصر بأثمان مرتفعة.ويوضح صاحب جمعية روح الشباب أنه "في حال تسجيل تلك الورش رسمياً، فيمكن للعاملين بها تصنيع المواد البلاستيكية وتوريدها، وهو ما سيستفيد منه كله من جامعي القمامة والدولة أيضاً". لذلك تعمل الجمعية مع وزارة البيئة لتنظيم هذا القطاع، حتى يصبح عمل جامعي القمامة رسمياً ويمكن للدولة التعاقد معهم.
من ناحية أخرى، تعمل الجمعية على تعليم الأولاد إعادة التدوير عن طريق "مدرسة إعادة تدوير البلاستيك للأولاد". هناك لا يتعلم التلاميذ القراءة والحساب والكمبيوتر فحسب، لكنهم يتعلمون أيضاً إعادة التدوير ويتقاضون مقابلا ماديا على عملهم.
ضرورة فصل القمامة من المنبع
وتقوم عدة هيئات أجنبية ومصرية بتمويل هذه المدرسة وأنشطة الجمعية المختلفة، ومن بينها أيضاً "حملة توعية لفصل القمامة العضوية وغير العضوية من المنبع". ويوضح نعيم أهمية هذه الحملة قائلاً: "هناك خطورة من عدم فصل القمامة من المنبع، فالمواد الغير عضوية تلوث المواد العضوية حينما يختلطوا. بالتالي إذا حولت إلي سماد سوف تلوث النباتات مما سيؤثر سلبا علي صحة الأشخاص ويعرضهم للإصابة بالفشل الكلوي. أيضا فصل القمامة من المنبع يساعد على إعادة تدويرها كلها بدلا من دفنها مما يلوث التربة أو حرقها مما يلوث الهواء".
لذلك تقوم الجمعية بتدريب أفراد من عشر أحياء مختلفة ليقوموا بالتوعية بكيفية فصل القمامة في أماكن متعددة كالمنازل والمدارس والمحلات. ويقوم المشاركون بالحملة بزيارات تذكيرية أسبوعية، ومع تلك الزيارات يزداد عدد المشاركين في الفصل. ولتكتمل عملية فصل القمامة، يقوم المشاركون في الحملة أيضاً بتوعية جامع القمامة وتدريبه ليقسم عربته إلى جزء لفضلات الطعام وجزء لبقية أنواع القمامة، كما يوضح نعيم.
النفايات الالكترونية كنز خطر
وكما أن لفصل النفايات العضوية عن غيرها أهمية كبيرة، ففصل النفايات الالكترونية لا يقل أهمية نظراً لقيمتها وأيضاً لخطورتها، لذلك قررت مجموعة من الشباب المصري التخصص في إعادة تدوير تلك النفايات. وتوضح نهلة الشامي المديرة التنفيذية لإدارة علاقة العملاء بشركة "ريسيكلوبيكيا" هذا الأمر قائلة في اتصال مع DWإنه لا يوجد في إفريقيا مصانع لإعادة تدوير المخلفات الالكترونية بطريقة صديقة للبيئة وتضيف: "من خلال إعادة تدوير تلك المخلفات يتم القضاء علي خطر الإضرار بالكائنات الحية والمياه الجوفية وما قد يسبب أمراض خطيرة للإنسان".
تحصل الشركة على المخلفات الالكترونية عن طريق مؤسسات وشركات وأفراد وجمعيات خيرية بمقابل مادي بالإضافة إلي إعطائهم "شهادة الشركة الصديقة للبيئة" ويوضع شعار تلك المؤسسة علي موقع "ريسيكلوبيكيا" ومواقعهم للتواصل الاجتماعي. بعد الحصول على الأجهزة، تقوم ريسيكلوبيكيا بتصنيفها فتصلح ما يمكن إصلاحه وترسله إلي جمعيات خيرية أو مدارس حكومية دون مقابل، بينما تقوم بتصدير التالف مقابل عائد مادي إلي مصانع بألمانيا والصين ليعاد تدويرها بطريقة صديقة للبيئة، أما الأفراد فيجمعون نقاط مقابل إعطائهم الأجهزة ثم يستبدلوها بهداية من اختيارهم.
تعتقد الشامي أن عملهم يساعد الاقتصاد المصري ويوفر فرص عمل. ولا تقف طموحات هؤلاء الشباب عند هذا الحد فهم يريدون مستقبلا إنشاء مصنعهم الخاص ليكون أول مصنع لإعادة تدوير المخلفات الإلكترونية في أفقريا بطريقة صديقة للبيئة كما توضح الشامي.
يذكر أن مؤسسي تلك الشركة اشتركوا في مسابقة "إنجاز مصر"، وفازوا بالمركز الأول وربحوا ستين ألف جنيها وهو ما بدئوا به المشروع.