كن أذكى من كورونا ـ خبراء يكشفون خبايا الفيروس القاتل
١٠ ديسمبر ٢٠٢١الآثار البعيدة لكورونا قد تشمل كل أعضاء الجسم!
الغالبية العظمى من المرضى الذين نجوا من الإصابة بفيروس كورونايتعافون بسرعة، لكن البعض منهم يعاني من أعراض لفترة أطول. وقام باحثون بتحليل شكاوى محددة يمكن أن تحدث حتى لدى الأشخاص الأصحاء سابقًا. وقاموا بتقييم عديد الدراسات حول العواقب والمضاعفات المتأخرة لفيروس كورونا المستجد. وهذه هي الأعراض بعيدة المدى الأكثر انتشارا:
استمرتعواقب العدوى لمدة 14 يومًا في بعض الحالات، ولكن المدة وفق بعض الدراسات قد تصل إلى ثلاثة أشهر أو أكثر. وتشمل الشكاوى الأكثر شيوعًا بعد الإصابة بالكورونا ما يلي: التعب المستمر (متلازمة التعب)، ضيق التنفس، ضعف وظائف الرئة، أعراض عصبية، أعراض نفسية، انخفاض جودة الحياة ثم عدم اكتمال عودة حاستي الشم والذوق.
وقد توصلت دراسة أمريكية كبيرة نشرت نتائجها في مارس/ آذار الماضي إلى أن الآثار بعيدة المدى قد تشمل الجسم بكامله من الرأس إلى أخمص القدمين. ولهذا الغرض، تم تقييم بيانات 47.910 من مرضى كورونا تتراوح أعمارهم بين 17 و87 سنة. والنتيجة كانت أن 80٪ من المرضى على الأقل ظهرت عليهم أعراض طويلة الأمد. في المجمل، وجد الباحثون 55 تأثيرًا محددا تشمل تقريبا كل أعضاء الجسم. وهذه خمسة من الأعراض الأكثر شيوعا: التعب (85%)، الصداع (44%)، اضطراب الانتباه (27%)، تساقط الشعر (25%)، ضيق التنفس (24%).
المصابون بالحساسية أقل عرضة للإصابة بالعدوى
يبدو أن خطر الإصابة بعدوى كوفيد ـ 19 منخفض بالنسبة بالمصابين بالحساسية كالتهاب الجلد العصبي أو الربو أو حمى القش وفقا لدراسة أنجزتها جامعة كوين ماري بلندن. الدراسة شملت بيانات أكثر من 15.000 شخص في بريطانيا. ولاحظ الباحثون أن الأشخاص الذين عانوا مما يسمى بالأمراض التأتبية كانوا أقل عرضة للإصابة بـ بالفيروس من غيرهم. وتنشأ هذه الأمراض على أساس الاستعداد الوراثي، مما يؤدي بالمواد المسببة للحساسية إلى زيادة ردود الفعل المناعية. ومن الأمثلة على ذلك حمى القش وأنواع أخرى من التهاب الأنف التحسسي(الحساسية) والربو التحسسي والتهاب الجلد العصبي. وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الربو التحسسي، فقد انخفض خطر الإصابة بفيروس كوفيد ـ 19 بنسبة 38 بالمائة.
ووجد الباحثون هذا الارتباط حتى لدى مرضى الربو الذين استنشقوا الكورتيزون للسيطرة على ردود الفعل الالتهابية في الشعب الهوائية. للوهلة الأولى، يبدو هذا متناقضًا: نظرًا لوجود عدد أقل من الخلايا المناعية التي تقوم بدوريات في المسالك الهوائية بفضل عملية مكافحة الالتهاب، قد يعتقد المرء أن استخدام الدواء (الكورتيزون بالتحديد) يزيد من خطر الإصابة بالعدوى. وبهذا الصدد، يوضح المشرف على الدراسة أدريان مارتينو أنه "قد يكون مرضى الربو الذين يخضعون للعلاج بالكورتيزون أكثر عرضة للإصابة بالعدوى - لكن تظل هذه الإصابات بدون أعراض ولا يتم اكتشافها".
بالإضافة إلى ذلك، فإن المشاركين الذين تناولوا أدوية لتهدئة جهاز المناعة لأسباب أخرى - على سبيل المثال كزرع الأعضاء - كان لديهم أيضًا خطر أقل بنسبة 53 في المائة للإصابة بالعدوى. ومع ذلك، قد يكون هذا مرتبطًا أيضًا بحقيقة أن هؤلاء المرضى قاموا بحماية أنفسهم جيدًا بشكل خاص من المصادر المحتملة للعدوى وفق الباحثين.
نزع القناع ـ غير المحصنين يصابون بعد خمس دقائق..
في مارس / آذار (2022) ستحل الذكرى الثانية لإعلان منظمة الصحة العالمية مرض بكوفيد -19 جائحة عالمية. ومنذ ذلك الحين، أصبحت الأقنعة الواقية جزءاََ من مشاهد الحياة اليومية في معظم أنحاء العالم. وبات موضوع نجاعتها في الحماية من الفيروس يعود للواجهة بشكل دوري. ولا يزال الألمان يتذكرون خبير الفيروسات الشهير في مستشفى شاريتيه في برلين كريستيان دروستن، حينما اعتبر في أبريل / نيسان 2020، أن هناك الكثير من البيانات العلمية التي تؤكد عدم نجاعة القناع، قبل أن يغير موقفه فيما بعد. وبهذا الشأن نشرت دراسة جديدة أشرف عليها معهد ماكس بلانك "للديناميكيات والتنظيم الذاتي" في مدينة غوتنغن، سلطت الضوء على نجاعة الأقنعة في المواقف اليومية الحرجة بشكل خاص، مثل الأماكن المزدحمة كوسائل النقل العام. وركز الباحثون تحت إشراف مدير المعهد إبرهارد بودينشاتز على أقنعة (FFP2) وكذلك الأقنعة التي تستعمل خلال العمليات الجراحية.
وأظهرت الدراسة أن الأشخاص بدون أقنعة يمكن أن يصابوا بعد أقل من خمس دقائق بالعدوى، حتى لو كانوا على بعد ثلاثة أمتار من شخص مصاب عبر الهواء الذي يتنفسونه. وبهذا الصدد أوضح بودينشاتتز أنه "وجدنا في دراستنا خطرًا هائلاً لانتقال العدوى حتى على مسافة ثلاثة أمتار إذا قابلت أشخاصًا مصابين بفيروس بحمل مرتفع، كما يحدث مع سلالة دلتا، وذلك خلال بضع دقائق في حال عدم ارتداء القناع".
هذه التركيبة للقاح المعزز.. مخيبة للآمال!
أظهرت دراسة حديثة كيف تعمل اللقاحات المركبة بشكل مختلف خصوصا حينما يتعلق الأمربالجرعة المعززة. ففي وقت تواجه فيه ألمانيا الموجة الرابعة من الجائحة، يواصل الخبراء دعوة المتعافين والملقحين بجرعتين أخذ جرعة ثالثة على وجه السرعة لتعزيز المناعة ضد الفيروس. ووفقًا لنتائج دراسة جديدة، فإن التلقيح المعزز يحمي أيضًا من السلالات المتحولة.
الباحثون اختبروا سبعة لقاحات مختلفة تلقاها أشخاص تم تطعيمهم مرتين. والنتيجة أن هناك تركيبة متقاطعة من لقاحين كانت نتيجتها سيئة جدا عند الأشخاص الذين تلقوا جرعتين، رغم أن التطعيمات المتقاطعة تضمن استجابة مناعية جيدة وفق دراسات عديدة. وبهذا الصدد قام فريق من الباحثين البريطانيين بقيادة كل من فيكتوريا كورنيليوس وساول فاوست باختبار سبع لقاحات في سياق دراسة إكلينيكية (في مرحلتها الثانية) بهدف تحديد تأثيرها المعزز على أشخاص ملقحين مرتين. ويتعلق الأمر باللقاحات التالية: بيونتيك/ فايزر، موديرنا، جونسون آند جونسون، أسترازنيكا إضافة للقاحين لنوفافاكس لم يتم الترخيص لهما بعد وهما فالنيسا وكوريفاك. الدراسة نشرتها المجلة المتخصصة "ذي لانسيت".
الخبر السار يكمن في كون كل اللقاحات المعززة تعمل ولكن بنجاعة مختلفة. وهكذا أظهر التطعيم المعزز بلقاح فالينسا نجاعة ضعيفة. فيما تمكن الأشخاص الذين تلقوا أسترازنيكا كتلقيح معزز بعد تلقيهم تطعيما كاملا (بجرعتين) ببيونتيك/ فايزر أو موديرنا، من تعزيز مناعتهم أفضل من غيرهم. الدراسة شملت 2.878 شخصًا تم تطعيمهم قبل عشرة إلى اثني عشر أسبوعًا مرتين إما بلقاح أسترازنيكا أو بيونتيك/ فايزر. وكان نصف المشاركين في الدراسة فوق 70 عامًا، وكان الحد الأدنى للسن 30 عامًا. وتم تقسيم جميع الخاضعين للاختبار إلى 13 مجموعة اختبار ومجموعة ضابطة. وأكد المشرفون على الدراسة أن بياناتهم ليست سوى تقييما أوليا. وبعد عام وثلاثة أشهر من التطعيم المعزز ستتوفر لدى الباحثين مزيد من البيانات لتحديد دقيق لنجاعة الحماية طويلة الأمد.
أهمية الفاصل الزمني بين جرعات التلقيح
تؤدي زيادة الفاصل الزمني بين جرعات التطعيمات إلى تحسين مستويات الأجسام المضادة لدى جهاز المناعة، وفق دراسة جديدة قارنت الفترات المختلفة بين اللقاحات الأولى والثانية للقاحات التي تستعمل تقنيات "إم.إير.نا" التي تستعملها بيونتيك/ وموديرنا. وأظهرت الدراسة أنه كلما طال الوقت بين جرعة التطعيم الأولى والثانية إلا وزادت الاستجابات المناعية بعد الجرعة الثانية. فقد قام فريق من الباحثين الكنديين من معاهد مختلفة في فانكوفر بالتحقق من هذا المعطى الذي سبق وأن توصلت إليه دراسات سابقة، وأكدت بالفعل أن الاستجابات المناعية تكون أقوى بعد التطعيم الثاني إذا كانت الفاصل الزمني بين التطعيمين كبيرا.
واختار الباحثون عينات الدم حسب الفترة الفاصلة بينها وبين التطعيم الأول في مجموعات مختلفة من حيث الفواصل الزمنية، من بينها فئة ما بين 170 و190 يومًا أي حوالي ستة أشهر. وقام الباحثون بتجميع مجموعات قابلة للمقارنة من حيث السن والتي تختلف فقط من حيث فترة التطعيم.
وفي "مجموعة قصيرة" كان الفاصل 36 يومًا أو أقل بين الجرعة الأولى والثانية و"مجموعة أطول" بين 100 إلى 120 يومًا. كانت القدرة على تحييد الفيروس في "المجموعة القصيرة" أقل بكثيرمن "المجموعات الطويلة". ومن وجهة نظر الباحثين، فإن النتائج دليل واضح على أن تأخير جرعة ثانية من التطعيم موصى به بشكل خاص عندما يكون اللقاح نادرًا وغير متوفر، حيث يمكن تلقيح أكبر نسبة من السكان من حيث النجاعة المناعية بين الجرعتين.
مخاطر التهاب عضلة القلب بعد التطعيم وفق "إم.إير.نا"
أظهرت دراسة أمريكية حديثة أن الشباب الذين يصابون بالتهاب عضلة القلب بعد التطعيم ضد كورونا عادة ما يكون الأمر خفيفا. ولا تزال فوائد التطعيم تفوق المخاطر بشكل كبير، وفق الخبراء. ويبقى التهاب عضلة القلب من الأعراض الجانبية النادرة جدا للتطعيم نادرا للغاية. وقد تم الإبلاغ عن الحالات الأولى في إسرائيل في الربيع الماضي، وهو ما توصلت إليه دراسات عديدة في الولايات المتحدة، إذ أثبتت وجود صلة بين التطعيم والتهاب عضلة القلب.
من جهته سبق لمعهد "بول إيرليخ" الألماني أن نشر البيانات التالية: حتى 30 سبتمبر/ أيلول 2021 تم إعطاء 92 مليون جرعة من لقاحات بيونتيك/ فايزر وموديرنا في عموم ألمانيا. ولم يتم الإبلاغ إلا عن ما مجموعه 1.243 حالة التهاب لعضلة القلب بغض النظر عن العلاقة السببية المحتملة أو المفترضة مع التطعيم. واتضح أن معدل الحالات كان الأعلى بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عامًا والشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا.
أما الدراسة الأمريكية المشار إليها أعلاه والتي أجرتها جمعية القلب الأمريكية، فأظهرت أن معظم الشباب الذين تقل أعمارهم عن 21 عامًا والذين يصابون بالتهاب عضلة القلب بعد التطعيم يكون لديهم مسار معتدل للمرض ويتعافون منه بسرعة نسبيًا. واستندت الدراسة لبيانات من 26 عيادة طبية للأطفال في الولايات المتحدة وكندا. وقد تشير الأعراض التالية إلى التهاب في عضلة القلب: ضغط على الصدر، ألم أو حرقة في الصدر، ضيق في التنفس، خفقان سريع في دقات قلب، شعور بإرهاق غير مبرر، ضعف جسدي. ولا توجد توصيات موحدة لعلاج التهاب عضلة القلب. وفي حال مسار عادي للمرض، فالشيء الأكثر أهمية هو الراحة والاسترخاء. وفي الحالات الشديدة يتم اللجوء إلى الأدوية. وعادةً ما تتم متابعة المرضى من قبل الطبيب لمدة اثني عشر شهرًا.
غالبية الإصابات الجديدة تشمل غير الملقحين
في ألمانيا تبلغ نسبة غير الملقحين في الإصابات الجديدة بفيروس كورونا تسعة من كل عشرة إصابات. هذه نتيجة دراسة نموذجية جديدة أجرتها جامعة هومبولت في برلين. إذ تصل نسبة غير الملقحين إلى 91 بالمائة، وفقًا لنتائج الدراسة. وهذا يعني أن غير المحصنين (ثلث سكان ألمانيا) يعملون على انتشار العدوى أكثر من غيرهم وإلى حد كبير.
وبهذا الصدد أوضح الدكتور بن ماير، خبير انتشار الأمراض المعدية في جامعة هومبولت وأحد المشرفين على الدراسة، أن حوالي 10 إلى 15 بالمائة فقط من الحالات هي التي يصيب فيها مُلقح شخصًا آخر مُلقح. فالأشخاص الملقحين لديهم مخاطر أقل للإصابة بشكل عام. ويمكن أن تختلف درجة الحماية تبعًا للعمر واللقاح والفاصل الزمني بين التطعيم، ولكن الأشخاص الذين تم تطعيمهم يتمتعون عمومًا بحماية أفضل بكثير مقارنة مع الأشخاص غير الملقحين. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأشخاص الذين تم تطعيمهم يلتزمون بشكل أفضل بإجراءات النظافة على الرغم من تلقيحهم، وفقًا لماير. قد تكون مدة وشدة مرحلة المرض المعدي أيضًا أقل لدى الأشخاص الذين تم تلقيحهم، وفقا لماير. ويستنتج من هذا أن هناك عبء انتقال أقل بشكل عام لاختراقات التطعيم للأشخاص الذين تم تلقيحهم.
عالم العمل ـ ما يتوقعه الخبراء في عهد ما بعد كورونا
يناقش الخبراء منذ عامين، كيف ستغير جائحة كورونا عالم العمل. وتختلف الآراء بهذا الشأن بشكل كبير. وتتراوح بين من يعتقد أن عالم العمل سيكون مختلفًا جذريًا بعد الجائحة، ومن يرى أن كل شيء سيظل كما كان عليه قبل الوباء. وبهذا الصدد تجري جوزفين هوفمان وفريقها من الباحثين من معهد فراونهوفر للهندسة الصناعية استطلاعات منتظمة شملت مديري الموارد البشرية لدى الشركات مختلفة الخجم خلال الأشهر القليلة الماضية.
الاستطلاع الأخير كشف بعض الأفكار المثيرة للغاية. وأولى الأسئلة المطروحة تتعلق بأماكن العمل في المستقبل. قبل الجائحة، كانت امكانية العمل خارج الشركة متاحة لعدد قليل جدا من الأشخاص. ومع ذلك، وعلى مدى السنوات الثلاث المقبلة، ووفقًا لمديري الموارد البشرية الذين شملهم الاستطلاع، ستصبح هذه الإمكانية متاحة لدى الغالبية العظمى من الشركات. ومن المثير للاهتمام أن هذا التطور سيقتصر على أماكن العمل داخل البلاد. أما العمل من خارج ألمانيا، فكان أمرًا نادرًا قبل انتشار الوباء ومن المتوقع أن يظل كذلك بعد انتهائه. وبهذا الشأن أوضحت جوزفين هوفمان أن أحد الأسباب الرئيسية تكمن في المتطلبات والقيود القانونية.
واستطردت هوفمان أن التغييرات ستشمل أيضا أساليب القيادة والتنظيم. حيث سيضطر الموظفون إلى تنظيم أنفسهم بشكل أكبر وتحمل المزيد من المسؤولية الشخصية كضرورة نشأت بفعل التحول المفاجئ من العمل بالمكتب إلى البيت. إن تعزيز التنظيم الذاتي والمسؤولية الشخصية للموظفين سيصبح عاملا أساسيا، وسيضطر المدير إلى الانتقال من وظيفة "القائد" المقرر إلى "المدرب" الملهم، رغم أن واحدا من كل سبعة من مديري الموارد البشرية في الشركات التي شملها الاستطلاع، أكدوا أنه حتى قبل الوباء، كانت القرارات تُتخذ بشكل مستقل وذاتي التنظيم وأن المديرين كانت وظيفتهم داعمة بالأساس ليس إلا. ومن المتوقع أن تذهب معظم الشركات في هذا الاتجاه خلال السنوات الثلاثة المقبلة. ومن المتوقع أيضا أن يكون قياس الأداء بشكل أكبر من حيث النتائج وبشكل أقل على أساس ساعات العمل.
حسن زنيند