كتاب: تقارير من ألف سنة وسنة من الأسفار إلى إسرائيل وفلسطين
١٦ سبتمبر ٢٠١٢
تقول بوتارفيك في لقاء مع DW " التقارير التي كتبتها عن أسفاري إلى فلسطين وإسرائيل، كنت أٌرسلها إلى الأصدقاء عن طريق البريد الإليكتروني. وشجعني العديد من الذين قرأوا تلك التقارير على نشرها في كتاب". ويعتبر عام 1967 مرحلة مهمة في علاقة الكاتبة بالأراضي المقدسة، بعد أن قررت الإستقرار في فلسطين وإسرائيل لمدة عام لأهداف علمية وأكاديمية. لكن ذلك المقام غير من نظرتها إلى المنطقة كباحثة في علم الأديان وأصبحت تهتم أكثر بالجانب الإنساني والحقوقي للناس في المنطقة.
مبادرات السلام الوجه الإيجابي للحروب!
في تقديمهما للكتاب أشار كل من الدكتورة روني هامرمان، من المنظمة الإسرائيلية للدفاع عن حقوق النساء "لا للحواجز"، وحكيم عبد الهادي، الصحفي والكاتب الفلسطيني المقيم بألمانيا، إلى أهمية الكتاب ودوره في بناء جسور الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفضح كل التجاوزات اللاإنسانية من الجانبين. كما ركز هامرمان وعبد الهادي على التذكير بالرصيد الحقوقي للكاتبة أناليزه بوتارفيك.
وتقول روني هامرمان عن مؤلفة الكتاب "تعتبر الكاتبة أناليزه بوتارفيك من بين الألمان القلائل الذين أعرفهم والذين، بالإضافة إلى اعترافهم بمعاناة الفلسطينيين سواء في الأراضي الفلسطينية أو داخل إسرائيل، لديهم تفهم للمأزق الذي يوجد في يهود إسرائيل". {صفحة 5}. وأما حكيم عبد الهادي فيرى أن "الحروب لها أوجه إيجابية وسلبية كذلك.. ويتجلى الجانب الإيجابي في ظهور ناشطي سلام في كلا الجانبين لمساعدة المتضررين من تلك الحروب" { صفحة 135}. ويشيد حكيم بـ "السعادة التي تغمر أناليزه بوتارفيك لجمع أكبرعدد من الفلسطينيين واليهود في بيتها بكولونيا لتبادل أطراف الحديث حول مختلف المواضيع التي تهم عملية السلام بالشرق الأوسط" { صفحة 135}.
بوتارفيك: "لا لسياسة التفرقة"...
في أحد فصول الكتاب تروي بوتارفيك كيف تُفاجئ كل مرة تزور فيها إسرائيل وفلسطين بتزايد حدة التفرقة بينهما من خلال سياسة بناء الحواجز، مما يعقد عملية التنقل ويزيد من بعد الناس عن بعضهم البعض. لكن رغم كل سياسات التفرقة فالمبادرات لمد جسور الحوار تكسر حواجز الحصار. وتعطي الكاتبة مجموعة من الأمثلة لمبادرات تقودها ناشطات سلام من كلا الجانبين لتحقيق التعايش بين الفلسطينيين واليهود. كما تصف بوتارفيك من خلال زياراتها المتكررة لمخيمات اللاجئين كل صغيرة وكبيرة تسجلها عيناها أو تسمعها مباشرة من اللاجئين. لكل لاجئ قصة، حلم، كابوس وأمل في غد مشرق للأجيال القادمة.
نساء من أجل السلام
من بين الحوافز التي تدفع بوتارفيك إلى السفر بانتظام إلى الأراضي المقدسة اتفاقية شراكة مع "منظمة حاخامات من أجل السلام" التي تسعى إلى إنشاء مشاريع نسائية في الأراضي الفلسطينية والإسرائيلية، متحدية المشاهد المرعبة التي تعرفها المنطقة من وقت لآخر، كالانفجارات، وإطلاق الصواريخ، والإهانات وغيرها. في هذا الصدد تكتب بوتارفيك "ركبنا حافلة يقودها سائق فلسطيني وعند دخولنا إلى إحدى القرى حيانا أطفال المدرسة الذين تملكهم الفضول نحونا. تم استقبالنا في غرفة كبيرة للمسجد واستمعنا إلى معاناة أهل القرية من كبار شخصياتها...لقد شعرت بالارتياح الكبير الذي شعر به رجال القرية لأنهم وجدوا من يُنصت لأحاديثهم الصادرة من أعماق قلوبهم... وزعنا أوراقا وطلبنا من السكان أن يكتبوا عليها أمنياتهم... جمعنا الأوراق وغادرنا المسجد صوب مدخل القرية لنبدأ عملية غرس الأشجار في أرجاء القرية" {صفحة17ـ18}.
تختار بوتارفيك كلماتها وعباراتها بعناية فائقة وهذا يُظهر وعيها بأهمية عملية السلام في المنطقة وينُم عن فهم كبير للثقافتين العربية الإسلامية والثقافة العبرية اليهودية، مُستثمرة معارفها الأكاديمية ورصيدها الحقوقي والديموقراطي في ألمانيا. وهي زائرة يقظة تختلف نظرتها للأمور على نظرة السياح العابرين.