كان 2006 .. السعفة الذهبية لكين لوتش و "رجال بو شارب" أفضل الممثلين
٢٩ مايو ٢٠٠٦حين بدأ النقاد السينمائيون في الأسبوعين الماضيين بنقل أخبار الدورة التاسعة والخمسين لمهرجان كان السينمائي ورفع أسهم فيلم على حساب آخر والتكهن تارة بأن السعفة الذهبية ستذهب في هذا العام إلى اسبانيا وتارة أخرى إلى المكسيك، نسي معظمهم أن لجان التحكيم معروفة في بعض الأحيان بعدم تطابق أحكامها مع أذواق جمهور الفن السابع ومن المحتمل أن تعلن عن نتائج مخالفة لجميع التوقعات والمعايير. (حدث هذا في دورات سابقة، سواء في كان أو في البندقية أو في برلين). وبالفعل، فاجأت لجنة التحكيم التي ترأسها في هذا العام المخرج الصيني وصاحب أيقونتي "2046" و"في مزاج الحب" ونغ كار واي مساء أمس المراقبين والنقاد، مانحة مخرج الأفلام الاجتماعية والإنسانية وصاحب الأفلام الملتزمة البريطاني كين لوتش السعفة الذهبية عن فيلمه "الريح التي تهز الشعير". ويلقي كين لوتش وهو من أكثر المخرجين البريطانيين احتراما ونشاطا في المجالين الاجتماعي والإنساني من خلال فيلمه الدرامي نظرة عميقة على نضال الجمهوريين الإيرلنديين في عام 1919 ضد بريطانيا. ولا شك أن الفيلم جاء امتدادا لنشاط لوتش الاجتماعي وتأكيدا على أسلوبه الدقيق والمتقن في صناعة السينما، ولكن أيضا فصلا جديدا في تناوله لقضايا إنسانية ملتزمة بدرجة عالية من الحرفية والإتقان. ولم تأت هذه النتائج، رغم أنها والحق يقال، لم تكن مزعجة، لم تأت لتفاجئ مراقبي الفن السابع فحسب، بل أيضا لتكون بمثابة خيبة أمل لمخرج انتظرنا إطلالته بفارغ الصبر بعد غياب طويل وهو الاسباني بيدرو ألمودوفار الذي قدم تحفة نسائية جديدة هي "فولفير" (عودة) ......
فاكتفى بجائزة السيناريو...
واستطعن بطلات فيلمه وعلى رأسهن بينيلوبي كروز، ولكن أيضا كارمين ماورا ولولا دوناس وبلانكا بورتيرو الفوز بجائزة أفضل دور نسائي. أما هو فقد حصل على جائزة أفضل سيناريو. ويدور الشريط الجديد لألمودوفار الذي سبق له وأن قدم أفلاما حصلت على استحسان المهتمين مثل "كل شيء عن أمي" و"تحدث إليها" و"نساء على حافة الانهيار العصبي"، يدور حول رايموندا (بينيلوبي كروز) التي تعيش في مدريد وتمارس عملا شاقا وتعيل زوجا عاطلا عن العمل وابنة في سن السادسة عشرة. إذا، هذه هي حصيلة ألمودوفار في دورة هذا العام. أما جائزة الإخراج فإنها كانت من نصيب المكسيكي أليخاندرو كوساليس إيناريتو عن فيلم "بابل" الذي جاء من أعمق أفلام المهرجان وأكثرها حساسية. ويبدأ الفيلم الناطق في بعض مقاطعه بالعربية بطلقة رصاص طائشة في جبال المغرب تقود بأبطاله إلى أحداث متداخلة ومتسارعة في أربع دول هي المغرب والمكسيك واليابان والولايات المتحدة. أما جائزة لجنة التحكيم الكبرى فقد حصل عليها في هذا العام المخرج الفرنسي برونو دومون عن فيلم "فلندر". ويتحدث الفيلم السياسي العنيف عن مجموعة من الجنود الفرنسيين الذي يتوجهون إلى الحرب اندلعت في بلاد بعيدة دون تحديد اسم هذا البلد. وفي حين حصدن "نساء ألمودزفار" جائزة أفضل دور نسائي، ذهبت جائزة أفضل دور رجالي إلى "رجال بو شارب" أبطال فيلم المخرج الجزائري رشيد بو شارب (سامي نصيري، سامي بوعجيلة ورشدي زيم وجمال دبوس) عن فيلم "سكان أصليون".
بو شارب وتصفية الحساب
ويسرد الفيلم قصة أربعة شباب من الريف المغربي وهم سعيد وعبد القادر ومسعود وياسر ودورهم في تحرير فرنسا من النازيين. وبعد الانخراط في الجيش الفرنسي، يتم نشرهم في الأراضي الإيطالية، حيث تقع على عاتقهم المشاركة في محاربة الجيش النازي الألماني. وبطريقة ساخرة، يلقي المخرج الجزائري الذي يقيم في باريس نظرة ثاقبة على عنصرية بعض الضباط في الجيش الفرنسي كممارسات التفريق في توزيع وجبات الطعام. وبطريقة لبقة، يمزج المخرج بين لقطات الفيلم وموسيقى الشاب خالد التي كانت تصدح كلما سقط جندي عربي في ساحة الحرب. المخرج بو شارب قدم فيما دراميا استطاع من خلاله على الطريقة الهوليوودية فتح أبواب أحد فصول التاريخ الفرنسي المنسي وتفجير أسئلة كثيرة تجاهلها الرأي العام الفرنسي.
ناصر جبارة