كارثة المجاعة في النيجر تزداد تفاقما
٦ أغسطس ٢٠٠٥
أكثر من ثلاثة ملايين نيجري أنهكتهم المجاعة من بينهم حوالي 8 آلاف طفل لم يبلغوا سن الخامسة ويلاقون ويلات الجوع والمرض وسوء التغذية. وتتفاقم المشكلة يوميا، فقد سجلت منذ أواسط شهر يوليو/ تموز فقط ما يزيد عن 15ألف حالة سوء تغذية معظمهم من الأطفال والرضع. وتسببت المجاعة والجفاف في نفاد أعداد كبيرة من الماشية، كما أن مواسم الحصاد الفقيرة والتي لم تسلم من هجوم الجراد جعلت من إمكانية توفر المواد الغذائية عملية بالغة الصعوبة، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف إلى المدن والبلدات الكبيرة بحثا عن الطعام. وتعتبر منطقة مارادي الأكثر تضررا، ففيها يهدد خطر الموت جوعا والمرض أكثر من 400 ألف طفل. ويقول الأطباء إن نسبة الأمراض المعدية ازدادت ارتفاعا في الآونة الأخيرة، ولأن أغلب المصابين يعانون نقص التغذية الشديد، فان جهاز المناعة لديهم يفقد القدرة على مواجهة الأمراض
غياب السدود المائية فاقم ألازمة
وفي بلد مثل النيجر، حيث يعيش أكثر من ستين بالمائة من السكان تحت وطأة الفقر ولا تتجاوز نسبة التعليم المدرسي فيه أكثر من ثلاثين بالمائة، تعتبر المساعدات عاملا رئيسيا بالنسبة لعدد كبير من السكان، وذلك من أجل البقاء على قيد الحياة. وتعتبر الزراعة المصدر الوحيد تقريبا. ويعد عدم وجود أية سدود على نهر النيجر مشكلة المشاكل، فباستثناء بعض الحواجز المائية البسيطة لا تتوفر الإمكانيات المالية لإنشاء سدود ضخمة لسد الحاجات المائية لهذا البلد الزراعي، فبمجرد أن تشح السماء يصبح البلد على حافة المجاعة
تحذير من الأسوأ
ويقول الخبراء إن الأزمة الحالية هي الأسوأ منذ عشرين عاما للنيجر ثاني أفقر دولة في العالم، إذ صنفتها الأمم المتحدة في المرتبة ما قبل الأخيرة من مجموع 174 دولة. ومشكلة الجوع ليست جديدة في النيجر والأزمة الحالية لم تأت من فراغ، ففي أكتوبر الماضي أطلقت تحذيرات من عدة جهات حول احتمال حدوث مجاعة إذا لم تتخذ أية إجراءات تحول دون ذلك. وكان يان ايجلاند وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية قد طالب المجموعة الدولية في وقت سابق بسرعة العمل على إرسال تبرعات للحيلولة دون تفشي المجاعة في النيجر. وانتقد المسؤول قلة المساعدات، قائلا إنه لو بادرت المجموعة الدولية بتقديم التبرعات العام الماضي لكان المبلغ المطلوب هو دولار واحد لكل فرد من أجل القضاء على سوء التغذية. أما الآن وبسبب الاستجابة المتأخرة فقد ارتفعت هذه التكلفة إلى 80 دولار للفرد، مما زاد الأمور تعقيدا
قوانين التجارة الجائرة
ويبدوا أن العالم الغني قد بخل بأمواله كما بخل بقراراته، فبدلا من سن قوانين لمساعدة الدول الفقيرة في تسويق منتجاتها بحرية أكبر، لا تزال الضرائب والجمارك المفروضة من الدول الغنية تقتطع القسم الأكبر من الأرباح. وبينما يتمتع المزارع الأوروبي بدعم سنويي يزيد عن 12 ألف دولار، لا يتعدى الدعم السنوي الموجه للمزارع في أفريقيا الستة دولارات للفرد. وإذا لم يتخل العالم الغني عن أنانيته لصالح الدول الفقيرة من خلال مرونة أكبر في عمليات التبادل التجاري ورفع الضرائب عن منتوجات الدول الفقيرة، فإنه لا يوجد سبب للاستغراب من كيفية تحول دول زراعية مثل النيجر إلى أرض للمجاعات وكيف يموت الناس في نصف العالم من التخمة ويموت الآخرون في نصفه الآخر من الجوع
تقرير: علاء جمعة