كاترينا مومزن: البحث عن الأسرار المشرقية لدى غوته
تعد كاترينا مومزن، وهي مختصة باللغة والأدب الألمانيين، من الرائدين في تناول العلاقة بين غوته والعالم الإسلامي وتأثر غوته بسحر المشرق الذي طغى على حياته وبعض من أعماله. فقد أعدت كما هائلا من الدراسات التي تتناول هذا الجانب في أدب غوته. احتفلت مومزن قبل أسابيع في 18 أيلول/سبتمبر الماضي بعيد ميلادها الثمانين. وقد بدأ مشوارها الطويل بدراستها الأولى، بعنوان "غوته وألف ليلة وليلة" التي حملت بين طياتها شحنة ثقافية كبيرة تتمتع حتى اليوم براهنية ساحرة.
تأثيرات الشرق
اهتمت مومزن في أعمالها أن تضع القارئ بصورة مفاجئة أمام نتائج كثيرة خالية من الانحياز والأحكام المسبقة، بالشكل الذي يفتح أمامه آفاق جديدة للتأمل. تخلص مومزن في الكثير من أعمالها إلى أن غوته ما كان له أن يصل لما وصل إليه لولا المشرق. الذي تعلق به غوته من نعومة أظافره عندما قرأ "ألف ليلة وليلة" التي أعاد قراءتها حتى آخر سني حياته.
وفي كتابها الأكثر شهرة "غوته والعالم العربي" الذي ترجم إلى لغات عدة توضح مومزن هذه العلاقة التي تمتد من بغداد وشهرزادها إلى غوته العاشق. فتناولت مومزن في دراساتها ديوان غوته "الديوان الشرقي الغربي" الذي تظهر فيه هذه اهتمامات غوته بالمشرق أدبه وشعره والذي أتبث إطلاع غوته الكبير على الإسلام والأدب العربي. تجمع موزمن كل الجوانب المتعلقة في اهتمام غوته بالشرق لتفسرها فيما بعد ابتداء من إعجاب غوته الفتي بشخص النبي محمد حتى انشغاله بالديوان الذي لم يكف حتى سنوات الأخيرة من حياته.
السجيََََة الشهرزادية
إن مومزن لا تدرس هذه التأثيرات التي نتجت عن اهتمام غوته بالمشرق في قصائد ديوانه الشرقي- الغربي فحسب، بل إنها تدرسها في مجمل أعماله الأخرى، من بواكير مسرحياته الشعرية التي تعود إلى الستينات من القرن الثامن عشر حتى مسرحية "فاوست الثاني"التي كتبها في أواخر حياته في الثلاثينات من القرن التاسع عشر.
مومزن تتحدث في دراساتها عن "السجيّة الشهرزادية" لغوته، وهو التعبير الذي صكته لتشير إلى الموهبة التي يتمتع بها غوته وتمكنه من ابتكار وتطوير الأقاصيص على طريقة شهرزاد. تعد هذه السجية العنصر الجوهري إن لم نقل المحدِّد في ذلك الطابع الأخاذ الذي يتمتع براهنية ما زالت تحتفظ به نصوص غوته حتى اليوم.
تنطوي مؤلفات مومزن لذلك على حجج تدعم الرأي القائل بأنه ما كان لشاعر ألمانيا الأكبر ومن ورائه مجمل النهضة الأدبية الألمانية للقرن الثامن عشر أن يكونا على ما كانا عليه من دون العالم المشرقي.
ترجمات مؤلفاتها إلى العربية
اهتم الكثير من النقاد والقراء العرب بمؤلفاتها، الأمر الذي انعكس في ترجمة بعض من أعمالها إلى العربية. ومن هذه الأعمال المترجمة نذكر: "غوته والعالم العربي" الذي ترجمه الدكتور ترجمة الدكتور عدنان عباس علي وراجعه الدكتور عبد الغفار مكاوي. وقد صدر الكتاب عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية. كما ترجم الدكتور أحمد الحمو كتابها الأخر "غوته وألف ليلة وليلة" ونشر في دمشق عام 1980. مرد هذا الاهتمام يرجع إلى طريقة مومزن الحيادية في سبر اغوار هذا التأثر الذي قد يكون بلغ أوجه في أحدى قصائد غوته القصيرة التي يقول فيها:
الشرق لله
والغرب لله
أرض الشمال وأرض الجنوب
تسلمان بيد الرحمن
دويتشه فيله