كأس الأمم الأوروبية في بولندا وأوكرانيا ـ محرك اقتصادي
١١ يونيو ٢٠١٢قال مدرب كرة القدم الألماني أوتو ريهاغل ذات مرة: " المهم في كرة القدم هو ما يحصل في الملعب، ما عدا ذلك فهو ثانوي". لكن هذه الحكمة القديمة عند لاعبي كرة القدم لا تنطبق على الاقتصاد، فبالنسبة للمقاولات ورجال الأعمال ما يقع على أرضية الملعب ليس بدرجة كبيرة من الأهمية.
منذ سنوات ُيكرس ماركوس كورشايدت، الباحث في مجال اقتصاد الرياضة في جامعة بيروت، جزءا من أبحاثه للعلاقة بين الرياضة وتأثيرها على الاقتصاد، إذ يقول بأنه "قلما توجد دراسات علمية تؤكد وجود تأثير جوهري على الاقتصاد العام". ويضيف في هذا السياق بأن "كرة القدم لها تأثير على حركة النمو الاقتصادي، غير أنها تبقى ضعيفة، خلافا للتوقعات".ويعطي كورشايدت مثالا على ذلك ببطولة كأس العالم التي استضافتها ألمانيا عام 2006. وأشار إلى أن عائداتها لدى أصحاب الحانات وشركات النقل والتجار لم تحقق سوى 0،13 % كنسبة إضافية في إجمالي الناتج المحلي. ويشرح هذا الخبير هذا التطور بقوله إن ما استثمرته ألمانيا في مستلزمات التشجيع الرياضي والمشروبات والتذاكر، شهد تقشفا في مجالات أخرى، موضحا أن الربح المادي يتم في مجالات أخرى. ويقول إن الزوار الأجانب هم الذين يأتون بالأموال إلى داخل البلاد، وذلك هو التأثير الحقيقي للتظاهرات الرياضية الكبيرة في الاقتصاديات الوطنية.
في المقابل لم تسجل الاستثمارات في البنية التحتية إلا مساهمة قليلة في الاقتصاد الوطني. فتشييد طرقات وملاعب جديدة واقتناء حافلات نقل، كلها استثمارات سيتم توظيفها يوما ما. غير أن يورن كيتساو من أحد المصارف الشهيرة بمدينة هامبورغ اعتبر أن تلك الاستثمارات تبقى مفيدة، لأن "تلك النفقات تأتي بمردودها بحكم أن ما تم بناؤه يمكن الاستفادة منه مستقبلا. فإذا تم ترميم مطارات ومحطات قطار أو طرق سريعة، فإن الاقتصاد الوطني يستفيد من ذلك".
ويهتم يورن كيتساو بقضية مدى تأثير المنافسات الكبيرة في كرة القدم على إنعاش الاقتصاد الوطني. ويشير هذا الخبير إلى أن الرفع من قوة الاستهلاك أو تشييد البنا التحتية لا تأتي في مقدمة الأولويات ، ويقول إن "الفائدة البارزة بالنسبة إلى الاقتصاد المحلي تتمثل في أن تعرض الدول المضيفة نفسها على العالم ، وتتمكن من الدعاية لبلدانها. وهذا يأتي بمفعوله الايجابي على مستوى الثقة في البلد المعني والتعامل معه تجاريا". ويبقى ذلك بالطبع رهنا بالمجرى الآمن للمنافسات الرياضية وتنظيمها المحكم، وعليه يمكن لبولندا وأوكرانيا، كما يقول الخبير المالي من هامبورغ أن تستفيدان من بطولة كأس الأمم الأوروبية، لأن المشجعين الأجانب قد يعودوا ربما إلى البلدين كسياح أو مستثمرين.
وحتى سوق الأسهم المالية تتأثر بنتائج مباريات بطولات كرة القدم. فإذا ُأقصي فريق ما من المنافسة، فغالبا ما تنخفض أسعار الأسهم في بلد الفريق. فالأجواء السائدة في البلد تكون سيئة، وكذلك هو الشأن بالنسبة إلى المضاربين. والملفت للانتباه هو أن سعر الأسهم لا يرتفع عندما يفوز الفريق، لأن التجار يفسرون ذلك بأنه سوى خطوة صغيرة نحو الفوز بالبطولة، وقد يقصى الفريق من المنافسة. فقط عندما يفوز الفريق في المباراة النهائية يرتفع مستوى النشوة ومعه أسعار الأسهم، كما يلاحظ الخبراء.
ميشائيل هارتليب/ عبد الرحمان عمار
مراجعة: محمد المزياني