كأس أمم أوروبا: الفضائح تلقي بظلالها على المنتخب البولندي
٣ يونيو ٢٠١٢بالرغم من توفر المنتخب البولندي على طاقات كروية فردية واعدة ولاعبين موهوبين، إلا أن الفريق يفتقد لروح الجماعة، و ذلك لأن غالبية اللاعبين يمارسون في بطولات أوربية وعالمية مختلفة. فـ 18 لاعب من المنتخب البولندي يمارسون في بطولات أجنبية، وعلى رأسهم حارس المرمى" لوكاس فابيانسكي" واللاعب "فويتشيش ستسينزي"، الذين يلعبان للنادي الإنجليزي العريق أرسنال.
ولكن البطولة الألمانية "البوندسليغا" تبقى الوجهة الكبرى للاعبين البولنديين، حيث يلعب الكثير من المحترفين، خاصة في فريق بروسيا دورتموند ، الحائز على لقب البطولة والكأس لهذه السنة. وقد لعب الهداف" روبيرت ليفاندوفسكي" صحبة ثلاثة لاعبين بولندين آخرين دورا مهما في تحقيق هذا الإنجاز الكروي التاريخي ، حتى أصبح نادي دورتموند يلقب أيضا بـ" بولندا دورتموند".
ويمارس لاعبون بولنديون آخرون في فرق مختلفة في الدوري الألماني والبطولات الأوربية الكبرى.
استعانة المدرب البولندي باللاعبين الذين يمارسون في البطولات الأوربية راجع بالدرجة الأولى إلى ضعف الأندية البولندية. هذا في وقت يحتل فيه المنتخب البولندي المرتبة العشرين، حسب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. الشيء يعتبره بعض البولنديين حافزا و نجاحا نسبيا، فهو أحسن تصنيف للفريق منذ تسع سنوات.
الرشوة والفساد لها تاريخ في كرة القدم البولندية
ويرجع حارس المرمى البولندي السابق "يان طاماسفيسكي" مسؤولية تدني مستوى الأندية البولندية إلى الجامعة البولنية:" الجامعة يقودها أناس ، جعلوا كرة القدم البولندية تنزل إلى الحضيض."
طوماسيفسكي اشتهر بـ" الرجل الذي أوقف الإنجليز." وذلك في سنة 1973 في ملعب ويمبلي الشهير في إطار لقاء التأهل الحاسم لبطولة العالم التي أجريت في ألمانيا. ولعب في هذا المنتخب الذهبي صحبة رئيس الجامعة البولندية لكرة القدم الحالي "غريتسغورس لااتو" ولكن علاقة الصداقة بينهما لم تعد قائمة.
وحتى بالنسبة لأنصار كرة القدم فإن لاتو أصبح منذ سنوات شخصية مثيرة للجدل، وخاصة بعد أن نشرت وسائل الإعلام البولندية تسجيلات صوتية له في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2011. وهي عبارة عن حوار مثير للشكوك بين لااتو والأمين العام للجامعة البولندية " زديتسلاف كريسينا" يتناقشان فيه حول إمكانية إقامة بناية جديدة داخل الجامعة. وكرد فعل على هذا الاتهامات بالفساد والرشوة تدخلت وزيرة الرياضة البولندية "جووانا موشا" و لجنة مكافحة الفساد والرشوة من أجل التحقيق في هذا الممارسات.
ولكن لاتو ينفي جميع الاتهامات، ورفع دعوى قضائية مضادة بسبب تشويه سمعته.
هذه الفضيحة لم تمر مرور الكرام بل كان لها عواقب أيضا، حيث تمت إقالة الأمين العام للجامعة "تسفيتسكاو كريسينا"، في حين احتفظ لاتو بمنصبه كرئيس، وذلك رغم تصاعد احتجاجات أنصار كرة القدم البولنديين.
التلاعب بنتائج المباريات
ولكن أكبر فضيحة عاشتها كرة القدم البولندية كانت سنة 2008، حيث تم التلاعب بنتائج مباريات الدوري الممتاز وتوزيع الرخص. هذه التلاعبات التي كشف عنها " بيوتر زيوروفيتش" الرئيس السابق لنادي " كاتوفيسي"، الذي أبلغ الشرطة بالتزوير والتلاعب في لقاء جمع بين فريقي " بولار فروكلاو" و" زاكليبي لوبيين". هذا الأخير كان يلعب له لوكاس بشيك ، مدافع فريق بروسيا دورتموند، والذي كان قد اعترف في صيف 2008 بأنه فريقه اشترى الفوز بمبلغ 25 ألف يورو من نادي "كراكاو" ، من أجل ضمان المشاركة في منافسات كأس أبطال أوروبا.
وهذه الفضيحة لا تعتبر استثناءا داخل أندية كرة القدم البولندية، فالمدعي العام كان قد فتح تحقيقا ضد 17 ناديا من الدوري البولندي الممتاز، و 6 أندية فقط أعفيت من الاتهامات بالرشوة والفساد. وأما الأندية التي ثبت تورطها في هذه الفضائح فقد تم معاقبتها بالنزول إلى درجة أسفل، ولكن تم إعفاؤها بعد ذلك لينحصر العقاب على نقص بعض النقط وغرامات مالية.
وحتى لاعب دورتموند "بيشتشيك" كان قد أدين بسنة حبس غير نافدة وغرامة مالية قدرها 37 ألف يورو، إلا أنه لم يحرم من اللعب للمنتخب الوطني . وهذا ما يؤكده مدرب المنتخب البولندي " فرانشيستسيك سمودا" :" كل شخص يستحق فرصة ثانية."، الشيء الذي يشاطره أنصار المنتخب أيضا.
ويجدر الإشارة هنا إلى أن سمودا كان مدربا لنادي :" زاكليبي" الذي كان متورطا في الفضيحة الكبرى سنة 2008.
"فضيحة النسر" .. النقطة التي أفاضت الكأس
بالإضافة إلى فضائح الرشوة والفساد داخل الأندية يبقى تورط بعض الاعبين في الإفراط في شرب الخمر محل نقاش المتتبعين أيضا، خاصة أن بعض اللاعبين لم يتعرضوا لأية معاقبة إثر ذلك، وهذا ما يجعل المجتمع البولندي منقسما في هذا الإطار. ففي الوقت الذي يريد فيه البعض إنهاء هذا النقاش بكامله والتركيز على الاستعداد للمنافسات الأوربية القادمة ، يطالب الآخرون بإجراءات صارمة ضد الفاعلين داخل الجامعة، وتجديد أعضائها ومنهجيتها وإعادة هيكلتها.
ولكن النقطة التي أفاضت الكأس وأثارت غضب الشارع البولوني ، كانت ما يمسى بـ " فضيحة النسر." وحدث ذلك في خريف 2011 حيث قررت الجامعة البولندية إزالة شعار الدولة "النسر" من قمصان اللاعبين وتعويضه برمز الجامعة البولندية لكرة القدم لأسباب تسويقية محضة. وهذا ما أثار غضب الشارع البولندي، ولكن سرعان ما قدم رئيس الجامعة لاتو اعتذارا رسميا وتم إرجاع النسر الأبيض ليعلو في البذلة الرياضية للاعبين وقمصانهم.
أمين بنضريف/ ستاسيك إلزبييتا
مراجعة: هبة الله إسماعيل