قطع الإنترنت وبطش أمني .. هل تتكرر "مجازر" 2019 في إيران؟
٢٣ سبتمبر ٢٠٢٢أدت وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني (22 عاما)، أثناء اعتقالها من قبل"شرطة الأخلاق"؛ بسبب ما يعتقد عدم ارتدائها للحجاب بشكل صحيح، أدى إلى اندلاع موجة احتجاجات واسعة في مختلف أنحاء إيران.
والوضع متوتر منذ ذلك في إيران، وحسب السلطات الرسمية فإن خمسة أشخاص على الأقل قتلوا في المظاهرات خلال الأيام الأخيرة بينهم شرطي وأحد عناصر الميليشيا التابعة للحكومة. في حين أشارت وسائل إعلام رسمية إيرانية يوم الخميس (22 أيلول/ سبتمبر ) إلى مقتل 17 شخصا بينهم عناصر أمن، بينما ذكر مركز حقوق الإنسان في إيران (ICHRI) الذي يتخذ من نيويورك مقرا له أن عدد قتلى الاحتجاجات ارتفع الى 36، مشيرا إلى تواصل الاحتجاجات في مدن عدة.
وقال الحقوقي الكردي ريبين رحماني لـ DW: "في محافظة كردستان وحدها عدد قتلى المظاهرات أعلى من الأرقام الرسمية التي تشمل كل أنحاء إيران".
ريبين رحماني ينشط في لندن ضمن شبكة كردية للدفاع عن حقوق الإنسان. ومهسا أميني كانت تعيش في مدينة سقز في غربي محافظة كردستان الإيرانية، وقد اندلعت أولى المظاهرات أثناء تشييع جثمانها يوم السبت الماضي (17 أيلول/ سبتمبر). "لدينا أسماء وصور وعناوين ثمانية متظاهرين على الأقل قتلوا أمس برصاص قوات الأمن" يقول رحماني ويضيف لـ DW: "في محافظة كردستان تتعامل قوات الأمن بعنف شديد مع المحتجين. إنها تريد قمع الاحتجاجات بسرعة".
"أسوأ من عام 2019"
منذ مساء الخميس تم تقييد شبكة الإنترنت بشكل كبير، وشبكات الموبايل تم "قطعها بشكل كامل تقريبا"، حسب منظمة "نيت بلوكس" (NetBlocks) التي تم تأسيسها عام 2017 لمراقبة حرية الإنترنت. وحتى موقع التواصل الاجتماعي انستغرام، الأوسع انتشارا في إيران والوحيد الذي يمكن الوصول إليه، قد تم تقييده أيضا. وعن ذلك تقول منظمة نيت بلوكس إن "إيران تخضع الآن لأشد قيود الانترنت منذ مجزرة نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2019"، عندما قتل في تلك الاحتجاجات، التي اندلعت إثر رفع سعر البنزين، حوالي 1500 شخص حسب منظمات حقوق الإنسان.
"أخشى أنه ينتظرنا ما هو أسوأ مما عشناه عام 2019"، يقول لـ DW سعيد دهقان، المحامي المدافع عن حقوق الإنسان في طهران، ويضيف متوقعا سيناريو متشائما "لدينا نظام سياسي هو في حرب دائمة مع شعبه وقطع الإنترنت له هدف واضح، وهو أن تواجه الشرطة وقوات الأمن الاحتجاجات وتقمعها بعنف شديد وتئدها، ولا يُسمح للعالم برؤية صور ذلك".
وقد أعربت القائمة بأعمال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، ندى الناشف، عن قلقها "حول موت مهسا أميني في السجن، ورد الفعل العنيف لقوات الأمن على الاحتجاجات التي اندلعت إثر ذلك". وطالبت الناشف يوم الثلاثاء الماضي (20 أيلول/ سبتمبر) بإجراء "تحقيق سريع مستقل وفعال" حول مقتل أميني و"اتهامات التعذيب وسوء المعاملة" التي تُوجه إلى الشرطة.
لكن محامي حقوق الإنسان سعيد دهقان متأكدٌ أن "الحكومة الإيرانية لن تستجيب لذلك" حيث أنها "تنكر كل شيء وتتصرف وكأن شيئا لم يحدث. كما فعل (الرئيس الإيراني إبراهيم) رئيسي في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة".
الرئيس الإيراني يتهم الغرب بالكيل بمكيالين!
وأكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، على حق الشعوب في تقرير مصيرها. وبالنظر إلى مقتل الشابة مهسا أميني، اتهم رئيسي الغرب بـ"الكيل بمكيالين" فيما يتعلق بحقوق المرأة، مشيرا ضمن أمثلة أخرى إلى مقتل نساء الشعوب الأصلية في كندا.
وبالنسبة للكاتبة والناشطة الحقوقية الإيرانية، آزاده بورزاد، المقيمة في لندن، فإن كلمة رئيسي هي محاولة يائسة للادعاء بأن الجمهورية الإسلامية دولة قانون أخطأ الغرب فهمها. وقالت ردا على سؤال لـ DW: "في الحقيقة، رئيسي مجرم خطير هارب. مجرم يختبئ وراء الحصانة الدبلوماسية لرئيس دولة".
وتبرر بورزاد تصريحاتها بالإشارة إلى أن رئيسي مشارك في المسؤولية عن إعدامات جماعية لآلاف المعتقلين السياسيين بين تموز/ يوليو وأيلول/ سبتمبر 1988 حين كان نائب المدعي العام في طهران آنذاك.
وأثناء إلقاء رئيسي لكلمته في نيويورك، تظاهر مئات الإيرانيين أمام مقر الأمم المتحدة مطالبين بالعدالة. بعض المحتجين رفعوا صور مهسا أميني وقد كتب تحتها "رئيسي يحاول أمام الأمم المتحدة أن يبدو كرجل دولة ويدعي أنه ممثل للإيرانيين. وبالتحديد الآن حيث يهتف الناس في كل أنحاء البلاد: الموت للديكتاتور".
شابنام فون هاين/ عارف جابو